نجاح "المهمة رقم 1".. خارطة طريق إماراتية لاستكشاف المريخ
انتهت، الأحد، أول مهمة إماراتية لمحاكاة الفضاء في روسيا، بعد تجارب علمية دامت 8 أشهر.
وغادر رائد محاكاة الفضاء الإماراتي صالح العامري المحطة الأرضية التجريبية المعزولة بموسكو"سيريوس 21"، منهياً بذلك 8 أشهر قضاها بنجاح مع فريق المهمة المكون من 6 رواد محاكاة فضاء أمريكيين وروسيين.
وخرج العامري منهيا أول مهمة إماراتية لمحاكاة الفضاء بنجاح والتي تم تسميتها باسم "المهمة رقم 1" كونها أول مهمة إماراتية لمحاكاة الفضاء، شارك خلالها في إجراء 70 تجربة علمية.
المهمة التي تم تنفيذها في المجمع التجريبي الأرضي بمعهد الأبحاث الطبية والحيوية التابع لأكاديمية العلوم الروسية بموسكو انطلقت في 4 نوفمبر الماضي، واستمرت 240 يوما تم خلالها دراسة آثار العزلة على الإنسان من الناحية النفسية والجسدية وعلى ديناميكيات الفريق للمساعدة في التحضير لمهام استكشاف الفضاء طويلة المدى.
ولكن بعد نجاح مهمة الإمارات "رقم 1" في محاكاة الفضاء ماذا تعني محاكاة الفضاء، وما أهميتها، وكيف ستقود العالم لاستكشاف المريخ؟.
محاكاة الفضاء
محاكاة الفضاء هي اختبارات ميدانية تُجرى في محطة أرضية (كما حدث في المحطة "سيريوس 21"، تتشابه طبيعة بيئتها مع بيئة الفضاء الخارجي، وهذه الاختبارات هي عبارة عن تنفيذ مهمة محددة لاستكشاف الفضاء، لكن على الأرض.
وتمثل مهمات المحاكاة فرصة لاختبار العديد من السيناريوهات التي يمكن أن تحدث في الفضاء، وتُمكن بالتالي من إنشاء دليل مرجعي يساهم في إنجاح مهمات الفضاء الطويلة في المستقبل.
أي أن المحاكاة تستهدف إجراء تجارب محاكاة محورية تضع أسساً لتصميم وتنفيذ مهام فضائية مستقبلية وترسم خارطة طريق لاستكشاف المريخ والكواكب الأخرى.
وتقوم تجارب محاكاة الحياة في الفضاء بدور جوهري في مجال البحث العلمي لفهم هذا القطاع العلمي المختلف.
70 تجربة علمية.. ما أهميتها؟
بجانب الإماراتي صالح العامري ضمّ فريق المهمة 6 رواد محاكاة فضاء أمريكيين وروس أجروا 70 تجربة علمية مقسمة إلى 29 تجربة خاصة في علم النفس ووظائف الأعضاء النفسي، و25 تجربة تتعلق بعلم وظائف الأعضاء.
وضمت المهمة 4 تجارب خاصة بجهاز المناعة، و5 تجارب خاصة بتحويل الغذاء إلى طاقة في الجسم والكيمياء الحيوية وعلم الأحياء الجزيئي، وتجربة متعلقة بالطب عن بُعد، وأخيرًا 6 تجارب خاصة بتعزيز معايير النظافة وعلم الأحياء الدقيقة.
يقوم العلماء بالاستفادة من نتائج هذه التجارب في تطوير آليات خاصة باتخاذ تدابير مضادة تساعد البشر على مواجهة المخاطر التي قد تواجههم في الفضاء، بالإضافة إلى اختبار تقنيات جديدة مصممة للاستخدام في بيئة الفضاء القاسية.
دراسة تأثير العزلة.. لماذا؟
واستهدفت المهمة بشكل خاص دراسة آثار العزلة على الإنسان من الناحية النفسية والجسدية وعلى ديناميكيات الفريق للمساعدة في التحضير لمهام استكشاف الفضاء طويلة المدى.
وترجع أهمية دراسة هذا الأمر إلى أن كافة مهمات استكشاف الفضاء المستقبلية، سواء كانت إلى المريخ أم أي مهمة أخرى، يقضي خلالها أفراد الطاقم فترات طويلة في عزلة داخل منطقة معينة أو داخل المركبة الفضائية، لذلك فإن معرفة تأثير العزلة على الإنسان من الناحيتين النفسية والجسدية، يتيح الاستعداد بشكل أفضل لمهمات استكشاف الفضاء المستقبلية.
مشروع المريخ 2117
ولكن ما أهمية هذا الإنجاز للإمارات؟ تعتبر هذه المهمة الفريدة من نوعها هي أول تجربة تتيح الفرصة أمام الشباب الإماراتي من مختلف المجالات العلمية ليكونوا جزءاً من تجربة محورية لتنفيذ مهام فضائية مستقبلية.
أيضا ستسهم بشكل محوري في تطوير القدرات الوطنية لتنفيذ مشروع "المريخ 2117" الذي يتضمن بناء أول مستوطنة بشرية على سطح الكوكب الأحمر بحلول عام 2117.
ومشروع "المريخ 2117" هو مشروع أعلن عنه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في فبراير/شباط 2017، ويتضمن برنامجا وطنيا لإعداد كوادر علمية بحثية تخصصية إماراتية في مجال استكشاف الكوكب الأحمر ويستهدف في مراحله النهائية بناء أول مستوطنة بشرية على المريخ خلال مائة عام من خلال قيادة تحالفات علمية بحثية دولية لتسريع العمل على الحلم البشري القديم في الوصول لكواكب أخرى.
ويتضمن المشروع مسارات بحثية متوازية تتضمن استكشاف وسائل التنقل والسكن والطاقة والغذاء على الكوكب الأحمر كما يتضمن المشروع البحث في تطوير وسائل أسرع للوصول والعودة من الكوكب الأحمر.
ويتضمن المشروع أيضا وضع تصور علمي متكامل لأول مستوطنة بشرية على الكوكب الأحمر تشكل مدينة صغيرة وكيفية سير الحياة على في هذه المدينة من ناحية التنقل والغذاء والطاقة وغيرها.
وتمثل مهمات المحاكاة أهمية قصوى لمشروع "المريخ 2117"، إذ تستغرق الرحلة من الأرض إلى المريخ 9 أشهر، لذلك تنفذ وكالات الفضاء مهمات المحاكاة لبحث آثار هذه المدة الطويلة على صحة الإنسان لفهم التحديات التي ستواجه مشاريع بناء مستوطنات بشرية على المريخ وأي مشاريع أخرى.
أيضا تساهم المهمة في إنجاح استراتيجية المريخ 2117، من خلال مساهمة الإمارات في الجهود العالمية لتحسين وإثراء تكنولوجيا الفضاء وتقدمها، وتعزيز التعاون العملي الدولي حول استكشاف الكوكب الأحمر وغيره من الأجرام الفضائية إلى جانب تطوير الأفكار والتعاون مع وكالات الفضاء الدولية وتوثيق نتائج البحوث العلمية لهذه المهمة ونقلها للجامعات لتسهيل المهمات المستقبلية في مجال علوم الفضاء والاستفادة من نتائج تجارب هذه المهمة في تطوير آليات خاصة باتخاذ تدابير مضادة تساعد البشر على مواجهة المخاطر التي تواجههم في الفضاء.
إضافة إلى تحفيز الشباب الإماراتي على تعلم تكنولوجيا الفضاء والمسارات المهنية التي تؤدي إلى تطويرها.
كذلك تتسم مهمة محاكاة الحياة في الفضاء بأهميتها البالغة نظرا لتأثيرها الإيجابي في دراسة حيثيات الحفاظ على سلامة رواد الفضاء وصحتهم خلال رحلات استكشاف الفضاء طويلة المدى، وبالتالي فإن أثر هذه المهمة لن يقتصر فقط على مشروع المريخ 2117، بل يمتد أيضا ليشمل برنامج الإمارات لرواد الفضاء، خصوصا في ظل النمو السريع المتواصل لقطاع الفضاء الإماراتي.