الدعم النقدي ورفع سعر الخبز المدعم.. هل تقل أعباء موازنة مصر؟
تدرس الحكومة حالياً تحويل الدعم التمويني العيني إلى دعم نقدي، بهدف استعادة التوازن في الاقتصاد المصري وتقليل فاتورة الدعم المتزايدة.
ووفقاً لتقديرات وزارة المالية، من المتوقع أن ترتفع الفاتورة بنسبة تقرب من 20% خلال العام المالي المقبل.
وأشار محمد شادي، رئيس وحدة الاقتصاد بمركز الحبتور للأبحاث، إلى أن تحويل الدعم العيني إلى نقدي يعد ضرورة ملحة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، حيث يؤدي الدعم العيني إلى هدر جزء كبير من إيرادات الدولة. وأضاف أن جلسات الحوار الوطني سابقاً تطرقت إلى هذا الموضوع، لكن دون التوصل إلى نتيجة نهائية بسبب المعارضة الشديدة لهذه الفكرة، نظراً لتضاربها مع توقعات المواطن الذي قد يرى في هذا التغيير تخلياً عن حقوقه.
أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال مؤتمر صحفي أمس، أن فاتورة الدعم ستصل خلال العام المالي القادم إلى 636 مليار جنيه، ارتفاعاً من 530 مليار جنيه في موازنة العام الحالي، مما يشير إلى زيادة الفاتورة وضرورة إعادة النظر فيها لتحقيق أكبر قدر من الحوكمة.
وأشار إلى أن الدعم النقدي سيكون حلاً متوسطاً يحافظ على منظومة الدعم وفي نفس الوقت يتيح للأسر المستحقة استخدام المبلغ وفقًا لاحتياجاتها.
وأكد مدبولي أن هذا الملف سيتم طرحه للنقاش خلال جلسات الحوار الوطني التي ستبدأ الأسبوع المقبل، وسيتم تحديد نهاية عام 2024 كمهلة لتقديم تصور يحدد ما إذا كان الدعم النقدي هو النموذج الأفضل لمصر أم لا.
من جانبه، أوضح الدكتور محمد شادي أن الدعم التمويني العيني يكلف الدولة قرابة 30% إضافية على سعر السلعة، وأشار إلى أن التحول إلى دعم نقدي سيساهم في تقليل أعباء الموازنة العامة للدولة وإعادة هيكلة المنظومة لتصبح أكثر استهدافًا للفئات الأكثر احتياجًا.
شادي أشار إلى أن المواطن العادي قد يرفض في البداية فكرة الدعم النقدي، ولكن مع مرور الوقت سيتقبلها ويجد أن لها العديد من المزايا مقارنة بالدعم الحالي الذي يتمثل في صرف سلع ومنتجات على بطاقة التموين. وأضاف أن فكرة الدعم النقدي ليست جديدة ويمكن تطبيقها بأكثر من طريقة، مثلاً بدلاً من منح المواطنين الدعم على شكل سيولة نقدية يمكن إعطاؤهم نقاط على بطاقات التموين كما هو الحال في منظومة الخبز. ومن خلال هذه النقاط يمكن للمواطنين شراء احتياجاتهم الشهرية من المجمعات الاستهلاكية أو بعض المنافذ التجارية الأخرى. وسيسهم التحول إلى الدعم النقدي في وصوله إلى مستحقيه وإنفاقه في الضروريات وفق أولوياتهم، كما سيساهم في الحد من التضخم نظراً لتقليل الطلب على السلع الغذائية. ووفقًا للمتحدث باسم مجلس الوزراء المستشار محمد الحمصاني، هناك مقترح بأن يحصل كل فرد مدرج على بطاقة التموين على 500 أو 1000 جنيه شهريا مع مراعاة زيادة المبلغ سنويًا مراعاة للتضخم.
- ماذا يعني تنازل الجهات الحكومية في مصر عن الدولار؟.. خبراء يجيبون
- حوكمة الدعم في مصر.. هل يتحرك سعر رغيف الخبز؟
وقدّرت الحكومة دعم السلع التموينية في موازنة العام المالي المقبل بقرابة 135.2 مليار جنيه ودعم المواد البترولية بـ154.5 مليار جنيه.
سعر الخبز في مصر
أكد رئيس الوزراء في تصريحاته أمس أن الحكومة قررت رفع سعر الخبز إلى 20 قرشًا، لكنها لا تزال تدعم رغيف الخبز حيث أن الدولة تتحمل 125 مليار جنيه سنويًا لدعم الخبز ، فيما تحصل 5 مليارات جنيه فقط من رغيف الخبز بسعر 5 قروش،لاسيما أن تكلفة رغيف الخبز تصل إلى 125 قرشًا
ومن جانبه، عبر محمد شادي عن رأيه بأنه غير مناسب تماماً إلغاء دعم رغيف الخبز أو تحديث سعره، مشيراً إلى أن ذلك سيؤثر سلباً على مصالح فئات واسعة من المواطنين الذين يعتمدون على الخبز كسلعة غذائية أساسية يومية.
من جهته، أكد حسام عيد، مساعد رئيس حزب العدل للشؤون الاقتصادية، أن منظومة الدعم بحاجة إلى إعادة هيكلة لتصبح أكثر استهدافاً للفئات المستحقة.
وأضاف أن فكرة الدعم النقدي تعتبر جيدة وستسهم في تحقيق الانضباط المالي والحد من الفساد.
وختم عيد تصريحاته بالإشارة إلى أن الدعم النقدي سيخفف من أعباء الموازنة والفجوة التمويلية، مؤكداً أنه لا يعني انسحاب الدولة بل ستظل موجودة من خلال المجمعات الاستهلاكية والمبادرات المتعلقة بخفض الأسعار وزيادة المعروض.
الزيادة الجديدة والاحتكار
رأى الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي أن تحويل الدعم العيني إلى نقدي لا يعد خيارًا مناسبًا لمصر، مشيرًا إلى ضرورة وجود جهات رقابية فعالة تحمي المواطن من ارتفاع الأسعار بصورة غير مبررة بسبب جشع التجار والممارسات الاحتكارية.
وأضاف أن التحول إلى الدعم النقدي يعني أن الدولة ستعالج على نفقة المواطن وليس العكس، مما يترك المواطن فريسة سهلة للتجار وللأسعار التي تتجاوز القدرة المالية لقطاع عريض من المواطنين.
وفيما يتعلق باتفاق الدولة مع صندوق النقد وخطط رفع الدعم على المواد البترولية والكهرباء، نفى المتحدث الرسمي باسم الوزراء وجود علاقة بينهما، مشيرًا إلى أن رفع الدعم يأتي من أجل إتمام الإصلاحات الاقتصادية اللازمة وتجنب الوقوع في أزمات مستقبلية.
ويشار إلى أن صندوق النقد وافق في مارس/ أذار الماضي على رفع قيمة القرض الممنوح لمصر، وأشار إلى ضرورة استبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي المستهدف، مؤكدًا أن دعم الوقود خلال العام المقبل سيتجاوز تقديرات الحكومة بنسبة 216% ليصل إلى 334 مليار جنيه.
aXA6IDMuMTM4LjE4MS45MCA= جزيرة ام اند امز