محللون: سباق مغربي-جزائري نحو أسواق أفريقيا عبر بوابة موريتانيا
العلاقات الموريتانية المغربية تشهد حراكا ملحوظا من خلال تنظيم سلسلة فعاليات اقتصادية مشتركة بين الجانبين في العاصمة الموريتانية
تشهدت العلاقات الموريتانية المغربية حاليا حراكا ملحوظا، من خلال تنظيم سلسلة فعاليات اقتصادية مشتركة بين الجانبين في العاصمة الموريتانية نواكشوط، واستهدفت بحث فرص الاستثمار، وتسهيل عمليات المرور، وتطوير الشراكة في مجال الطاقة.
واعتبر خبراء ومحللون موريتانيون أن الحراك المسجل مؤخرا في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وموريتانيا مرتبط بالتنافس بين الرباط والجزائر على أسواق أفريقيا جنوب الصحراء.
وأشار الخبراء، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إلى البعد الجيوسياسي في حرص المغرب والجزائر على تطوير وتنمية علاقاتهما مع موريتانيا، رغم الطابع التجاري والاقتصادي لمجمل الأنشطة والفعاليات المرتبطة بهذا الحراك.
وكان أبرز الفعاليات والأنشطة التي أعلن عنها، ضمن هذا الحراك الحالي في علاقات موريتانيا والمغرب، منتدى أعمال موريتاني مغربي نظم في الـ17 من ديسمبر/كانون الأول الجاري، بحضور وفود من رجال أعمال البلدين وإشراف حكومي رسمي.
واستقبل رئيس الوزراء الموريتاني محمد سالم ولد البشير وفد اتحاد رجال الأعمال المغربي، في اليوم نفسه برئاسة صلاح الدين مزاور رئيس الاتحاد ووزير الخارجية المغربي السابق.
وحسب الوكالة الموريتانية للأنباء، تم التأكيد على ضرورة الاهتمام بالربط البحري، وتسهيل عمليات المرور بين البلدين على مستوى الطرق، وضرورة ربط الشبكة الكهربائية وشبكة الإنترنت بينهما.
كما احتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط في الـ10 والـ11 من ديسمبر الجاري مؤتمرا للشراكة الموريتانية المغربية حول الطاقة والكهرباء، قدمت خلاله عروضا حول الاستثمار في المجال.
البوابة الإجبارية
الشيخ ولد محمد حرمه، رئيس تحرير موقع "صحراء ميديا"، والكاتب المتخصص في قضايا المنطقة، يعتبر في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن الحراك الحالي في علاقات موريتانيا والمغرب مرتبط بالوضع الجيوسياسي في المنطقة، على الرغم من أنه يأخذ طابعا اقتصاديا وتنمويا.
وأشار إلى أن الاهتمام المغربي المتزايد بتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع موريتانيا ينسجم مع الخطط التي رسمتها الرباط منذ 20 عاماً لفتح أسواق دول أفريقيا جنوب الصحراء أمام منتجاتها خاصة الفلاحية والزراعية.
واعتبر ولد حرمة أن موريتانيا تمثل النافذة الأساسية لإطلالة المغرب على الأسواق الأفريقية، في ظل اعتماد الرباط خيار النقل البري لتسويق المنتجات، وهو ما يفرض عليها العبور بشكل إجباري من خلال الأراضي الموريتانية.
وأوضح الإعلامي والمحلل السياسي ولد محمد حرمه أن الحراك الحالي في العلاقات الموريتانية المغربية له علاقة بالمنافسة بين الجزائر والرباط على فتح الأسواق الأفريقية، مشيرا إلى أن الرغبة في ولوج هذه الأسواق كان في البدء رغبة مغربية، قبل أن تدخل الجزائر مؤخرا على خط التنافس للاستحواذ على نصيب من هذه الأسواق.
وبين أن مظاهر التنافس الجزائري-المغربي على الأسواق الأفريقية انعكس بشكل جلي مؤخرا في التطورات التي شهدها ملف العلاقات التجارية الموريتانية الجزائرية، حيث تمثل موريتانيا منطقة عبور إجبارية مماثلة للمنتجات الجزائرية نحو أفريقيا.
واعتبر ولد محمد حرمه أن هذا "التواصل" الاقتصادي المهم المسجل مؤخرا بين موريتانيا والجزائر، الذي تجسّد في فتح المعبر وتنظيم أكبر معرض من نوعه للمنتجات الجزائرية بموريتانيا شهر أكتوبر الماضي، فرض على المغرب التحرك بهذا الزخم مجددا نحو موريتانيا، في وجه هذه المنافسة الجزائرية القوية على الأسواق الموريتانية والأفريقية.
ثقة أكبر
أما عبدالرحمن جد أمو، كاتب ومحلل سياسي موريتاني، فيربط في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، بين الحراك الحالي في العلاقات الاقتصادية بين الرباط ونواكشوط، وجولة المفاوضات المتعلقة بالصحراء الغربية، المنظمة مؤخرا بجنيف التي حضرتها موريتانيا كمراقب.
وأشار جد أمو إلى أن هذه المشاركة الموريتانية "تطمئن" الرباط على ثبات موقف موريتانيا المحايد في هذه القضية، وسعيها الجدي لإيحاد تسوية، مما يفتح المجال أمام رغبة مغربية و"ثقة أكثر" في علاقة "قوية ومتميزة" مع موريتانيا، حسب تعبيره.
وأوضح عبدالرحمن جد أمو أن المغرب قد يكون أيضا مدفوعاً من خلال هذا الحراك الجديد بالرغبة في خلق آفاق جديدة للتبادل التجاري مع موريتانيا، والحيلولة دون ترك الساحة خالية للجزائر التي فتحت معبرا تجاريا بريا جديدا مع موريتانيا.
وبيّن جد أمو أن السباق المغربي الجزائري نحو أفريقيا عبر موريتانيا يعزز موقع نواكشوط التفاوضي مع البلدين الجارين في كل الاتفاقيات والشراكات التي تربط نواكشوط مع الجزائر العاصمة والرباط، لأهمية البوابة الموريتانية لولوج منتجات البلدين الأسواق الأفريقية.
الإرادة السياسية
الكاتب والمدوّن الموريتاني عبيد إميجن دون، السبت الـ17 من ديسمبر حول "منتدى الأعمال الموريتاني المغربي"، قائلا إن "التبادل الاقتصادي هو إحدى أدوات القوة الناعمة بين الدول المتجاورة" حسب قوله، معتبرا أن "الإرادة السياسية هي التي تحدد أفق المسارات المأمولة من قبل الفاعلين غير الحكوميين".
وفي تدوينة أخرى، نقل الكاتب والمدوّن عبيد إميجن عن صلاح الدين مزوار رئيس اتحاد الأعمال والمقاولات المغربي رغبة الأخير "في بناء استثمارات وتوطين المصالح المشتركة مع موريتانيا، وإلغاء التأشيرة بين البلدين".
وشهدت العلاقات الموريتانية الجزائرية خلال شهر أكتوبر الماضي حراكا مماثلا للحراك الحالي في علاقات موريتانيا والمغرب.
ففي الـ10 من شهر أكتوبر الماضي تم الافتتاح الرسمي لأول معبر تجاري بري بينهما، تلا ذلك تنظيم أضخم معرض للمنتجات الجزائرية بموريتانيا، ما بين 23 -29 من الشهر نفسه، تميز بمشاركة أكثر من 170 شركة جزائرية ما بين القطاعين العام والخاص.
واحتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط في الـ23 أكتوبر الماضي منتدى رجال الأعمال الموريتانيين والجزائريين، الذي توجت أعماله بتوقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، قبل أن تتوج تلك الأنشطة بزيارة وفد رجال الأعمال الجزائريين لمنطقة "نواذيبو" الموريتانية الحرة لاستكشاف فرص الاستثمار.
aXA6IDMuMTUuMjAzLjI0MiA= جزيرة ام اند امز