الجريمة البيضاء.. الجاني والعقوبة في ميزان القانون الإماراتي
تثير عمليات غسل وتبييض الأموال أو "الجريمة البيضاء" كما يطلق عليها في الأوساط المهتمة بالجرائم الاقتصادية، القلق في جميع عواصم العالم.
وفي دولة الإمارات التي رسخت لنفسها مكانة عالمية بارزة كمركز مالي واقتصادي عالمي، أضحى ملف مكافحة "الجريمة البيضاء" أولوية استراتيجية تعمل عليها جهات حكومية مختلفة.
ولتحصين نظامها المالي ومن ثم دعم وحماية النظام المالي العالمي، طورت الإمارات منظومة قانونية محكمة من شأنها تضييق الخناق على شبكات الجرائم المالية.
وفي هذا الصدد، قامت دولة الإمارات بوضع قوانين واضحة لمكافحة غسل الأموال، أو ما يسميها البعض الجريمة البيضاء، عبر تحديد هذه الجريمة، والتعريف بمرتكبها.
ولتنفيذ تلك المنظومةالمحكمة، عملت دولة الإمارات على إنشاء محاكم متخصصة لنظر جرائم غسل الأموال.
قوانين مكافحة غسل الأموال
أصدرت الإمارات المرسوم بقانون اتحادي رقم 20 لسنة 2018 المعدل بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 26 لسنة 2021، في شأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة لتطوير البنية التشريعية والقانونية للدولة، نظرا لما لها من دور هام في ضمان الالتزام المستمر بالمعايير الدولية ذات الصلة بمكافحة جرائم غسل الأموال ومواجهة تمويل الإرهاب.
ويهدف القانون إلى مكافحة ممارسات وجرائم غسل الأموال، ووضع إطار قانوني يعزز الجهود التي تبذلها الجهات ذات العلاقة في الدولة لمكافحة غسل الأموال والجرائم المرتبطة، وكذا مكافحة عمليات تمويل الإرهاب والتنظيمات المشبوهة.
مرتكب جريمة غسل الأموال
يحدد المرسوم بقانون مرتكب جريمة غسل الأموال بأنه كل من كان عالما بأن الأموال متحصلة من جريمة أصلية، وارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية:
- حول المتحصلات أو نقلها أو أجرى أي عملية بقصد إخفاء أو تمويه مصدرها غير المشروع.
- أخفى أو موّه حقيقة المتحصلات، أو مصدرها، أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها.
- اكتسب أو حاز أو استخدم المتحصلات عند تسلمها.
- ساعد مرتكب الجريمة الأصلية على الإفلات من العقوبة.
غسل الأموال جريمة مستقلة
نص المرسوم بقانون على أن جريمة غسل الأموال تعتبر جريمة مستقلة، ولا تحول معاقبة مرتكب الجريمة الأصلية دون معاقبته على جريمة غسل الأموال.
كما لا يشترط حصول الإدانة بارتكاب الجريمة الأصلية، لإثبات المصدر غير المشروع للمتحصلات.
المحاكم الاتحادية لجرائم غسل الأموال
أصدرت وزارة العدل بدولة الإمارات قرارات وزارية بإنشاء محاكم متخصصة لنظر جرائم غسل الأموال بالقضاء الاتحادي بمحاكم الشارقة، عجمان، أم القيوين، والفجيرة.
وأنشأ بكل دار قضاء دوائر جزئية وكلية ودوائر استئناف لنظر هذه الجرائم.
المحاكم المحلية لجرائم غسل الأموال
أصدر الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، رئيس دائرة القضاء في أبوظبي، قراراً بإنشاء محكمة متخصصة للنظر في جرائم غسل الأموال والتهرب الضريبي، وذلك في إطار تنفيذ الأولوية الاستراتيجية لدائرة القضاء المتمثلة بتعزيز فاعلية وكفاءة التقاضي وضمان منظومة العدالة الجنائية، وصولاً إلى هدف قضاء عادل وناجز.
ويعزز إنشاء محكمة جرائم غسل الأموال والتهرب الضريبي، جهود دولة الإمارات الفاعلة لمواجهة تلك الجرائم وضمان ملاحقة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة، عبر اتخاذ العديد من الخطوات والإجراءات بالتنسيق والتكامل مع مختلف الجهات المعنية.
المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال
في ديسمبر 2020، وافق مجلس الوزراء في جلسته على إنشاء المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك بهدف تعزيز مكانة الدولة وتنافسيتها في مجال مواجهة غسل الأموال، ومتابعة كافة المتطلبات الدولية وأداء الدولة في مجال الامتثال المالي وفق أفضل الممارسات العالمية، والمشاركة الفعالة في تبادل المعلومات والتنسيق مع الشركاء والجهات التنفيذية والرقابية حول العالم والأمم المتحدة في نفس الإطار.
اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال
تشرف اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب والتنظيمات غير المشروعة على عملية التقييم الوطني للمخاطر، كما تعمل على مواجهة مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب تماشياً مع التزاماتها بموجب معايير مجموعة العمل المالي (فاتف).
وتتضمن مهام واختصاصات اللجنة ما يلي:
وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الجريمة وتطويرها، واقتراح الأنظمة والإجراءات والسياسات ذات الصلة بالتنسيق مع الجهات المعنية، ومتابعة تنفيذها. وتحديد مخاطر جريمة غسل الأموال وتقييمها.
والتنسيق مع الجهات المعنية والرجوع إلى مصادر المعلومات في الجهات الدولية ذات الصلة لتحديد الدول عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتوجيه الجهات الرقابية بالتحقق من التزام المنشآت المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة والجمعيات غير الهادفة للربح الخاضعة لإشرافها بتطبيق التدابير الواجب اتباعها.
وتسهيل تبادل المعلومات، والتنسيق بين الجهات الممثلة فيها، وتقييم فاعلية نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة من خلال جمع الاحصائيات وغيرها من المعلومات ذات الصلة من الجهات المعنية تحليلها.
وتقوم بتمثيل الدولة في المحافل الدولية المتعلقة بمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، واقتراح اللائحة التنظيمية الخاصة بعمل اللجنة وعرضها على الوزير لاعتمادها.
وفي سنة 2014، تم توسيع مهام واختصاصات اللجنة لتتضمن مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، عقب إصدار القانون الاتحادي رقم (9) لسنة 2014. وفي سنة 2018، تمت إضافة المزيد من التوسيع لمهام وصلاحيات اللجنة لتشمل مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل المنظمات غير المشروعة، عقب صدور القانون الاتحادي رقم (20) لسنة 2018.
منصة مكافحة غسل الأموال
أطلقت وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة منصة رقمة (goAML) لجمع وتحليل المعلومات المالية بما يتوافق مع متطلبات مكافحة غسل الأموال.
وأصبح التسجيل في برنامج goAML إلزامي لجميع المؤسسات والشركات المالية مثل "البنوك ومكاتب الصرافة وشركات التمويل" وفقا للقانون.
وسوف يسهم البرنامج الجديد في منع جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والأنشطة المالية الأخرى غير المشروعة. وسيكون البرنامج جزءاً من وحدة المعلومات المالية، حيث سيعزز من قدراتها بالإضافة إلى ضمان الحفاظ على فعالية النظام المالي الإماراتي في مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
العقوبة في جرائم غسل الأموال
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 10 سنوات، والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف درهم ولا تزيد عن 5 ملايين درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب أحد الفعال المنصوص عليها في البند 1 من المادة 2 من المرسوم بقانون.
وتكون العقوبة السجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن 300 ألف درهم ولا تزيد على 10 ملايين درهم، إذا ارتكب الجاني جريمة غسل الأموال في الأحوال التالية: استغلال نفوذه أو سلطته المخولة له بموجب وظيفته أو نشاطه المهني، أو ارتكابها من خلال جمعية غير هادفة للربح، أو من خلال جماعة إجرامية منظمة، أو في حالة العود.
ويعاقب على الشروع في جريمة غسل الأموال بالعقوبة التامة المقررة لها.
ويعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت الذي لا تقل مدته عن 10 سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن 300 ألف درهم ولا تزيد على 10 ملايين درهم كل من استخدم المتحصلات في تمويل الإرهاب.
ويعاقب بالسجن المؤقت أو الغرامة التي لا تقل عن 300 ألف درهم ولا تزيد على 10 ملايين درهم كل من استخدم المتحصلات في تمويل تنظيمات غير مشروعة.
وللمحكمة بناء على طلب من النائب العام أو من يفوضه أو تلقاء نفسها، تخفيف العقوبة أو الإعفاء منها عمن بادر من الجناة فأدلى إلى السلطات القضائية أو الإدارية بمعلومات تتعلق بأي من الجرائم المعاقب عليها في هذه المادة، متى أدى ذلك إلى الكشف عنها أو عن مرتكبيها وإثباتها عليهم أو القبض علي أحدهم أو ضبط متحصلاتها.
aXA6IDE4LjIyNy4xOTAuMjMxIA==
جزيرة ام اند امز