محمد بن زايد وبوتين.. 10 قمم تؤسس لمستقبل واعد بين الإمارات وروسيا
بدأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات زيارة إلى روسيا أجرى خلالها مباحثات مع الرئيس فلاديمير بوتين تناولت علاقات الصداقة وعدداً من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
زيارة تاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان تتوج الشراكة الاستراتيجية والعلاقات المتنامية بين البلدين، حيث تعد تلك هي أول زيارة يقوم بها رئيس دولة الإمارات إلى روسيا منذ توليه مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار الماضي.
كما تعد مباحثات اليوم بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وبوتين هي الثالثة خلال العام الجاري، بعد مباحثات هاتفية جرت بينهما في مايو/أيار ومارس/آذار الماضيين.
كما تعد قمة اليوم هي العاشرة التي تجمع الزعيمين منذ تولي بوتين رئاسة روسيا عام 2012 (الفترة الرئاسية الثالثة)، بحسب إحصاء لـ"العين الإخبارية".
وعلى مدار العقد الماضي قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بنحو 8 زيارات إلى روسيا، أجرى خلالها مباحثات مع الرئيس الروسي لتعزيز التعاون وتطوير الشراكة وبحث المستجدات الإقليمية والدولية.
أرست تلك الزيارات ركائز صلبة لمسار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، لتتوج بتوقيع البلدين اتفاق شراكة استراتيجية بينهما خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لروسيا مطلع يونيو/ حزيران 2018.
وكان نتاج تلك الشراكة قيام بوتين بزيارة لدولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول 2019، كانت الأولى له إلى الخليج عموما منذ 12 عاماً تقريباً.
ويتوقع أن تنقل الزيارة المرتقبة والمباحثات التي ستتخللها العلاقات بين البلدين إلى آفاق أرحب.
قمم ومباحثات
وتعد المباحثات التي أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وبوتين خلال الزيارة، هي الثالثة خلال العام الجاري.
وسبق أن جرت بينهما مباحثات هاتفية 17 مايو/ آيار الماضي، قدم خلاله بوتين تعازيه ومواساته إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وشعب دولة الإمارات في وفاة رئيس الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
كما هنأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بانتخابه رئيسا لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتمنى له التوفيق في قيادة الدولة نحو آفاق جديدة من النهضة في مختلف المجالات.. وعبر عن تطلعه إلى مزيد من العمل معه لتوسيع قاعدة المصالح المشتركة بين البلدين الصديقين.
أيضا جسدت برقية التهنئة التي أرسلها بوتين المكانة المرموقة والتقدير الكبير للشيخ محمد بن زايد آل نهيان لدى روسيا وقيادتها ، والثقة في قدراته لتعزيز العلاقات بين البلدين.
وقال بوتين في البرقية: "أنا على قناعة بأن أنشطتك في منصب رئيس الدولة ستسهم في مواصلة تطوير علاقات الصداقة والتعاون متبادل المنفعة في الاتجاهات كافة بين روسيا والإمارات".
وفي أول مارس/ آذار الماضي، أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مباحثات هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تناولت العلاقات الثنائية وملف الطاقة وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية، من أبرزها تطورات الأزمة مع أوكرانيا.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على الحل السلمي للأزمة بما يضمن مصالح كافة الأطراف وأمنهما القومي، وبما يحقق السلم والأمن العالمي.
أيضا تعد القمة الحالية بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس فلاديمير بوتين هي العاشرة التي تجمع الزعيمين منذ تولي بوتين رئاسة روسيا قبل 10 سنوات (الفترة الرئاسية الثالثة).
وعقدت 8 قمم بين الزعيمين خلال زيارات أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لروسيا في أكتوبر/تشرين الأول 2012، وسبتمبر/أيلول 2013، وأكتوبر 2014، وفي أغسطس/آب وأكتوبر 2015، ومارس/آذار 2016، وإبريل/نيسان 2017 ويونيو/حزيران 2018.
وشهدت كل زيارة وكل قمة عقدت خلالها إضافة لبنة جديدة لصرح العلاقات المتنامية بين البلدين، فخلال القمة التي جمعتهم بموسكو في 20 أبريل/ نيسان 2017 ، أعلن الجانبان في ختام اللقاء عن نية البلدين دراسة اضفاء طابع الشراكة الاستراتيجية على العلاقات الروسية الإماراتية.
وفي القمة التالية التي عقدت في مطلع يونيو/ حزيران 2018، وقع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس فلاديمير بوتين إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين .
وينص الإعلان على إنشاء شراكة استراتيجية للعلاقات القائمة بين البلدين تشمل المجالات السياسية والأمنية والتجارية والاقتصادية والثقافية إضافة إلى المجالات الإنسانية والعلمية والتكنولوجية والسياحية.
كما تضمن الإعلان إجراء المشاورات بشكل منتظم بين وزيري خارجية البلدين بغرض تنسيق المواقف حول القضايا ذات الاهتمام المتبادل.
أما القمة التاسعة فعقدت في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2019 ، خلال زيارة دولة قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للإمارات ضمن جولة شملت السعودية أيضا كانت هي الأولى له إلى الخليج منذ إثني عشر عاماً.
وخلال تلك الزيارة، ترأس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس فلاديمير بوتين اجتماعا ضم المسؤولين عن ملف التعاون الاقتصادي في الجانبين الإماراتي والروسي.
كما عقد الزعيمين جلسة مباحثات رسمية تناولت علاقات الصداقة والتعاون الثنائي بين البلدين وسبل تطويرها وتعزيزها على المستويات كافة.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال المباحثات أن العلاقات الإماراتية – الروسية متجذرة ومتنامية وتقوم على الثقة والاحترام المتبادل وتستند إلى إرث ثري من التعاون و التواصل والزيارت المتبادلة والمصالح المشتركة.
وبين أن إعلان الشراكة الاستراتيجية الذي وقعه البلدان كان بمثابة نقلة نوعية في مسار العلاقات وأنه يعبّر عن توفر إرادة سياسية مشتركة للارتقاء بهذه العلاقات ودفعها إلى آفاق أرحب.
وأشار إلى أنه في كل زياراته العديدة لجمهورية روسيا الاتحادية الصديقة خلال السنوات السابقة لمس حرصاً واهتماماً كبيرين من الجانب الروسي والرئيس فلاديمير بوتين، بشكل خاص على تعزيز العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة وهو ما أسهم في تحقيق التطورات الإيجابية في مسار هذه العلاقات خلال الفترة الماضية، وجعل روسيا من الشركاء الاستراتيجيين للإمارات في العديد من المجالات .
بدوره أكد الرئيس الروسي أن روسيا ودولة الإمارات شركاء في العديد من الاستثمارات خاصة في مجال الطاقة والطاقة النووية السلمية .. إلى جانب التنسيق بين سياسات البلدين في أسواق النفط والتعاون في مجال استكشاف وعلوم الفضاء .
وثمن الدعم الشخصي الذي يبديه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لترسيخ وتنمية العلاقات بين دولة الإمارات وجمهورية روسيا.
كما شهد الزعيمين مراسم تبادل اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين شملت المجالات الاقتصادية والاستثمارية والبيئية والتي تستهدف تطوير الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وفتح آفاق جديدة للعمل المشترك في مختلف القطاعات.
زيارات متبادلة
أيضا تخلل قمم القادة، زيارات متبادلة لوفود ومسؤولين رفيعي المستوى من البلدين على مدار الفترة الماضية، لتعزيز التعاون بينهم في مختلف المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والإنسانية وغيرها.
وضمن أحدث تلك الزيارات، قامت بعثة تجارية من جمهورية روسيا الاتحادية بزيارة إلى إمارة الشارقة قبل أيام.
وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، نظمت غرفة تجارة وصناعة الشارقة “ ملتقى الأعمال بين الشارقة وروسيا ” بمناسبة زيارة بعثة تجارية روسية شهد بحث تعزيز سبل التعاون الاقتصادي.
زيارة هي الثانية من نوعها خلال شهر، بعد زيارة وفد اقتصادي روسي عجمان سبتمبر /إيلول الماضي، لبحث آفاق التعاون المشترك وسبل تنمية العلاقات بين أصحاب الأعمال من البلدين.
وفي 24 سبتمبر / إيلول الماضي، التقى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي نظيره الروسي سيرجي لافروف في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.
جرى خلال اللقاء الذي عقد على هامش أعمال الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ، بحث العلاقات الراسخة والشراكة الاستراتيجية بين البلدين والتطورات الإقليمية والدولية ومنها الأزمة في أوكرانيا.
وجدد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خلال اللقاء تأكيده على استعداد دولة الإمارات التام لدعم كافة الجهود الهادفة إلى إيجاد حل سلمي للنزاع.
ويعد هذا هو اللقاء الثاني بين الوزيرين خلال 6 شهور، بعد اللقاء الذي جمعهما خلال زيارة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان لموسكو في ١٧ مارس / آذار الماضي.
زيارة تأتي بعد نحو عام من زيارة لافروف إلى دولة الإمارات في مارس/ آذار من العام الماضي.
وفي 4 ديسمبر/ الماضي، استقبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ميخائيل ميشوستين، رئيس وزراء روسيا، وذلك في مقر إكسبو 2020 دبي.
وبحث الجانبان خلال اللقاء سبل دفع العلاقات الثنائية المتنامية إلى الأمام بما يواكب تطلعات الشعبين الصديقين إلى المستقبل.
وأشاد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بعمق العلاقات بين البلدين وما تشهده من تطور مستمر.
وعلى صعيد التعاون البرلماني، أجرى وفد من الجمعية البرلمانية الفيدرالية الروسية زيارة إلى دولة الإمارات ١٧ مايو/آيار الماضي، أجرى خلالها مباحثات لتعزيز التعاون مع "لجنة الصداقة مع برلمانات الدول الأوروبية" في المجلس الوطني الاتحادي.
علاقات تاريخية
علاقات استراتيجية متنامية بين البلدين في مختلف المجالات تستند على إرث تاريخي مشترك.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين روسيا (الاتحاد السوفيتي آنذاك) ودولة الإمارات العربية المتحدة عقب إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول 1971.
وفي يناير/ كانون الثاني 1972، قام وفد من الاتحاد السوفيتي بزيارة دولة الإمارات، حيث تم الاتفاق خلال الزيارة على إنشاء بعثات دبلوماسية للدولتين على مستوى السفراء.
لكن لم يتم تنفيذ هذه الاتفاقيات حتى نوفمبر/تشرين الثاني 1985، عندما أعلنت موسكو وأبوظبي إقامة علاقات ثنائية على مستوى السفارتين، وتم افتتاح البعثة الدبلوماسية للاتحاد السوفيتي في مارس 1986.
وبعد عام ، وتحديدا في أبريل/نيسان 1987، تم افتتاح سفارة الإمارات العربية المتحدة في موسكو، فيما تم افتتاح القنصلية العامة للاتحاد الروسي في دبي عام 2002.
وشهد مسار العلاقات بين البلدين نقلة نوعية مع إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في يونيو/ حزيران 2018.
وتطورت أوجه التعاون الإماراتي الروسي في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك في ظل رعاية واهتمام من قيادتهما.
وتحافظ روسيا ودولة الإمارات تقليدياً على حوار سياسي مستقر وموثوق، تدعمه مجالات تعاون متعددة الأوجه على أعلى المستويات.
وتتبنى الدولتان مواقف متقاربة بشأن مجموعة واسعة من القضايا على جدول الأعمال الدولي والإقليمي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، ترتبط البلدان بعلاقات متميزة، حيث تحرص قيادتا البلدين على فتح الباب واسعا أمام الاستثمارات المشتركة.
وشهدت الفترة الماضية التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبروتوكولات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية التي ساهمت في ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي وصل إلى 12 مليار درهم محققا 116% زيادة في العام 2021.
وتعد دولة الإمارات أكبر شريك تجاري خليجي لروسيا، حيث تستحوذ على 55% من إجمالي التجارة الروسية الخليجية .
كما تعد دولة الإمارات الوجهة الأولى عربياً للاستثمارات الروسية، بنسبة تناهز 90% من إجمالي استثمارات روسيا في الدول العربية.
أيضا تعتبر دولة الإمارات أكبر مستثمر عربي في روسيا، وتسهم بأكثر من 80% من إجمالي الاستثمارات العربية فيها، وتُقدر قيمة الاستثمارات الأجنبية المتبادلة بين دولة الإمارات وروسيا بنحو 1.8 مليار دولار.
آفاق واعدة
أرقام تكشف أن زيارة زيارة رئيس دولة الإمارات إلى روسيا تأتي بينما تشهد العلاقات بين البلدين نمواً مطّرداً، وخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية.
وتمثل زيارة رئيس دولة الإمارات إلى روسيا فرصة عظيمة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وفتح آفاق أرحب لتطورها في المستقبل في مختلف المجالات، في ظل ما شهدته من تطور كبير خلال السنوات الأخيرة.
أيضا تعكس الزيارة حرص قادة البلدين على التشاور المستمر فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية وسبل تطويرها ودفعها إلى الأمام على المستويات كافة، وبحث التطورات الإقليمية والدولية بما يسهم في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.