موراليس.. مزارع حكم بوليفيا إثر اضطرابات وأقالته الاحتجاجات
رحلة صعود شاب من الطبقات الفقيرة إلى سدة الحكم في بوليفيا تنتهي باستقالته بعد احتجاجات شعبية عارمة
"أستقيل من منصبي كرئيس".. بكلمات قليلة على التلفزيون الرسمي ترك "خوان إيفو موراليس أيما"، رئيس بوليفيا صاحب الـ60 عاما، كرسي الحكم، بعد موجة احتجاجات عارمة على إعادة انتخابه، مستمرة منذ 3 أسابيع.
موراليس هو أول رئيس في تاريخ أمريكا اللاتينية من الأمريكيين الأصليين وينتمي إلى الحركة الاشتراكية الذي قام بتأسيسها، وإلى عائلة من المزارعين البسطاء.
- اعتقال رئيسة المحكمة الانتخابية ونائبها في بوليفيا بتهمة التزوير
- رئيس بوليفيا يعتزم الدعوة لانتخابات جديدة على وقع احتجاجات عنيفة
وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعيد تنصيب موراليس لولاية رابعة حتّى 2025، رغم رفض البوليفيين هذا الخيار في استفتاء جرى في فبراير/شباط 2016.. وسبق أن طالبت لجان المجتمع المدني بعدم ترشّحه لانتخابات جديدة.
وطلبت منظّمة الدول الأمريكيّة (دولية مقرها واشنطن) إلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسيّة التي جرت في 20 أكتوبر/تشرين الأوّل، في ضوء التجاوزات التي شابتها، داعيةً إلى إجراء انتخابات جديدة يتمّ توفير الضمانات لحسن إتمامها "وبينها في الدرجة الأولى تشكيل هيئة انتخابيّة جديدة"، في إشارة الى المحكمة الانتخابية العليا.
وشهدت البلاد أسابيع من احتجاجات وأعمال الشغب ضد التزوير المزعوم في الانتخابات الرئاسية، عندما توقفت اللجنة الانتخابية عن الإعلان عن نتائج الفرز السريع للأصوات والتي كانت تشير إلى إمكانية إجراء جولة إعادة بين اليساري موراليس والمرشح المنافس كارلوس ميسا من تيار يمين الوسط.
وتسببت الاحتجاجات وأعمال الشغب ضد التزوير المزعوم في البلاد في مقتل 3 أشخاص وإصابة أكثر من 300 آخرين.
ابن المزارعين
ولد موراليس في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1959 لأسرة تعمل بالزراعة بمنطقة أورينوكا التابعة لإقليم أورورو جنوب غربي بوليفيا.
والتحق منذ سن السادسة بالعمل الزراعي مع والده، حيث رافقه إلى شمال الأرجنتين للعمل في حقول قصب السكر، وإلى إقليم كوشابامبا لبيع قطعان اللاما.
وتمكن موراليس من الالتحاق بمدرسة كالافيلكا في مراحل التعليم الأولى قبل الالتحاق بأورورو لمواصلة دراسته؛ حيث عمل بالتزامن مع الدراسة بناء وخبازا وعازفا على آلة البوق، كما لعب كرة القدم ضمن فريق "باندا ريال إمبريال".
وبعد إنهائه السنة الخامسة من التعليم الثانوي التحق موراليس بالجيش؛ حيث كان التجنيد إجباريا، وقد عايش انقلابَين بالعاصمة لاباز أثناء فترة أدائه الخدمة العسكرية عام 1978.
وإثر انتهاء خدمته العسكرية عاد إيفو ليعمل مزارعا بأرضه، لكن سرعان ما عصفت ظاهرة النينيو والرياح الثلجية بالمحاصيل الزراعية وقطعان الماشية، ما أجبر آلاف السكان على الهجرة ومنهم عائلة موراليس التي توجهت إلى الشرق نحو منطقة صغيرة تدعى سان فرانسيسكو بمقاطعة كوشابامبا، حيث واصل إيفو العمل بالزراعة.
مسار سياسي
وانتخب موراليس في ثمانينيات القرن الماضي رئيسا لنقابات مزارعي الكوكا في فترة اتسمت بالمواجهات بين مزارعي الكوكا والحكومة البوليفية في إطار حربها على المخدرات، ما عرض موراليس للاعتقال والسجن.
وفي انتخابات 2002 الرئاسية حقق موراليس نتيجة مفاجئة بحصوله على 20.9% من أصوات الناخبين بفارق 1.9% فقط عن الفائز سانشيز دو لوزادا، فيما فاز حزبه الحركة الاشتراكية بـ27 مقعدا في البرلمان ليصبح ثاني قوة سياسية في البلاد، كما انتُخب موراليس نائبا بـ81.3% من أصوات الناخبين.
وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2005 انتُخب إيفو موراليس رئيسا لبوليفيا إثر حصوله على 53.7% من أصوات الناخبين بعد أشهر من الاضطرابات شهدتها البلاد بسبب قانون المحروقات المثير للجدل.
وفي 2008 وافق البوليفيون في استفتاء شعبي على تعزيز سلطات موراليس والمضي في الإصلاحات الاشتراكية التي انتهجها وجعلته في مواجهة مع الأقاليم الغنية الرافضة لنهجه اليساري، يصنف إيفو موراليس يساريا يؤمن بالفكر الاشتراكي.
وفي 14 يناير/كانون الثاني 2009 قام بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل نتيجة الحرب على غزة، وفي 31 يوليو/تموز 2014 أعلن موراليس أن إسرائيل كيان إرهابي وألغى السماح بدخول الإسرائيليين دون تأشيرة سفر.
استقالة موراليس رفضتها العديد من دول أمريكا اللاتينية، حيث وصفتها بـ"الانقلاب"؛ إذ أعربت كوبا عن دعمها لموراليس، مندّدة بشدّة بـ"الانقلاب في بوليفيا".. كما أدان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بشكل قاطع "الانقلاب" في بوليفيا، بعد استقالة موراليس.
من جانبها، عرضت المكسيك، الأحد، تقديم اللجوء لموراليس بعد استقالته من منصبه.. وكتب وزير الخارجية المكسيكي مارسيلو إيبرار على "تويتر" قائلا: "إنّ المكسيك، وفقا لتقليد منح اللجوء وعدم التدخّل، قد استقبلت 20 شخصية من السُلطتين التنفيذية والتشريعية في بوليفيا، في مقرّ الإقامة الرسمي المكسيكي في لاباز، وإذا ما قرّر الرئيس البوليفي أيضاً ذلك، فسنعرض كذلك اللجوء على موراليس".
ومنذ أن صار موراليس رئيسا عام 2006، واجه انتقادات من محللين دوليين وعدد من منظمات حقوق الإنسان بأن مجموعة من سياسات حكومته جعلت حكم القانون يتراجع كما هددت حقوق الإنسان في بوليفيا.
وفي أغسطس/آب عام 2011، تعاملت الشرطة بعنف مع متظاهرين سلميين، فانتشر الخبر في وسائل الإعلام الدولية، الأمر الذي نفاه موراليس مؤكدا عدم إعطائه أوامر للشرطة بمهاجمة المتظاهرين، ولكن هذه الأحداث أثرت سلبا على شعبيته.
وفي خطاب، اعتذر رسميا لشعبه عما حدث، وواصل القول إنه لم يعطِ أوامر بمهاجمة المتظاهرين وإن ضباط الشرطة اتخذوا هذا القرار بأنفسهم.