محمد بن زايد وبوتين.. 13 قمة تتوج شراكة استراتيجية
استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الأحد، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، قبل قمة مقررة بينهما في وقت لاحق تتوج علاقات استراتيجية متنامية بين البلدين.
القمة المقررة تعقد على هامش الزيارة الرسمية التي يجريها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى روسيا، وتعد الرابعة له منذ توليه مقاليد الحكم، وتأتي بعد أقل من عام من زيارة الرئيس الروسي لدولة الإمارات في ديسمبر/كانون الأول 2023.
وتتناول القمة التي تعقد غدا الإثنين على ما أفادت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) مختلف أوجه العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها خاصة في الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والطاقة وغيرها، في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، حسب وكالة الأنباء الإماراتية.
كما يشارك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال الزيارة في أعمال القمة الــ16 لقادة دول مجموعة "بريكس" التي تستضيفها مدينة قازان الروسية خلال الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
أهمية خاصة
وتحمل الزيارة أهمية خاصة على أكثر من مستوى، فعلى صعيد العلاقات الثنائية، ستسهم في تعزيز علاقة "الشراكة الاستراتيجية" التي تربط البلدين منذ عام 2018، ودفع العلاقات إلى آفاق أرحب.
وعلى صعيد العلاقات الدولية، تأتي الزيارة بعد 3 أيام من وساطة إماراتية ناجحة لتبادل الأسرى بين كييف وموسكو، هي التاسعة خلال العام الجاري، الأمر الذي يعطي بارقة أمل نحو حل أزمة تلقي بتأثيراتها على أمن واستقرار العالم، ويبرز تعاظم مكانة دولة الإمارات.
وتتفق دولة الإمارات وروسيا على أهمية العمل على إيجاد أفق واضح للسلام الدائم والشامل في المنطقة الذي يقوم على أساس "حل الدولتين".
تحمل الزيارة -أيضا- أهمية خاصة، كونها ستشهد المشاركة الأولى لدولة الإمارات في قمة "بريكس" بصفتها عضواً في المجموعة بعد انضمامها لها مطلع العام الجاري.
قمم متتالية.. وحصاد مثمر
وبالقمة التي عقدت الأحد، يرتفع عدد القمم التي جمعت الزعيمين منذ تولي بوتين رئاسة روسيا عام 2012 (الفترة الرئاسية الثالثة)، إلى 13 قمة، بحسب إحصاء لـ"العين الإخبارية"، بينها 4 قمم منذ تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار 2022، الأمر الذي يبرز قوة العلاقات بين البلدين.
وبإضافة قمة الأحد، تكون عقدت 11 قمة بين الزعيمين خلال 11 زيارة أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى روسيا في أكتوبر/تشرين الأول 2012، وسبتمبر/أيلول 2013، وأكتوبر/تشرين الأول 2014، وفي أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول 2015، ومارس/آذار 2016، وأبريل/نيسان 2017، ويونيو/حزيران 2018، و أكتوبر/تشرين الأول 2022، ويونيو/حزيران 2023، إضافة إلى القمة المرتقبة خلال الزيارة الحالية.
وأرست تلك الزيارات ركائز صلبة لمسار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، لتتوج بتوقيع البلدين اتفاق شراكة استراتيجية بينهما خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، إلى روسيا مطلع يونيو/حزيران 2018.
وكان نتاج تلك الشراكة، قيام بوتين بزيارة لدولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول 2019، كانت الأولى له إلى الخليج عموما منذ 12 عاماً تقريباً، أتبعها بزيارة ثانية في ديسمبر/كانون الأول 2023.
وشهدت كل زيارة وكل قمة عقدت، إضافة لبنة جديدة لصرح العلاقات المتنامية بين البلدين، فخلال القمة التي جمعتهما بموسكو في 20 أبريل/نيسان 2017 ، أعلن الجانبان في ختام اللقاء عن نية البلدين دراسة إضفاء طابع الشراكة الاستراتيجية على العلاقات الروسية الإماراتية.
وفي القمة التالية التي عقدت في مطلع يونيو/حزيران 2018، وقع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين .
وينص الإعلان على إنشاء شراكة استراتيجية للعلاقات القائمة بين البلدين تشمل المجالات السياسية والأمنية والتجارية والاقتصادية والثقافية إضافة إلى المجالات الإنسانية والعلمية والتكنولوجية والسياحية.
أما القمة التاسعة التي عقدت في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2019 ، خلال زيارة دولة قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للإمارات ضمن جولة شملت السعودية أيضا، فكانت هي الأولى له إلى الخليج منذ اثني عشر عاماً.
وخلال تلك الزيارة، ترأس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين اجتماعا ضم مسؤولين عن ملف التعاون الاقتصادي في الجانبين.
كما عقد الزعيمان جلسة مباحثات رسمية تناولت علاقات الصداقة والتعاون الثنائي بين البلدين وسبل تطويرها وتعزيزها على المستويات كافة.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، خلال المباحثات أن العلاقات الإماراتية – الروسية متجذرة ومتنامية وتقوم على الثقة والاحترام المتبادل وتستند إلى إرث ثري من التعاون و التواصل والزيارات المتبادلة والمصالح المشتركة.
وبين أن إعلان الشراكة الاستراتيجية الذي وقعه البلدان كان بمثابة نقلة نوعية في مسار العلاقات، وأنه يعبّر عن توفر إرادة سياسية مشتركة للارتقاء بهذه العلاقات ودفعها إلى آفاق أرحب.
بدوره، أكد الرئيس الروسي أن بلاده ودولة الإمارات شركاء في العديد من الاستثمارات خاصة في مجال الطاقة والطاقة النووية السلمية، إلى جانب التنسيق بين سياسات البلدين في أسواق النفط والتعاون في مجال استكشاف وعلوم الفضاء.
وثمن الدعم الشخصي الذي يبديه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لترسيخ وتنمية العلاقات بين دولة الإمارات وجمهورية روسيا.
كما شهد الزعيمان مراسم تبادل اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين شملت المجالات الاقتصادية والاستثمارية والبيئية والتي تستهدف تطوير الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وفتح آفاق جديدة للعمل المشترك في مختلف القطاعات.
أما القمة العاشرة التي جمعت الزعيمين، فكانت الأولى بعد تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مقاليد الحكم، وعقدت في سانت بطرسبوغ في 11 أكتوبر /تشرين الأول 2022.
وأكد خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على سياسة دولة الإمارات الداعمة للسلام والاستقرار على الساحتين الإقليمية والدولية، والداعية إلى ضرورة استمرار المشاورات الجادة لحل الأزمة الأوكرانية، مهما كان مستوى صعوبتها وتعقيدها عبر الحوار والتفاوض والآليات الدبلوماسية للتوصل إلى تسوية سياسية بما يحقق السلم والأمن العالمي.
الرسالة ذاتها أكد عليها رئيس دولة الإمارات مجددا في القمة الـ11 التي جمعت الزعيمين في سانت بطرسبرغ في 16 يونيو/حزيران 2023.
واستعرض الزعيمان، خلال اللقاء، مسار العلاقات الإماراتية - الروسية في ظل الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، مؤكدين الحرص على المضي قدماً في تنمية هذه العلاقات.
أما القمة الـ12، فعقدت خلال زيارة دولة أجراها بوتين لدولة الإمارات 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، وبحث خلالها الزعيمان مختلف أوجه العلاقات بين البلدين وإمكانيات تنميتها في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بينهما، إضافة إلى عددٍ من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك .
وأشاد الرئيس الروسي بدور دولة الإمارات في المحافل الدولية خاصة في مجلس الأمن الدولي (خلال عضويتها به عامي 2022 و2023) وجهودها التي تسهم في استقرار الأوضاع حول العالم.
ويتوقع أن تنقل القمة المرتقبة والمباحثات التي ستتخللها العلاقات بين البلدين إلى آفاق أرحب في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما.
وساطات ناجحة
تأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى روسيا بعد 3 أيام من نجاح وساطة إماراتية جديدة لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، تُعد الثانية خلال نحو شهر والتاسعة خلال العام الجاري، والعاشرة منذ بدء الحرب في فبراير/شباط 2022.
وبموجب تلك الوساطة تم إنجاز عملية تبادل أسرى حرب جديدة شملت 190 أسيراً مناصفة بين الجانبين، ليصل العدد الإجمالي للأسرى الذين تمّ تبادلهم بين البلدين في 9 وساطات خلال العام الجاري إلى 2184، وهو رقم كبير يجسد إنجازا دبلوماسيا وإنسانيا غير مسبوق في أزمة تشهد تصعيدا متواصلا بين طرفيها.
وسبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، نهج الدولة الثابت في دعم السلام والاستقرار على الساحتين الإقليمية والدولية والحلول السياسية للنزاعات والصراعات، بما في ذلك الأزمة الأوكرانية من خلال خفض التصعيد والحوار والدبلوماسية.
وأكد استعداد دولة الإمارات القيام بأي دور لحل الأزمة الأوكرانية وتخفيف تداعياتها الإنسانية، مشددًا على أن "دولة الإمارات دائما ستكون موجودة"، لتهدئة الوضع ودعم الاستقرار في تلك الأزمة.
بدوره، سبق أن أعرب الرئيس الروسي عن شكره وتقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، لنجاح جهود وساطة بلاده بشأن تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا .
وقد أكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان لها أن نجاح الوساطة الجديدة يؤكد على ما يلي:
- الثقة التي تحظى بها دولة الإمارات لدى روسيا وأوكرانيا.
- تقدير روسيا وأوكرانيا لدور دولة الإمارات في دعم المسار الدبلوماسي لحل الأزمة بين البلدين.
- علاقات التعاون والصداقة التي تجمع دولة الإمارات بالبلدين.
بريكس.. أول مشاركة
أيضا، يشارك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، خلال الزيارة في أعمال القمة الــ16 لقادة دول مجموعة "بريكس" التي تستضيفها مدينة قازان الروسية.
وتعد هذه المشاركة الأولى لدولة الإمارات في القمة بصفتها عضواً في مجموعة "بريكس"، التي انضمت لها مطلع العام الجاري.
ويتوج انضمام دولة الإمارات لمجموعة "بريكس" نجاح دبلوماسية الإمارات القائمة على بناء الشراكات وتعزيزها وتنويعها مع القوى الدولية.
وتؤمن دولة الإمارات بأن الشراكات وحدها قادرة على تخطي تحديات اليوم المركبة والمتداخلة، وأهمها أمن الغذاء والطاقة، وتغير المناخ، والرعاية الصحية، وأنها السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن والتقدم والرخاء والازدهار والتنمية.
وتحرص دولة الإمارات على تعزيز علاقاتها مع جميع دول العالم، وتولي تعزيز الشراكات مع الدول صاحبة التجارب والخبرات الاقتصادية المتميزة اهتماما استثنائيا، بما يسهم في بناء جسور التواصل والتعاون مع مختلف دول العالم، وبما يحقق المصالح المشتركة ويسهم في جهود التنمية والتطوير والتقدم في شتى المجالات.
وشاركت دولة الإمارات بفاعلية في أعمال مجموعة بريكس خلال العام الأول للعضوية في المجموعة، حيث شاركت الجهات المختلفة بدولة الإمارات في حوالي 150 اجتماعا على المستوى العملي، وأكثر من 25 اجتماعا وزاريا وعالي المستوى.
وتعد "بريكس" من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، وتمثل المجموعة نحو 30% من حجم الاقتصاد العالمي.