الخبز المدعم في مصر.. هل انتهت سنوات الدعم؟
الخبز في مصر، أو العيش كما يطلق عليه، هو ليس مجرد طعام يتم تناوله، بل هو ثقافة وعلاقة ممتدة لعشرات السنوات، فهو بالنسبة للمصريين يمثل الحياة والكرامة.
عرف الشعب المصري العيش أو الخبز منذ عصر الفراعنة، وظهر هذا في الرسومات والمقابر والبرديات الفرعونية، وظهرت أهميته في الحياة.
في العصر الحديث، احتل الخبز مكانة كبيرة لدى المصريين، واهتمت به الحكومات المتعاقبة، ووفرت له ميزانيات لدعمه وتوفيره بأسعار مخفضة للمواطنين.
في عام 1941، وتحديدا في فترة الحرب العالمية الثانية، قدمت الحكومة المصرية برنامج دعم للسلع الأساسية ومن بينها الخبز، في محاولة لتوفير الأمن الغذائي للمواطن المصري وحمايته من تداعيات الحرب التي أثرت على العالم بأثره، وتكلف برنامج الدعم في هذا التوقيت نحو مليون جنيه مصري.
المرحلة الثانية من برامج الدعم الحكومي للسلع الغذائية ظهرت في عام 1952، وتحديدا بعد ثورة يوليو 1952، وتوسع مشروع الدعم ليشمل قطاعات عدة والعديد من السلع منها الوقود والصحة والإسكان وغيرها، وظل الخبز في قمة أولويات دعم الحكومة المصرية.
في عام 1967، ظهر ما يعرف ببطاقات التموين، والتي كان هدفها توفير السلع للمواطنين في ظل النقص الذي أصاب العديد من السلع بسبب الحرب التي استنزفت موارد الدولة المصرية، وكان العيش أو الخبز في مقدمة اهتمامات الدعم، واستمر الدعم في النمو حتى وصلت قيمته إلى نحو 20 مليون جنيه مصري في عام 1970.
في سبعينيات القرن الماضي، استقر سعر رغيف الخبز في مصر عند نصف قرش (الجنيه = 100 قرش)، حتى قررت الحكومة المصرية رفع سعر رغيف الخبز ليقفز للضعف ويسجل سعر الرغيف قرشا واحدا في عام 1980.
وفي عام 1984، جاءت الزيادة الثانية في سعر رغيف الخبز ليصل إلى قرشين وكان وزن الرغيف وقتها نحو 160 غراما، وفي عام 1988 ارتفع سعر رغيف الخبز إلى نحو 5 قروش، وظل وزن الرغيف ثابتا عند عند 160 غراما.
منذ هذا التوقيت حافظ رغيف الخبز المدعوم من الحكومة المصرية على سعره عند 5 قروش، ولكن التغييرات طالت وزن الرغيف نفسه، في عام 1991 تم تخفيض وزن الرغيف إلى 130 غراما وظل بنفس السعر عند 5 قروش، واستمر الوضع لما يقرب من 23 عاما.
في عام 2014، تم تخفيض وزن رغيف الخبز إلى 120 غراما للرغيف الواحد، وظل محافظا على سعر 5 قروش، وبعد عامين فقط وتحديدا في عام 2016، شهد رغيف الخبز خفضا جديدا في الوزن إلى 110 غرامات، وظل محافظا على سعر 5 قروش.
وفي عام 2017، خفض وزن الرغيف إلى 100 غرام، ثم إلى 90 غراما في عام 2020، وظل هكذا حتى عام 2024، ليشهد أول زيادة في السعر منذ 36 عاما، حيث قررت الحكومة رفع سعر الخبز المدعم إلى 20 قرشا اعتبارا من بداية يونيو/حزيران 2024.
وفقا لبيان مجلس الوزراء المصري اليوم الأربعاء، تبلغ تكلفة رغيف الخبز على الدولة نحو 125 قرشا، ويتم بيعه بـ5 قروش، وبالتالي فالدولة تتحمل 120 قرشا على كل رغيف، وهو ما يعني أن الدولة تتحمل سنويا 120 مليار جنيه على اعتبار أنه يتم إنتاج 100 مليار رغيف في المتوسط سنويا.
ووفقا لتصريحات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الحكومة المصرية، "بعد زيادة سعر الرغيف إلى 20 قرشا، لا تزال الدولة تدعم كل رغيف خبز بـ105 قروش، وهو ما يعني أن الدولة ستتحمل 105 مليارات جنيه سنويا".
ووفقا للبيانات الحكومية، فإن مصر تقدم الخبز المدعوم لأكثر من 70 مليون شخص ويتم صرف 150 رغيفا شهريا من الخبز المدعوم للفرد، وذلك منذ بدء العمل بمنظومة البطاقات الذكية في أبريل/نيسان 2014.
وفقا لتصريحات وزير التموين المصري الدكتور على المصيلحي، فإن مصر، التي تعد أكبر مستورد للقمح في العالم، تستهلك 8.5 مليون طن من القمح سنويا في صناعة الخبز المدعوم.
وذكرت وزارة المالية في مارس أنها ستخصص نحو 125 مليار جنيه (2.66 مليار دولار) لدعم الخبز في موازنة العام المالي 2025/2024.
وتشير البيانات الرسمية إلى زيادة نصيب الفرد من الخبز البلدي المدعم 28.6%، حيث وصل لـ3.6 رغيف يوميا عام 2020، مقارنة بنحو 2.8 رغيف يوميا في عام 2019.
وقال وزير التموين المصري في مؤتمر صحفي اليوم بمجلس الوزراء، إنه منذ بداية العام وحتى شهر مايو/أيار الجاري تم صرف 88 مليارا و861 مليون رغيف خبز.
وتابع الوزير حديثه، قائلًا: عندنا قمنا بتقييم شهر يونيو/حزيران، من واقع عدد البطاقات الموجودة ومعدلات صرف الخبز، من المتوقع وصول عدد الأرغفة إلى 100 مليار و728 مليون رغيف.
واستكمل حديثه: نحن نستهلك حوالي 8.5 مليون طن قمح سنويًا، وفي العام الماضي كنا نستهدف توريد 3.5 مليون طن وحصلنا على 3.4 مليون طن والباقي تم استيراده.
ولفت الوزير إلى أنه حينما كان وزيرا للتموين في عام 2006، كان هناك حديث حول ترشيد الدعم، وكان سعر الخبز المُدعم 5 قروش، وكانت التكلفة حينها 20 قرشا، فتم طرح مقترح بأن يتم زيادة سعر الخبز إلى 10 قروش، وقال الوزير إنه رفض هذا المقترح وعرض أن يتم رفع السعر إلى 20 قرشا ويتم التحول إلى الدعم النقدي.
aXA6IDMuMTQ5LjI0My44NiA= جزيرة ام اند امز