المغرب والجزائر.. بلدان جمعتهما الثقافة قبل الجُغرافيا
تشترك الجارتان المغرب والجزائر في العديد من العادات والتقاليد، بدءاً من اللهجة مروراً بالطبخ ووصولاً إلى اللباس.
يفصل بين المغرب والجزائر حدود مغلقة منذ العام 1994، إلا أن ذلك لم ينجح في قطع العديد من الروابط بين البلدين، على رأسها القرابات الأسرية وأيضاً التقاليد والعادات المشتركة التي تعود لمئات السنين.
لن يصير الدم ماء
ويرتبط الشعبان المغربي والجزائري بروابط أسرية عديدة، خاصة على مستوى المناطق الشرقية للمملكة المغربية، والمناطق الغربية للجمهورية الجزائرية، إذ تجد العشرات من الأسر التي تختلط فيها المُصاهرة بين المغاربة وأشقائهم في الجزائر.
وفي هذا الصدد، تقول بعض الإحصائيات غير الرسمية إن ما يناهز 15 ألف أسرة تشهد مُصاهرة بين مغاربة وجزائريين، دون الحديث عن الولادات التي كانت تتم في البلدين، والتي من أبرزها عبدالعزيز بوتفليقة، الرئيس الجزائري السابق، الذي ولد بمدينة وجدة المغربية، كما تابع فترة غير يسيرة من مساره الدراسي بالمغرب.
المُصاهرة بين عائلات مغربية وأخرى جزائرية سلوك عززه القرب الجغرافي عندما كانت الحدود مفتوحة بين البلدين، وخاصة في نقطة التماس بين البلدين، شرق المغرب وغرب الجزائر، خاصة وأن الكثير من المناطق بين البلدين لا يفصل بينها سوى 300 متر.
كما ترعرعت العديد من الرموز المغربية والجزائرية لدى الجيران، كالراحل المهدي بن بكرة، وهو أحد أبرز السياسيين المغاربة، الذي درس في الجامعة الجزائرية، وأيضاً نبيلة منيب الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحدة، التي عاشت بمدينة وهران الجزائرية ودرست بها المرحلة الثانوية.
الصوفية.. منهج المحبة والاعتدال
ومن المُشترك بين البلدين، كثرة الطُرق الصوفية، وانتشارها الواسع، إذ تشهد المغرب والجزائر تواجدا كبيرا للطرق الصوفية، كالطريقة القادرية البودشيشية التي اتخذت من مداغ المغربية مقراً لها، في حين أن شيخها ينحدر من مدينة تلمسان الجزائرية.
بالإضافة لذلك، فالزاوية التجانية ولد شيخها في الجزائر ودفن في المغرب والشيء نفسه بالنسبة للزاوية الشيخية والطيبية والزيانية والعلاوية وغيرها من الطرق التي تتفرع من أصل واحد.
وللطرق الصوفية مكانة كبيرة لدى شعبي المغرب والجزائر، خاصة وأنها تتبنى منهج المحبة والاعتدال، بعيداً عن الإسلام السياسي الذي يستغل الدين لتحقيق العديد من المصالح الشخصية.
أمازيغ ولهجة
ومما يشترك فيه البلدان، وجود مكثف للأمازيغ، إذ يُعتبرون من السكان الأصليين لكل من المغرب والجزائر، ويتم تسميتهم في كل من البلدين بـ"الشلوح"، ويتمركزون في جبال الأطلس ووادي سوس في المغرب وفي الجنوب الغربي من الجزائر، تجمعهم عادات مشتركة ولغة قاموسها غنية بالمفردات المختلفة نوعا ما عن الأمازيغية.
وإن كانت الدارجة المغربية عصية الفهم على المشارقة، إلا أنها ليست كذلك على الجزائريين، فطريقة الحديث ولهجة الكلام متشابهة إلى حد التطابق بين البلدين، إذ لا تكاد تفرق بين جزائري ومغربي إذا تحدثاً.
وإن كانت لهجة البلدين تختلفان في بعض المفردات المعدودة على رؤوس الأصابع، إلا أنها في المجمل مفهومة ومتشابهة، خاصة على مستوى المناطق الغربية للجزائر، والشرقية للمغرب.
ويعود هذا التشابه في اللهجات إلى الاحتكاك الكبير بين أبناء البلدين، والتأثر المتبادل بعادات وثقافة كل منهما.
مطبخ مشترك
وإن اختلفت تسميات الأطباق بين البلدين، إلا أن مكوناتها تظل نفسها بين المغرب والجزائر، كالكسكس وشربة "الحريرة"، بالإضافة إلى أطباق كثيرة أخرى.
وإن كان المغاربة يُسمونه "كُسكُس" أو "سكسو" والجزائريون يُسمونه "كُسكُسي"، إلا أن هذا الطبق المعد بالسميد والمُزين بالخضر يظل بنفس المقادير واللذة، سواء تناولته في وهران الجزائرية أو الدار البيضاء المغربية.
أما تلك الشربة التي تجتمع فيها الطماطم بالعدس والبيض مع الدقيق ومكونات أخرى، فتزين موائد المغاربة والجزائريين، تحت اسم واحد هو "الحريرة".
aXA6IDMuMTM4LjExOC4xOTQg جزيرة ام اند امز