كلمة محمد بن زايد في عيد الاتحاد الـ51.. رسائل ترسم مستقبل وطن
رسائل عديدة وجهها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، رسم بها ملامح مستقبل البلاد، وأكدت أنه سيكون "أفضل وأكثر إشراقا وعزة".
جاءت تلك الرسائل خلال كلمة وجهها بمناسبة اليوم الوطني الـ51 للدولة، آثر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن تكون فرصة لشحذ الطاقات، وتحفيز الهمم لمواصلة مسيرة الإنجازات التي تحققت على مدار 5 عقود في عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وقائد التمكين المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وصولا لمستقبل زاهر للبلاد.
رسائل وفاء وحكمة وأبوة وقيادة وريادة رسم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عبرها خارطة طريق لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد، أكد أنها "مرحلة عمل ومثابرة وإنجاز وتنافس"، وأن عنوانها الأساسي "هو مضاعفة الجهد والعطاء، وإعلاء قيمة العمل والكفاءة والتفاني في أداء الواجب، وحذر من أنه في تلك المرحلة "لا مجال للتهاون أو التراخي".
تركيز على المستقبل
مرحلة ترسم طريق المستقبل الذي حظي باهتمام لافت في خطاب القيادة الإماراتية، حيث وردت كلمة المستقبل نحو 8 مرات في الخطاب.
تلك المرحلة حدد فيها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مهامَّ محددة وأولويات واضحة ومبادئ سامية لسياسة بلاده الداخلية والخارجية في تلك المرحلة الجديدة.
تلك المرحلة الجديدة التي يقودها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سيكون "الاهتمام بالمواطن وفتح كل سبل التطور والإبداع وإثبات الذات أمامه، كان ولا يزال وسيظل أولويتنا الأساسية والقصوى".
وفي القلب من تلك المرحلة "فإن الشباب يحظون باهتمام استثنائي في رؤية القيادة الإماراتية لحاضر البلاد ومستقبلها".
أيضا "خلال المرحلة المقبلة سيتعزز دور المرأة الإماراتية في كل المجالات".
أما على صعيد السياسة الخارجية بشقها الدبلوماسي والاقتصادي والإنساني في تلك المرحلة، فقد وضع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مبادئ عامة وأهدافا تفصيلية.
ضمن تلك المبادئ والأهداف"ستظل دولة الإمارات شريكاً أساسياً وداعماً رئيسياً لكل ما يصنع التقدم والنماء للبشرية، ويعزز من قدرة العالم على مواجهة تحدياته وفي مقدمتها التغير المناخي والأمن الغذائي والأمراض والأوبئة والفقر وغيرها".
أيضا ضمن تلك المبادئ "ستواصل الإمارات دورها المستدام من أجل ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم".
كذلك ستواصل الإمارات "تعزيز الشراكات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية الفاعلة مع مختلف دول العالم لخدمة أهدافها التنموية".
كما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أهمية تعزيز التكامل العربي والخليجي في تلك المرحلة، إلا أنه بين أن "تعزيز التكامل العربي سيكون على أسس جديدة تتسم بالفاعلية والواقعية وتستند إلى المصالح المشتركة".
وإيمانا منه بأنه لا تنمية ولا سلام بدون قوة تحميه، فقد أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن تطوير القوات المسلحة الإماراتية وتحديثها سيظل أولوية قصوى كما كانت على الدوام.
وتحتفل الإمارات، الجمعة، بعيد الاتحاد الـ51، الذي يعد أول يوم وطني في عهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي تولى مقاليد الحكم 14 مايو/أيار الماضي.
ووجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كلمة بتلك المناسبة تضمنت رسائل عدة لدولة الإمارات وشعبها والمقيمين فيها ولإخوانه حكام الإمارات ولقادة وشعوب دول العالم، حدد فيها معالم سياسة بلاده الخارجية ورؤيته لتعزيز ريادتها على مختلف الأصعدة.
فخر واعتزاز
استهل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كلمته برسالة تعبر عن الفخر والاعتزاز بتلك المناسبة الوطنية الهامة، والتي كان نقطة الانطلاقة في أن تصبح الإمارات حاليا "رمزا ونموذجا للنهضة في المنطقة، ومصدرا للأمل بالمستقبل المزدهر لشعوبها".
وأكد أهمية توظيف معاني الفخر والاعتزاز "لشحذ الطاقات، وتحفيز الهمم والعزائم، وتجديد العهد مع النفس والوطن من كل إماراتي وإماراتية بالحفاظ على صرحنا التنموي الرائد".
وشدد على أن "دولة الإمارات.. أمانة كبيرة وغالية في أعناقنا جميعا".
وتعهد رئيس الإمارات بـ"الحفاظ على هذه الأمانة بكل ما أتانا الله من قوة وجهد وعزيمة".
وفاء وامتنان
أيضا تضمنت كلمة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أسمى معاني النبل والوفاء، مستذكرا في تلك المناسبة المهمة مناقب رئيس الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وأشار إلى أنه "وضع بصمات لا يمحوها الزمن في كل شبر من أرضنا الطيبة، وكان إلى جانب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في كل خطوة في بناء دولة الإمارات وتمتين أركانها".
كذلك تضمنت الكلمة رسالة امتنان وتقدير للشيخ زايد وإخوانه من القادة المؤسسين، مؤكدا أنه "حين نتأمل ما نحن عليه اليوم من تقدم وعزة ونعمة، ندرك عظمة ما قام به المؤسسون العظام في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 1971، وقيمة الوحدة التي تظللنا جميعاً، ونزداد حباً لهم وتقديراً لما قاموا به وإصراراً على استكمال مسيرتهم".
أيضا تضمنت الكلمة رسالة وفاء لشهداء الإمارات الأبرار في كل المواقع والأزمنة، التي سالت دماؤهم دفاعا عن دولة الإمارات وقيمها ومبادئها.
خارطة طريق.. 10 ملامح
وقسم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته المراحل التاريخية التي مرت بها الإمارات، مشيرا إلى أن البلاد مرت خلال الخمسين عاماً الماضية بمراحل عديدة في رحلتها الناجحة من "التأسيس" إلى "التمكين ".
وتحدث عن المرحلة المقبلة في تاريخ البلاد، واضعا لها أهدافا وملامح لتحقيق انطلاقة تنموية كبرى ونوعية في كل الجوانب، أبرزها ملامحها ما يلي:
1. العنوان الأساسي للمرحلة المقبلة هو مضاعفة الجهد والعطاء، وإعلاء قيمة العمل والكفاءة والتفاني في أداء الواجب.
2. المرحلة المقبلة هي مرحلة عمل ومثابرة وإنجاز وتنافس، ولا مجال فيها للتهاون أو التراخي، لأن الطموحات الكبيرة تحتاج إلى عزيمة أكبر.
3. التركيز على مجالات العلوم والتكنولوجيا الحديثة واستثمار الفرص التي تتيحها هذه المجالات لمصلحة الأجيال الحالية والمستقبلية
4. تحقيق أقصى استثمار لمواردنا المادية والبشرية والمعنوية وأفضله لمصلحة شعبنا.
5. تعميق الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.
6. التحديد الدقيق للأولويات التنموية.
7. إحداث طفرة نوعية في مخرجات العملية التعليمية من خلال الارتقاء بالتعليم.
8. تنويع مصادر الدخل.
9. بناء اقتصاد يستند إلى المعرفة والاستدامة.
10. استثمار كل الفرص المتاحة لدعم القطاعات الاقتصادية ذات الأهمية الاستراتيجية للأمن الوطني وفي مقدمتها الصناعة والتكنولوجيا والأمن الغذائي والطاقة المتجددة والصحة وغيرها.
5 أولويات
تلك المرحلة وضع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أولويات للاهتمام بها، أبرزها تمكين المواطن وبشكل خاص الشباب، وبشكل أكثر خصوصية "الشباب المتعلم والمؤهل"، إضافة إلى تعزيز دور المرأة، وتطوير القوات المسلحة الإماراتية، وأكد في هذا الصدد على ما يلي:
- الاهتمام بالمواطن وفتح كل سبل التطور والإبداع وإثبات الذات أمامه، كان ولا يزال وسيظل أولويتنا الأساسية والقصوى
- الشباب سيحظون باهتمام استثنائي في رؤيتنا لحاضر بلدنا ومستقبلها، ونعوِّل عليهم في تحقيق أهدافنا التنموية الكبرى خلال العقود القادمة.
- الاعتماد على الشباب المتعلم والمؤهل كونه أهم عناصر الثروة الوطنية، والعامل الأساسي للسبق في السير نحو المستقبل.
- تعزيز دور المرأة الإماراتية خلال المرحلة المقبلة، في كل المجالات فلا يمكن لأي مجتمع في أي مكان وزمان أن يحقق ما يصبو إليه في أي ميدان من ميادين الارتقاء والنهضة من دون مشاركة المرأة.
- تطوير وتحديث القوات المسلحة أولوية قصوى كما كانت على الدوام.
مواجهة التحديات.. الاستثناء الإماراتي
أيضا تحدث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته عن رؤيته للتعامل مع مختلف التحديات، مؤكدا أن تلك الرؤية تستند إلى:
- الاعتماد على مواردنا وقدراتنا وسواعد أبنائنا وعقولهم.
- التعاون بصدق وإيجابية مع الأصدقاء والأشقاء.
– تعزيز الشراكات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية الفاعلة مع مختلف دول العالم لخدمة الأهداف التنموية.
- بناء سياسات متزنة ومتوازنة ومسؤولة على الساحتين الإقليمية والدولية.
وقدم في كلمته نموذجا عمليا حول نجاح دولة الإمارات في مواجهة التحديات، مشيدا بجهود الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وقال في هذا الصدد "رغم التبعات السلبية لجائحة "كوفيد-19" وغيرها من الأزمات الإقليمية والعالمية على الاقتصاد في العالم كله، فإن الاقتصاد الإماراتي -بفضل الله ثم الجهود المخلصة والواعية للحكومة بقيادة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي- تقدم بخطى حثيثة إلى الأمام، وارتفعت لدينا مؤشرات التنافسية العالمية وقوة التأثير والنمو الاقتصادي والتفاؤل بالمستقبل وغيرها، عما كانت عليه قبل الجائحة، وفق تقارير المؤسسات الدولية المتخصصة، ما يعد إنجازاً فريداً بكل المقاييس، لأنه تحقق في ظل بيئة معاكسة في الإقليم والعالم".
وبين أن هذا يعزز من حالة "الاستثناء الإماراتي" ليس في المنطقة فحسب وإنما في العالم كله، بسبب قوة الأسس التي قامت عليها الدولة، ورؤيتها الشاملة للمستقبل، وكفاءتها في التعامل مع الأزمات بمختلف أنواعها، وتوجيه مواردها التوجيه الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة للأجيال الحالية والمقبلة.
5 رسائل للعالم
أيضا وجه رئيس دولة الإمارات عدة رسائل سياسية واقتصادية وإنسانية للعالم تتعلق بسياسة بلاده الخارجية، تعكس في مجملها التزامها بدورها الرائد في نشر السلام ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية، والعمل من أجل خير البشرية، ولا سيما في ظل عضويتها لمجلس الأمن الدولي على مدار عامي 2022-2023، واستعدادها لاستضافة مؤتمر المناخ "كوب 28" العام القادم، وفيما يلي تلك الرسائل:
- ستظل دولة الإمارات شريكاً أساسياً وداعماً رئيسياً لكل ما يصنع التقدم والنماء للبشرية، ويعزز من قدرة العالم على مواجهة تحدياته وفي مقدمتها التغير المناخي والأمن الغذائي والأمراض والأوبئة والفقر وغيرها.
- ستعمل الدولة على استثمار مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 28) الذي تستضيفه العام المقبل، لإعطاء دفعة قوية للعمل الدولي الجماعي من أجل الحفاظ على كوكب الأرض، والتصدي للمخاطر المناخية التي غدت واضحة وماثلة أمام أعين الجميع في العالم كله.
- ستواصل الإمارات دورها المستدام من أجل ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، والعمل على حل النزاعات والصراعات، أياً كان نوعها ومكانها ودرجة تعقيدها، من خلال السبل الدبلوماسية.
- التحرك في كل اتجاه لتعزيز فرص التفاهم والحوار على الساحتين الإقليمية والدولية، والدعوة إلى التسامح والاعتدال ونبذ التطرف والتعصب.
- ستواصل الإمارات دورها الإيجابي خلال الفترة المتبقية في عضوية المجلس حتى تترك بصمة إماراتية-عربية بارزة في إحدى أهم مؤسسات العمل الجماعي الدولي في مرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها البشرية عبر تاريخها.
وكانت الإمارات قد ترأست مجلس الأمن الدولي على مدار شهر مارس/آذار الماضي، وحققت خلاله إنجازات بارزة، سواء كرئيس لمجلس الأمن الدولي أو عضو غير دائم به.
كما سجلت من خلال رئاستها وعضويتها بالمجلس مواقف ورسائل مهمة مساندة للقضايا العربية والدولية العادلة، تستهدف في مجملها تعزيز وتأمين السلام الإقليمي وصون السلم والأمن الدوليين الذي يعد نهجاً متأصلاً في سياسة دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد.
تعزيز التضامن الخليجي والعربي
أيضا تضمنت كلمة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رسائل مهمة حول أهمية تعزيز التضامن العربي والخليجي، حيث أكد في هذا الجانب على ما يلي:
- أهمية تعزيز الشراكات العربية-العربية بما يعود بالخير على الشعوب العربية، ويسهم في استثمار الموارد والقدرات العربية من أجل تنمية يستفيد منها الجميع.
- تعمل دولة الإمارات بالتعاون مع أشقائها على تعزيز التكامل العربي على أسس جديدة تتسم بالفاعلية والواقعية وتستند إلى المصالح المشتركة وتنطلق من التعاون الاقتصادي والتنموي، وتستهدف في المقام الأول رخاء الشعوب وتنميتها.
شكر وتهنئة وأمل
واختتم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كلمته بتوجيه رسائل شكر وتهنئة والتعبير عن آمال صادقة بدوام الوحدة والمحبة والتقدم:
- رسالة شكر للقوات الأمنية الساهرة على أمن الوطن وسلامة المجتمع وحماية المواطنين والمقيمين وتوفير الظروف المناسبة للعمل والتنمية والتقدم.
- تهنئة لأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات وأولياء العهود بتلك المناسبة الوطنية المهمة.
- أمل بدوام الوحدة والوئام والمحبة والتقدم، داعيا الله "أن يحفظ بلدنا ويديم عليها الوحدة والوئام والمحبة ويبقيها على الدوام رمزا للتقدم والنهضة والعزة".