في المواقف الصعبة تظهر معادن الرجال، وفي الأزمات بين الأشقاء تتجلى رصانة الحكماء، وهذا ما اعتدنا عليه من قادة الإمارات العربية المتحدة دوماً.
لذلك لم نتفاجأ من جهود الإمارات تجاه الشقيقة سوريا منذ سنوات لإعادة الجمهورية السورية لحاضنتها العربية من جديد، ولطي صفحة الخصام بين الدول العربية وسوريا، وفتح الطريق أمام الدول العربية كافة لطرق أبواب دمشق العريقة مرة أخرى بعد سنوات من القطيعة والخجل السياسي.
فتقدمت الإمارات بشجاعتها المعتادة نحو سوريا، وكان الأشقاء في دمشق على أحر من الجمر لعودة العلاقات مع أشقائهم العرب، وهو ما أدركته القيادة الإماراتية الحكيمة منذ البداية.
وبعد اتصالات وزيارات تمهيداً لإعادة سوريا مرة أخرى لحضانتها العربية نرى اليوم الرئيس السوري بشار الأسد برفقة قرينته السيدة أسماء الأسد -في أول زيارة خارجية لسيدة سوريا الأولى- في مدينة السلام وعاصمة القرار أبوظبي، تتويجاً للجهود الجبارة التي بذلتها الدبلوماسية الإماراتية بالآونة الأخيرة.
وهذه الزيارة مفصلية في تاريخ سوريا الحديث ومحورية في تاريخ العلاقات العربية السورية. وكان في استقبال الأسد لدى وصوله إلى مطار الرئاسة في أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ورافقت طائرة الرئيس السوري بشار الأسد لدى دخولها أجواء دولة الإمارات عدة طائرات حربية ترحيباً بزيارته.
وهنا لا يفوتني دور الإمارات التاريخي وجهودها مع كل الأشقاء لضمان وحدة الصف العربي، فمع المشهد الحالي أعود بالزمن للوراء، وأتذكر كيف كانت جهود حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لإعادة العلاقات بين الدول العربية ومصر، بعد القطيعة التي قادتها بعض الدول العربية ضد مصر جراء التوقيع على معاهدة السلام 1978، واليوم وبالحكمة نفسها والرصانة والواقعية بعيداً عن أجواء المزايدات الرخيصة والأفعال الصبيانية المقيتة، يكمل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله، المسيرة، ويؤكد أن الإمارات دولة ذات عقل رشيد، وسياستها هي الاعتدال والاتزان والواقعية، وتضمد كل الجراح العربية السورية، وتفتح الطريق لها من جديد كما فعل الوالد المؤسس منذ عقود مع مصر الشقيقة.
وتبقى الإمارات العربية المتحدة العقل الاستراتيجي لتلك الأمة ورمانة ميزانها في المواقف الحساسة والصعبة، ولا غريب في ذلك فهي الدولة التي تأسست على حكمة رجل عظيم وأكمل المسيرة رجال صدقوا ما عاهدوا الله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة