عام الانتصارات الدبلوماسية للمغرب.. قنصليات بالجنوب ووساطة بليبيا
حقق المغرب خلال عام 2020 باكورة انتصارات دبلوماسية، سواء على مستوى وحدته الترابية، أو من خلال وساطته الناجحة في الملف الليبي.
وحققت الرباط نصراً دبلوماسياً ساحقاً على دُعاة الانفصال، سواء من خلال فتح 17 قُنصلية بالأقاليم الجنوبية، أو عبر تحرير معبر الكركرات.
كما مكنت السُمعة العالية للمملكة بقيادة عاهلها الملك محمد السادس، من تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، سواء من خلال "حوار بوزنيقة"، أو اجتماع مجلس النواب الليبي في طنجة، وهما محطتان لقيتا إشادة ودعما دوليا واسعين.
حاضرة الدبلوماسية
خلال الشهور الماضية، تحولت الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، وخاصة مدينتي العيون والداخلة، إلى حاضرتين للدبلوماسية الدولية، وذلك من خلال احتضانهما لحوالي 17 قُنصلية لدول من شتى قارات العالم.
وكانت الإمارات العربية المتحدة، آخر الدول التي فتحت قُنصليتها بمدينة العيون، فيما يسير البحرين والأردن على الدرب نفسه، بالإضافة إلى جمهورية هايتي الكاريبية، وذلك بعد الكشف عن نيتها فتح قُنصليات جديدة بالمنطقة.
وفيما كانت البداية بقُنصليات لدُول أفريقية اختارت تعزيز تمثيلها الدبلوماسي في هذا البلد، من خلال فتح قُنصليات جديدة بالأقاليم الصحراوية للمغرب، شكلت الخطوة الإماراتية مُنعطفاً هاماً في هذا المسار الدبلوماسي الذي يدعم بشكل قوي الوحدة التُرابية للمملكة.
وكانت الإمارات العربية المتحدة، الدولة العربية غير الأفريقية الأولى التي فتحت قُنصليتها بالعيون، ليليها كُل من الأردن والبحرين، اللذين أعلنت قيادتاهما في اتصالات مُنفصلة مع العاهل المغربي الملك محمد السادس، عزمهما فتح قُنصليات بالمدينة.
وسبق لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أن كشف لـ"العين الإخبارية" عزم العديد من الدول فتح قُنصلياتها بهذا الجُزء الهام من التراب الوطني للمملكة، في خطوة من شأنها تضييق الخناق على المُخططات الانفصالية لجبهة البوليساريو.
ويرى الباحث الأكاديمي، كريم عايش، أن فتح هذه القنصليات يعني دعماً واضحاً لسيادة المملكة على أقاليمها الصحراوية، وتأكيدا مُباشرا على وحدتها الترابية من طنجة شمالاً إلى مدينة لكويرة في أقصى الجنوب.
وأضاف عايش لـ"العين الإخبارية": "وجود هذه القنصليات دليل على سيادة وطنية معترف بها من جانب المجتمع الدولي، ودعم للتوجه المغربي في جعل الأقاليم الجنوبية قنطرة نحو عمقه الأفريقي، وهمزة وصل بين الشمال والجنوب، رابطا بين أوروبا وأفريقيا".
تحرير الكركرات
ومما تميز به عام 2020 في المملكة، خطوة الجيش المغربي بإنهاء حالة الفوضى التي تسببت فيها جبهة البوليساريو بمعبر الكركرات الرابط بين المملكة وجارتها الجنوبية موريتانيا.
وبمهنية عالية، وفي احترام تام لاتفاق وقف إطلاق النار، وأمام مرأى من قوات المينورسو التابعة للأمم المتحدة، قامت القوات المسلحة الملكية المغربية بوضع حزام أمني، يضمن حركة تنقل البضائع والأشخاص بين حُدود البلدين.
وقوبل التدخل الهادئ للجيش المغربي بإشادة ودعم واسعين، سواء على المستوى العربي، أو الأوروبي، وحتى الأممي,
وبحسب حسن بلوان، الخبير في العلاقات الدولية، فإن هذه الخطوة مكنت المملكة من ضبط سيادتها بشكل أكبر على هذه النقطة الاستراتيجية من تُرابها، وصد الباب أمام أي تصرفات للبوليساريو.
وسيط ذو مصداقية
المواقف الرزينة للسياسة الخارجية المغربية، لم تؤت أكلها على مستوى القضية الوطنية الأولى للمغاربة فقط، بل مكنت المملكة من تبوء مكانة رفيعة لدى المُجتمع الدولي، خاصة لتبنيها منطق عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وقد بدا هذا المنطق جلياً في مُعالجة المملكة للملف الليبي، إذ أكد وزير الخارجية المغربي، في أكثر من مُناسبة، أن بلاده ترفض أي تدخل أجنبي في الملف الليبي، مُشدداً على التدخلات العسكرية والأجنبية لا تزيد الطين إلا بلة.
وفي المقابل، يشدد المغرب على أن الحل يجب أن يكون ليبيا - ليبيا، وأن التدخل الوحيد الذي يجب أن يكون هو "توفير الأجواء المناسبة لكسر الجليد وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين". وهو الشيء الذي لم تكتف المملكة بقوله، بل ترجمته إلى أفعال من خلال احتضان محطات ناجحة للحوار الليبي.
وتمثلت المرحلة الأولى في استقبال حوار بوزنيقة طيلة ثلاث جولات، بين مُمثلين عن مجلس النواب الليبي، وما يُسمى "المجلس الأعلى للدولة"، لينتهي بتوقيع اتفاق حول المعايير التعيين في المناصب السيادية.
أعقب ذلك اجتماع مجلس النواب الليبي، بحضور أكثر من 120 نائباً، التقوا بمدينة طنجة شمال المملكة، واتفقوا على سبع نقاط، أهمها جعل مدينة بنغازي مقراً للمؤسسة النيابية، وعقد جلسة بمدينة غدامس.
المُحلل السياسي، رشيد لزرق، يرى أن السر في نجاعة الوساطة المغربية، هو الثقة العالية التي تحظى بها المملكة، بقيادة الملك محمد السادس، والتي اكتسبتها من خلال المواقف الواضحة، والمحايدة إيجابياً في الكثير من الملفات الدولية.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن هذه الثقة ترجمتها البيانات الكثيرة المرحبة بالخطوات العملية للمملكة في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، وتوفير الوسائل اللوجيستية لذلك، دون التدخل في مجريات الحوار أو مخرجاته.
aXA6IDMuMTM1LjIxOS4xNTMg جزيرة ام اند امز