مدينة تطوان المغربية.. إحدى عجائب حضارة الأندلس
مدينة تطوان الأثرية تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط بالقرب من مدينة طنجة بين مرتفعات جبل درسة وسلسلة جبال الريف قاتمة اللون
تتميز مدينة تطوان القديمة بامتزاج الحضارة الأندلسية الإسلامية بالثقافة المغربية منذ القرن الـ16، وتقف هندستها المعمارية وفنها شاهدة على التأثيرات الأندلسية الواضحة التي احتفظت بها بعيدا عن التأثيرات الخارجية، وأسهمت بقوة في إدراجها على قائمة التراث العالمي لمنظمة "يونسكو" منذ عام 1998.
تاريخ المدينة الأثرية
تقع المدينة الأندلسية أو كما تلقب بـ"الحمامة البيضاء" على ساحل البحر الأبيض المتوسط بالقرب من مدينة طنجة, بين مرتفعات جبل درسة وسلسلة جبال الريف القاتمة اللون، التي يتميز عمرانها باللون الأبيض.
وتطوان مدينة لها تاريخ طويل، بنيت على مدينة "تمودة" التي تعود للقرن الـ3 قبل الميلاد، دمرها الرومان عام 42 قبل الميلاد، وفي أوائل القرن الـ14، وتحديدا عام 1307 أعاد السلطان المريني"أبوثابت" بنائها لتحرير مدينة سبتة من الإسبان، لكن الملك "هنري الثالث" دمرها بالكامل سنة 1399.
وفي نهاية القرن الـ15، وتحديدا بعد سقوط مملكة غرناطة عام 1492، خرج أهالي الأندلس واستقروا في مدينة تطوان، وبنوها مرة أخرى، وأدخلوا الأنماط العمرانية الأندلسية في المدينة الجديدة، وهكذا امتزجت الثقافة الأندلسية مع نظيرتها المغربية في مدينة تطوان من مطلع القرن الـ16 الميلادي.
المعالم الأثرية لمدينة تطوان القديمة
تضم المدينة الأثرية عددا من المواقع التاريخية العريقة التي لا تزال قائمة حتى الآن، شاهدة على امتزاج الحضارة الأندلسية الإسلامية بالطابع المعماري والثقافي المغربي، ونستعرض أهمها فيما يلي:
سور المدينة
يحيط بمدينة تطوان سور تاريخي كبير بني على مراحل عدة بين القرنين الـ15 والـ18 الميلادي، ويقدر طوله بـ5000 متر، وارتفاعه من 5 إلى 7 أمتار، وسمكه 120 سنتيمترا، ويضم أبراج دفاعية محصنة عدة، مثل قصبة جبل درسة في الشمال وأبراج باب العقلة وباب النوادر والبرج الشمالي الشرقي، كما يحتوي السور على 7 أبواب، وتعرض للتخريب والهدم بعد وفاة المولى إسماعيل، وبني مرة أخرى في عهد ابنه عبدالله.
قصبة سيدي المنظري
بُنيت في الزاوية الشمالية الغربية للمدينة في القرن الـ15، واستغرقت 20 عاما في البناء، وتمثل مركز الحكم والسلطة، وللقصبة برج يضم مرقابا لمراقبة المدينة من الخارج، وتضم قلعة يبلغ طول سورها 65 مترا، وارتفاعه 7 أمتار، ويحتوي على برجين مربعي الشكل، إضافة إلى برج صغير متعدد الأضلاع، يربط بين الأبراج ممر حراسة، وبالقصبة مسجد، وحامية للجيش، وإسطبل للخيول، بالإضافة إلى دار للسكن.
جامع القصبة
بُني مع نهاية القرن الـ15، وتعود تسميته بجامع القصبة، لوجوده داخل البرج الذي بناه سيدي المنظري، ويضم 3 أبواب جنوبية وشمالية وغربية، وبني على أعمدة تعلوها أقواس مكسورة، وهو مغطى بسقوف خشبية مائلة مغطاة بالقرميد، ويضم صومعة متوسطة الارتفاع تقدر بـ15 مترا مربعة التخطيط.
حصن الاسقالة
يعد حصن الاسقالة معلما سياحيا ضمن المعالم الأثرية بالمدينة، وبني خلال النصف الأول من القرن الـ15، وتحديدا في عام 1831 م، في عهد السلطان مولاي عبدالرحمن، ويوجد فوق باب العقلة أحد أبواب المدينة الرئيسية لحمايتها والدفاع عنها من الأطماع الخارجية، ويحتوي الحصن على حديقة داخلية كبيرة تطل على البحر المتوسط.
ضريح سيدي عبدالقادر التابين
يقع الضريح بالجزء الجنوبي لسور المدينة بالقرب من حدائق مولاي رشيد، ويضم قبر الشريف سيدي عبدالقادر التابين، الذي توفي سنة 1170م، وينسب إليه بناء مدينة تطوان خلال الفترة الموحدية في القرن الـ12 الميلادي، والضريح من الأماكن الروحية السياحية في المغرب.
مدرسة جامع لوكش
بناها القائد عمر لوكش سنة 1758، وتضم مدرسة دينية لطلاب العلم بالمدينة وخاصة بالجامع الكبير، وتتكون من طابقين، الأول يضم 20 غرفة للطلاب.
الجامع الكبير
يعد الجامع الكبير أو الأعظم من أهم المعالم الإسلامية في المدينة، ويرجع للقرن الـ19 الميلادي، في عهد السلطان المولى سليمان عام 1808م، وهو مستطيل الشكل على مساحة 1500 متر مربع، ويتكون من قاعة للصلاة، وصحن كبير مكشوف تتوسطه نافورة، وتحيط بالصحن أروقة، وللجامع 3 أبواب، ومئذنة مزخرفة هي الأعلى بالمدينة، ويمتاز الجامع بزخرفة إسلامية، وأشكال وزخارف هندسية مميزة ومتعددة الألوان.
سقاية باب العقلة
بمدينة تطوان أكثر من 20 سقاية لتزويد السكان والزائرين بالماء، أجملها سقاية باب العقلة بزخارفها المميزة، التي بناها عمر لوكش في منتصف القرن الـ18.
البيوت التاريخية بتطوان
تضم المدينة العتيقة العديد من البيوت التاريخية، التي تزخر بتفاصيل معمارية وجمالية رائعة أشبه بطراز غرناطة، وشيدت في القرن الـ19 الميلادي، وأسهمت في تسجيل مدينة تطوان ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني سنة 1998.