"عيد موكا" في اليمن.. عودة لأمجاد زراعة البن بدلا من القات
يحيي اليمنيون في 3 مارس/آذار من كل عام، يومهم الوطني "عيد موكا"، أو كما يصفونه "اليوم الوطني لتشجيع زراعة البن".
والبن هي الشجرة الوطنية التي ارتبطت باليمن منذ مئات السنين.
وعرفت اليمن بتصدير البن أو القهوة، الشهيرة باسم "موكا" نسبة إلى ميناء المخاء التاريخي، الذي كان المسؤول عن تصدير البن إلى بقية أنحاء العالم.
حتى أن أجود أنواع البن وأصنافه الأفضل على مستوى العالم اتخذ من اسم ميناء المخاء عنوانًا له، فأصبح "موكا" المشتق من اسم الميناء ماركة عالمية للبن اليمني الأجود عالميًا.
وينشط العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الثالث من مارس/آذار؛ إحياءً لليوم الوطني للبن اليمني، خاصةً منصة "حراس البن" التي بدأت قبل أيام بنشر أيقونات وتصاميم وشعارات، وإطارات للصور خاصة بالاحتفال بهذا اليوم.
ومنذ الساعات الأولى من الأربعاء، بدأت المنصة بنشر أخبار فعاليات عالمية لتذوق قهوة "موكا"، ينظمها عدد من اليمنيين المغتربين في الخارج.
وقبل مئات السنين، كان البن اليمني المحصول الزراعي الأكثر انتشارًا في البلاد، حتى مقارنةً بنبتة القات، وكان البن أحد مصادر الدخل والإيرادات الرئيسية لليمن قديما منذ القرن الـ15 الميلادي وحتى بداية القرن الـ20.
موكا تتوهج
ورغم منافسة القات، لمحصول البن، نتيجة عوائده المالية الكبيرة، وانحصار مساحات زراعة البن، إلا إن السنوات الأخيرة شهدت توجهًا من المزارعين اليمنيين نحو استعادة أمجاد البن، وتوسيع رقعة زراعته، خاصةً بسبب تأثيرات حرب المليشيات الحوثية على اليمنيين.
أحد أولئك المزارعين، كان اليمني هاشم النعمان، الذي حمل على عاتقه العودة إلى أمجاد "موكا"، وحوّل النشاط الافتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي إلى عمل واقعي على الأراضي الزراعية والحقول، مجددًا عهد الأيقونة اليمنية، وفقاً لحديثه مع "العين الإخبارية".
بدأت جهود هاشم ذاتية وفردية، لكنه سرعان ما أسس نادٍ للبن اليمني، وأصبح لاحقًا عضوًا في رابطة منتجي البن اليمني في أحد أشهر أودية زراعته، بمديرية المواسط في محافظة تعز.
واستطاع النعمان، برفقة أفراد منطقته، والمزارعين المجاورين له، تحويل الأحلام إلى واقع ملموس في حرث الحقول وتجهيزها، حتى بلغ عدد ما غرسه 5200 شتلة بن، بمساعدة عشرات الشباب والمزارعين من أبناء المنطقة بمناسبة "عيد موكا".
فيما يقول مدير الإعلام الزراعي بوزارة الزراعة والري اليمنية، خالد الكوري لـ "العين الإخبارية": "إن نزوح اليمنيين إلى قراهم، دفعهم للتفكير مجددًا في إحياء زراعة البن، واستبدال شجرة القات التي انتشرت زراعتها على حساب البن تحديدًا خلال العقود الماضية".
ويضيف الكوري: "رغم عوائد القات المادية الضخمة، إلا أنه يكلف زراعيًا، ويحتاج إلى كميات كبيرة من المياه لزراعته، في ظل جفاف شديد تشهده اليمن؛ لهذا توجه كثير من المزارعين لإحياء مزارع البن، الأقل تكلفة والأكثر ربحًا.
تداعيات حرب الحوثي
ونتج عن تداعيات الحرب الحوثية تدهورا اقتصاديا ومعيشيا كبيرا، دفع بغالبية السكان إلى حافة الفقر والجوع والبطالة، مع فقدان سبل العيش ومصادر الدخل؛ ما دفع بالكثيرين إلى خيارات بديلة، فكانت شتلات البن أحد الملاذات التي استقطبت المواطنين لزراعتها والمتاجرة بهذا المحصول اليمني الشهير.
وحالياً، تعتمد آلاف الأسر على زراعة البن كمصدر دخل أساسي، ويعمل في هذا المجال قرابة المليون شخص بدءًا من زراعته وحتى تصديره، حسب خالد الكوري.
وتنتشر زراعة البن في معظم المناطق اليمنية، وأشهر مناطق زراعته: "بني مطر وحراز والحيمتين الداخلية والخارجية في صنعاء، شمال اليمن، ومنطقة يافع جنوباً، إضافة إلى مناطق بُرع في الحديدة غرباً وبني حماد في تعز، جنوب غربي البلاد.
وتم إنشاء منظمات وجمعيات أهلية تشرف على زراعة البن اليمني وتصديره، والذي يصل سعره عالمياً إلى 70 دولاراً للكيلو الواحد، وهو أعلى سعر يُباع به بن في العالم، وفق إحصائيات قسم المعلومات في وزارة الزراعة والري اليمنية.
ويشير مدير الإعلام الزراعي إلى أن مساحة الأراضي المزروعة من البن اليمني في البلاد، تبلغ قرابة 30 ألفا و 544 هكتارًا، كما بلغ إنتاج اليمن من البن خلال عام 2019 قرابة 20 ألف طن، وهي نسبة ضئيلة مقارنةً بما كان ينتجه اليمنيون قبل نحو 200 عام.
وحينها كانت اليمن تصدر البن اليمني محمصًا، حتى لا يستطيع مستوردوه إعادة زراعته في بلدانهم؛ وذلك حفاظًا على احتكاره وضمان استمرار تصديره، ودعماً للمزارع المحلي.
غير أن هذه الطريقة تم التخلي عنها خلال العقود الأخيرة، ما سمح بزراعة البن اليمني في مناطق أخرى من العالم، لكن البن الأشهر والأجود ما زال محتفظًا باسم الميناء الذي كان يصدره إلى أنحاء الدنيا "موكا" ولازالت الشجرة "أيقونة لليمن".
aXA6IDE4LjIyNy4wLjU3IA==
جزيرة ام اند امز