العثماني إلى "الطب النفسي".. موجة سخرية لاذعة في المغرب
منح برلمان المغرب الثقة لحكومة جديدة الأسبوع الماضي، ليكتب السطر الأخير في كتاب حزب "العدالة والتنمية" الذي سيّر الحكومة عقدا من الزمن.
ويبدو أن رئيس الحكومة السابق، والأمين العام "المستقيل" من الحزب إثر الهزيمة المدوية في الانتخابات، سعد الدين العثماني، ولى نفسه وجهة بعيدة عن العمل الحكومي، فأعلن أمس السبت عودته لجلسات الطب النفسي، عبر استئناف فتح عيادته الخاصة، بالرباط.
وكتب العثماني في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "الحمد لله وعلى بركة الله، بعد إتمام الإجراءات الإدارية الضرورية سأبدأ العمل في عيادتي الخاصة بالطب النفسي الأسبوع المقبل، مباشرة بعد عطلة المولد النبوي الشريف".
القرار أثار سخرية المغاربة، كونه تتويجا لعمل حكومي استمر 10 سنوات بحكم سيطرة الحزب الإخواني على تصدر الانتخابات التشريعية لفترتين، بمشاركة العثماني، وزيرا للخارجية، ثم رئيسا للحكومة منذ عام 2017، حتى الهزيمة المهينة في الاستحقاق الأخير الذي جرى في سبتمبر/أيلول الماضي.
وعلّق أحد المغاربة ساخرا من قرار العثماني التوجه لعيادة الطب النفسي؛ قائلا: "الله يكمل بخير.. ولكن يبدو أنه هروب من السياسة أو لا لا؟ (أليس كذلك؟).. المهم، أنا لو كنت مكانك، ناخد عطلة من عدة شهور في البادية.. ونبعد شوية من صداع الناس.. ولكن أنت تعرف في الصحة النفسية".
ولم يتأخر ردّ رئيس الحكومة السابق "المتفرغ حاليا"، قائلا: إنه "لا علاقة للموضوع بالهروب من السياسة، كنت في العيادة إلى يوم تعييني رئيسا للحكومة بسبب التنافي، اليوم لم أعد رئيسا للحكومة، أعود لعيادتي. وسأبقى أمارس السياسة مناضلا في حزب العدالة والتنمية"، وفق قوله.
موجة تغرق العثماني
لكن موجة السخرية وانتقاد الحكومة السابقة أغرقت ردود العثماني على تويتر، فاختار التفرج بصمت؛ فكتب أحد المعلقين: "السي (السيد) العثماني بما أنك طبيب نفسي فحري بك أن تبدأ بنفسك فأنت كذلك عندك عدة أمراض نفسية لا حصر لها .ضعف الشخصية لا كاريزما ولا شيء.... كل قرارتك في الحكومة الماضية دمرت المغاربة".
وعبّر معلق آخر بسخرية طافحة عن سخطه على إدارة العثماني للحكومة، قائلا: "في الحقيقة أنا عانيت من الكوابيس مدة 5 سنوات. و فكرت في زيارة طبيب نفسي لكن بعدما قرأت تغريدتك شعرت بالراحة النفسية تزامنا مع انتهاء الخمس سنوات.. سبحان الله". فيما كتب آخر على نفس المنوال: "اعتبارا لما قدمته من خدمة الذل والعار للمواطن. المغربي خلال ولايتكم لأمره في حكومتكم السابقة، أظن أن الجميع قد شفو".
وقاد حزب العدالة والتنمية الحكومة المغربية لعشر سنوات، عبر ولايتين متتاليتين، الأولى قادها عبد الإله بن كيران، والثانية سعد الدين العثماني.
وجاءت الحكومة الثانية بعد نصف عام من "الجمود السياسي" والتدبيري، ما انعكس سلباً على العديد من القطاعات، وجر مؤشرات مناخ الأعمال إلى الهاوية.
وأنهى حزب العدالة والتنمية ولايتيه على وقع تراجعات كبيرة في شتى المجالات، جرت خلالهما انتقادات لاذعة سواء من الأحزاب السياسية والنقابات وحتى المجتمع المدني وعموم المواطنين.
وبحسب المعطيات الرسمية لوزارة المالية، فإن الميزانية خلال الأشهر التسعة الأخيرة، والتي تتوافق وآخر أشهر حكومة العدالة والتنمية، عرفت عجزاً بـ38.2 مليار درهم.
في المقابل، بلغ حجم الدين الخارجي العمومي للمغرب مع نهاية ولاية حكومة العثماني، ما يُناهز 373,26 مليار درهم، وهو مستوى يمثل 35 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وفي نهاية عام 2020، بلغت خدمة الدين حوالي 41 مليار درهم، مقابل 29 مليار درهم عام 2019، أي بزيادة حوالي 50 بالمائة.
تصويت عقابي
ومن الانتقادات الموجهة لحكومة العدالة والتنمية، فشلها في التعاطي مع جائحة كورونا، وإدخال البلاد في دوامة، لولا المبادرات التي قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس، التي مكنت من مواجهة الجائحة ودعم الاقتصاد وتعميم اللقاحات.
ومنح المغاربة في انتخابات عرفت، على الرغم من ظروف الجائحة، مشاركة غير مسبوقة تجاوزت عتبة الـ50 بالمائة، ثقتهم لحزب التجمع الوطني للأحرار، ليحتل المرتبة الأولى في الانتخابات.
وعاقب الناخبون حزب العدالة والتنمية الإخواني، بوضعه في ذيل ترتيب الأحزاب في نتائج الانتخابات التشريعية، وحتى المحلية والجهوية.
ولم يسقط حزب العدالة والتنمية في الانتخابات فقط، وإنما يشهد انهياراً داخلياً غير مسبوق.
وفي هذا الصدد، أعلن عدد من قيادات الحزب اعتزالهم العمل السياسي، وعلى رأسهم المصطفى الرميد، أحد قيادات الصف الأول في التنظيم الإخواني.
وخلف هذا السقوط المُدوي تداعيات شديدة القسوة على الحزب، ما دفعه إلى إيقاف بناء مقر حزبه بالرباط وتخليه عن خدمات 160 من موظفيه.
وبمجرد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، وتذيل الحزب لها، بدأ الحزب الإخواني في تسريح موظفيه، سواء العاملين في مقراته بمختلف المُدن المغربية، أو العاملين بالموقع الإلكتروني للحزب والمشرفين على التواصل الرقمي.
ويُعلل الحزب تخليه عن هذه الموارد البشرية بـ"تراجع مداخيله المالية"، إلا أن ذلك يعني تشريد عشرات الأسر وقطع مصدر رزقها.
تعويضات كبيرة
وخلفت هذه الخطوات حالة من السخط في صفوف أعضاء الحزب والمتعاطفين معه، إذ إنه في الوقت الذي حصل فيه سعد الدين العثماني وباقي وزراء حُكومته على تعويضات كبيرة كمكافأة نهاية الخدمة، يُحاول الحزب التملص من واجباته تجاه موظفين كانت رواتبهم بالكاد تسد حاجياتهم اليومية.
وتنضاف حالة الغضب هذه إلى جملة من الاحتجاجات داخل الحزب بسبب سوء تدبير الأمانة العامة الحالية للحزب شؤونه، خاصة عملية الترشيح للانتخابات الأخيرة التي سجلت إقصاء الكثير من الأشخاص المعروفين بمواقفهم المنتقدة للقيادة الحالية.
وبحسب القانون المغربي، يجب على الحزب دفع تعويضات للمُسرحين تناهز السبعة ملايين دولار أمريكي.
وفي وقت سابق، أعلن الحزب عن شروعه في بناء مقر حزب ضخم بأحد الأحياء الراقية للعاصمة المغربية الرباط، إلا أن فشله في الانتخابات جعله يتخلى عن هذا المشروع.
ووضع الحزب تكلفة تقديرية للمشروع تناهز نحو أربعة ملايين دولار أمريكي، لتشييد مبنى على مساحة تناهز 2500 متر مربع.
aXA6IDMuMTYuNzAuOTkg جزيرة ام اند امز