ولي العهد السعودي.. حوار القوة والحزم يطرح الرؤية والتحديات وآفاق المستقبل
الأمير محمد بن سلمان يدلي بتصريحات خاصة مطولة لوكالة بلومبرج الأمريكية حول القضايا الدولية والإقليمية والعديد من الملفات.
أكد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، أن العلاقات السعودية الأمريكية جيدة، لا سيما مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تعاون مع الجانب السعودي في كثير من القضايا في الشرق الأوسط، خصوصاً في مواجهة التطرف والأيديولوجيات المتطرفة والإرهاب، وهو ما أدى إلى اختفاء تنظيم داعش الإرهابي في فترة قصيرة جداً في العراق وسوريا.
أوباما فشل في تهديد مصالحنا
وأضاف ولي العهد السعودي، في تصريحات خاصة لوكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن تصريحات ترامب الأخيرة حول المملكة وأمنها لم تؤثر على العلاقات بين البلدين، وأنها جاءت خلال حديث لترامب مع شعبه داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يكن الحديث موجهاً للسعودية، بعكس ما حدث مع كندا التي أعطت أمراً للسعودية بشأن مسألة داخلية، قائلاً: "إنه ليس رأي كندا حول السعودية بقدر ما هو إعطاء أمر لدولة أخرى؛ لذلك نحن نعتقد أن هذه قضية مختلفة تماماً، ترامب كان يتحدث لشعبه".
وشدد الأمير محمد بن سلمان على قدرة السعودية على حماية نفسها ومصالحها، قائلاً: "في تقديري، وأعتذر إذا أساء أحد فهم ذلك أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما خلال فترة رئاسته التي دامت 8 أعوام قد عمل ضد أغلب أجندتنا، ليس فقط في السعودية، وإنما في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة عملت ضد أجندتنا، فإننا كنا قادرين على حماية مصالحنا، وقد كانت النتيجة النهائية هي أننا نجحنا، وأن الولايات المتحدة الأمريكية في ظل قيادة أوباما قد فشلت، على سبيل المثال في مصر".
وتابع: "لذلك فإن السعودية تحتاج إلى نحو ألفي عام ربما لتواجه بعض المخاطر".
واستكمل الأمير محمد بن سلمان: "حسناً أنتم تعلمون أنه يجب عليك تقبل مسألة أن أي صديق سيقول أموراً جيدة وسيئة، لذلك لا يمكنك أن تحظى بأصدقاء يقولون أموراً جيدة عنك بنسبة 100% حتى داخل عائلتك، سيكون هناك سوء الفهم، لذا نحن نضع ذلك ضمن هذا الإطار".
وقال: "أنا أحب العمل مع ترامب، ولقد عملنا معاً أيضاً مع أكثر من 50 دولة؛ للاتفاق على استراتيجية واحدة في الشرق الأوسط، ومعظم تلك البلدان متفقة مع تلك الاستراتيجية، نحن الآن ندحر المتطرفين والإرهابيين وتحركات إيران السلبية في الشرق الأوسط بطريقة جيدة، ولدينا استثمارات ضخمة بين كلا البلدين، ولدينا تحسن في تجارتنا والكثير من الإنجازات، لذلك فهذا أمر عظيم جداً".
أسلحتنا ليست مجانية
وحول إذا ما كانت المملكة العربية السعودية عليها دفع الأموال مقابل ضمان أمنها قال: "في الواقع لن ندفع شيئاً مقابل أمننا، نعتقد أن جميع الأسلحة التي حصلنا عليها من الولايات المتحدة الأمريكية دفعنا من أجلها، إنها ليست أسلحة مجانية، فمنذ أن بدأت العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية؛ قمنا بشراء كل شيء بالمال".
وأضاف أنه قبل عامين كانت لدى السعودية استراتيجية لتحويل معظم التسلح إلى دول أخرى، ولكن "عندما أصبح ترامب رئيساً قمنا بتغيير استراتيجيتنا للتسلح مرة أخرى للأعوام العشرة المقبلة، لنجعل أكثر من 60% منها مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا السبب خلقنا فرصاً من مبلغ الـ400 مليار دولار، وفرصاً للتسلح والاستثمار، وفرصاً تجارية أخرى، ولذلك فإن هذا يُعد إنجازاً جيداً للرئيس ترامب والسعودية".
الأزمة مع كندا
وبشأن التوتر الذي لحق بالعلاقات السعودية الكندية، قال ولي العهد السعودي إن "الأمر عائد إليهم، لقد اتخذوا إجراءات ضد قانون الأمم المتحدة، وضد مبادئ العمل، لقد تدخلوا في مسألة ليست مسألة كندية، هم ليسوا مواطنين كنديين، إنها ليست مصالح كندية، إنها مصالح سعودية داخلية بالكامل، إنه من غير المسموح لهم القيام بذلك، بإمكان الإعلام أن يتحدث عن أي مسألة أخرى".
وحول سبل حل الأزمة، أكد محمد بن سلمان أنه "يجب عليهم الاعتذار، ببساطة، كما يجب عليهم أن يعرفوا أنهم قد ارتكبوا خطأً، أعتقد أنهم يعلمون أنهم قد ارتكبوا خطأ، ولكننا سننظر إلى كيفية إعادة الأمور إلى مجراها".
وأوضح ولي العهد السعودي أن هناك اتهامات ضد شخص بسبب مسائل تتعلق بالأمن القومي، وأن كل المعلومات متوفرة لدى النائب العام السعودي، وليست لذلك علاقة بحرية التعبير، واصفاً تدخل الحكومة الكندية التي لا تملك معلومات عما يحدث في تلك المسألة، بالأمر الغريب.
شائعات حول جمال خاشقجي
وبشأن قضية اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي عقب زيارته القنصلية السعودية في أنقرة، قال الأمير محمد بن سلمان إنه يسمع شائعات حول ما حدث، لكنه يحرص على معرفة الحقيقة، مشيراً إلى استمرار المحادثات السعودية مع الحكومة التركية لمعرفة ما حدث.
وأضاف أن ما يعرفه هو أنه دخل القنصلية وخرج بعد دقائق قليلة أو ربما ساعة، مشيراً إلى استمرار التحقيقات في هذا الأمر من خلال وزارة الخارجية السعودية لمعرفة التفاصيل كافة.
وأعرب الأمير محمد بن سلمان عن استعداده للترحيب بالحكومة التركية في حال كانوا راغبين في البحث عنه في المبنى الخاص بالمملكة العربية السعودية الذي يعد منطقة سيادية، قائلاً: "سنسمح لهم بالدخول والبحث والقيام بكل ما يريدونه، في حال طلبوا ذلك، فسنسمح لهم قطعاً بالقيام به، فليس لدينا ما نخفيه".
ونفى ولي العهد السعودي أن يكون الكاتب السعودي جمال خاشقجي هو الشخص الذي ذكرته وكالة الأنباء السعودية في خبر عن تسلم المملكة شخصاً عن طريق الإنتربول الدولي.
شبكات تجسس لصالح قطر وإيران
وحول ما تردد من شائعات بشأن اعتقال أشخاص طالبوا بحق قيادة المرأة للسيارات، أكد الأمير محمد بن سلمان أن الأمر لا يتعلق بهذه المطالبات، ولكن الاعتقالات جاءت بسبب اتصالهم بجهات أجنبية وتسريب معلومات، مشيراً إلى أن هناك قضايا رسمية بحق هؤلاء الأشخاص، وأن جميع الإجراءات التي اتُّخذت بحقهم تمت بالأدلة وبموجب القانون.
وأوضح ولي العهد السعودي أن قطر واحدة من بين هذه الدول التي جندت البعض من هؤلاء الأشخاص، وأن هناك وكالات تعمل بشكل غير مباشر مع إيران، قائلاً: "هاتان هما الدولتان الرئيسيتان اللتان كانتا تُجندان هؤلاء الأشخاص بالفعل في عمل استخباراتي ضد المملكة العربية السعودية".
وقال الأمير محمد بن سلمان، إن الإجراءات تتم وفق قضايا رسمية بموجب القانون السعودي والنهج المُتبع في المملكة العربية السعودية، مؤكداً وجود أدلة على هيئة أشرطة فيديو ومكالمات هاتفية تثبت تورطهم في تقاضي الأموال مقابل تسريب المعلومات.
وأضاف أن بعض الأشخاص كانوا طرفاً في هذه القضية، ولكنهم لم يعلموا بأنهم كانوا جزءاً من عملية استخباراتية، لذا فإننا قد أطلقنا سراحهم، ولكن فيما يتعلق بالأشخاص الآخرين، فقد أثبتت الأدلة والتحقيقات أنهم كانوا على دراية بأن ذلك كان عملاً استخباراتياً ضد المملكة العربية السعودية.
لا نريد حزب الله جديدا على حدودنا
وبشأن الدور السعودي في دعم الحكومة اليمنية في مواجهة مليشيا الحوثي الانقلابية، أعرب الأمير محمد بن سلمان عن أمله في أن تنتهي الأزمة اليمنية في أقرب وقت ممكن، قائلا: "لا نريد ذلك على حدودنا، ولكننا بالطبع لا نريد أن يكون لدينا حزب الله جديد في شبه الجزيرة العربية، هذا خط أحمر ليس بالنسبة للسعودية فحسب، وإنما للعالم أجمع".
وتابع قائلا: "لا أحد يريد وجود حزب الله جديد في مضيق يمر من خلاله نحو 15% من التجارة العالمية، سوف نواصل الضغط عليهم، نحن نأمل في أن يكونوا مستعدين للتفاوض والتوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن".
aXA6IDE4LjE5MS4yMzcuMjI4IA== جزيرة ام اند امز