المغرب 2021.. علاقات مع إسرائيل لخدمة السلام والتعايش
لم يكن الحدث عادياً، ولم تكن مُجرد تغريدة عابرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وإنما كانت نقطة فارقة في تاريخ المنطقة.
تلك النقطة تبلورت في إعلان المملكة المغربية ودولة إسرائيل استئناف علاقاتهما الدبلوماسية بعد سنوات من توقفها.
"تقدم تاريخي آخر اليوم!"، هكذا كتب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تغريدته التاريخية، ليُعقب قائلا: "وافقت إسرائيل والمملكة المغربية على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة في اختراق هائل في سبيل السلام في الشرق الأوسط!".
دقائق قليلة في أعقاب ذلك، وأكد القصر الملكي بالرباط، ما أعلنه آنذاك، الرئيس الأمريكي، كاشفا فحوى مكالمة هاتفية جمعت كُلا من العاهل المغربي الملك محمد السادس، ودونالد ترامب.
بيان الديوان الملكي المغربي، حينها، لم يُؤكد عودة العلاقات فقط، وإنما أشار إلى وجود رغبة قوية في "تطوير علاقات مبتكرة في المجال الاقتصادي والتكنولوجي".
وأرجع هذا العزم إلى "الروابط الخاصة التي تجمع الجالية اليهودية من أصل مغربي، بمن فيهم الموجودون في إسرائيل، بشخص جلالة الملك"، بحسب تعبير البيان.
اتفاق ثلاثي
هذه الخُطوة كانت بمثابة إشارة انطلاق لعلاقات أكثر تعزيزاً وقوة، بدأت بتوقيع اتفاق ثُلاثي بين المملكة المغربية وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي طائرة مُتوشحة برمز "خميسة" المستوحى من الثقافة المغربية، إلى جانب عبارة "السلام" بالعربية والعبرية والإنجليزية، وأعلام المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، حل وفدان رفيعان، أمريكي وإسرائيلي، بالرباط.
رحلة مُباشرة من تل أبيب نحو الرباط، حملت على متنها وفدين رفيعي المُستوى، على رأسهما، جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيسي الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، ومئير بن شبات، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي حينها، وأفراهام بيركوفيتش، المساعد الخاص لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية والممثل الخاص المكلف بالمفاوضات الدولية.
وخلال هذه الزيارة تم التوقيع، أمام الملك محمد السادس، على الإعلان المشترك بين المملكة المغربية والولايات المتحدة وإسرائيل.
ووقعه من الجانب المغربي رئيس الحكومة وقتها سعد الدين العثماني، ومن الجانب الأمريكي جاريد كوشنر، ومن الجانب الإسرائيلي مئير بن شبات.
وإلى جانب الاتفاق الثلاثي، وقعت المملكة المغربية ودولة إسرائيل جُملة من الاتفاقيات الثنائية، وعلى رأسها اتفاقية يُعفى بموجبها من تأشيرات الدخول حملة جوازات السفر الدبلوماسية، وجوازات السفر الخدمية.
كما شملت التعاون في مجال المياه، وفي مجالات الأموال والاستثمارات، بالإضافة إلى التعاون في مجال الطيران المدني والرحلات الجوية المباشرة بين الدولتين.
مسار متسارع
وعلى الرغم من الظروف التي فرضتها جائحة كورونا، إلا أن العلاقات المغربية الإسرائيلية عرفت تسارعاً ملحوظاً خلال العام الذي نُودعه، سواء من خلال فتح مكتبي الاتصال في كل من الرباط أو تل أبيب، أو من خلال زيارات رفيعة المستوى لمسؤولين إسرائيليين إلى المغرب.
وقبل افتتاح خط جوي مباشر بين البلدين في يوليو/تموز المنصرم، أعاد البلدان في فبراير/ شباط 2021، افتتاح مكتبي اتصالهما في عواصم الدولتين.
وفي هذا السياق، عينت المملكة المغربية الدبلوماسي عبد الرحيم بيوض، الذي سبق أن كان مستشارا في السفارة المغربية في واشنطن بالتسعينيات، حيث كان مكلفا بالعلاقات مع الكونجرس والشؤون القنصلية.
في المقابل، عينت دولة إسرائيل السفير ديفيد غوفرين، رئيساً لمكتب الاتصال في المغرب، وهو كان سفيراً سابقا في القاهرة، وشغل في تسعينيات القرن الماضي منصب السكرتير الأول في السفارة الإسرائيلية لدى مصر.
وفي دفعة قوية للعلاقة بين البلدين، حل يائير لابيد، وزير الخارجية الإسرائيلي بالرباط، في أغسطس / آب المنصرم، ليُوقع مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، ثلاث اتفاقيات تهم مجالات السياسة والثقافة والسياحة بالإضافة إلى الشباب.
أشهر قليلة، ويحل وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، في زيارة تاريخية إلى المنطقة. يأتي من تل أبيب نحو الرباط، في أجندة حافلة بمحطات أمنية وعسكرية غير مسبوقة.
وفي هذا الصدد وقعت المملكة المغربية وإسرائيل، العديد من الاتفاقيات ذات الطابع العسكري والأمني، لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين الطرفين.