مساجد اليمن.. إفطارات رمضان ترمم صدمات الحوثي المجتمعية
تبقى موائد إفطار رمضان في مساجد اليمن، إحدى مميزات رمضان، حيث يتشارك الصائمون الإفطار لتقوية الروابط المجتمعية التي مزقتها حرب الحوثي.
وفي مدينة المخا اليمنية على البحر الأحمر يعد مسجد "الشاذلي"، أكثر وجهة للصائمين لتشارك عادة الإفطار الجماعي كتقليد سنوي يمتد لقرون زمنية، يحرص المصلين عليه بإحضار وجبات الإفطار من منازلهم.
ويعود فضل بناء مسجد الشاذلي في المخا إلى الشيخ المتصوف علي بن عمر الشاذلي، أحد مشائخ الطريقة الشاذلية في اليمن خلال القرنيين الثامن والتاسع من الهجرة، وهي من الطرق المعتدلة وله مريدون كثر في اليمن وخارجه، وفقا للمراجعة التاريخية اليمنية.
كما يعد أحد أبرز المعالم التاريخية لمدينة المخا اليمنية التي ذاع أسمها بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر الميلادي لدى تصديرها القهوة إلى العالم ومحصول البن اليمني الذي يعتبر الأشهر عالميا.
صوفية الشاذلي
يقول إمام جامع الشاذلي، الذي كان يعد من أشهر مزارات الصوفية في الجزيرة العربية، نصر عمر سليمان، إن "الجميع يأتون إلى هنا قبل موعد أذان المغرب بدقائق ليتشاركوا وجبات الإفطار الرمضانية التي تمتد على مسافة في باحته الأمامية ولأداء صلاة المغرب".
ويسرد رجل الدين اليمني لـ"العين الإخبارية"، كيف كان هذا الجامع الذي يعد الأقدم في الساحل الغربي لليمن، منارة دينية وعلمية يقصدها الزائرين، ومريدوا الطريقة الشاذلية المعروف عنها بالاعتدال، من مدن ومناطق مختلفة من اليمن ومن خارجها، بما في ذلك الهند.
ومع تراجع دور المساجد التي كانت تؤدي دروس دينية، وحلقات حفظ القرآن الكريم، على حساب المدارس التعليمية، اندثرت العديد من الطقوس التي كانت تقام كالموالد الدينية، واحتفالات المناسبات الدينية كولد النبي (ص) وذكرى الاسراء والمعراج وغيرها من المناسبات.
لكن بعض تلك التقاليد ما تزال حاضرة بحسب "سليمان" الذي يرى أن الإفطار الجماعي واحدة من تلك العادات الحسنة التي ما تزال باقية، حيث يجتمع الأهالي، وسكان الأحياء السكنية القريبة على موائد الإفطار الرمضانية.
ترميم شرخ الحوثي للمجتمع
تعرض النسيج الاجتماعي اليمني لصدمات عنيفة إثر حرب مليشيات الحوثي الطائفية والتي امتدت تأثيرها المدمرة حتى إلى تقسيم الأسرة الواحدة، النواة الأولى لبقاء المجتمع.
لكن الإفطارات الجماعية في المساجد خلال شهر رمضان تعد أحد التقاليد التي لا زالت ترميم الشرخ الاجتماعي الذي أحدثته حرب الحوثي الطائفية وفق، عبدالله الأبرش، أحد المشاركين في موائد الإفطار الجماعي في جامع الشاذلي في المخا أهم الحواضر قرب باب المندب.
يقول المواطن اليمني الأبرش لـ"العين الإخبارية"، أن شهر رمضان إلى جانب أنه شهر التوبة، فهو أيضا شهرا للمحبة، وتصفية النفوس من الأحقاد، وكأنه محطة سنوية للعودة مجددا للعلاقات الاجتماعية رغم الحرب.
وبالنسبة له فإن المشاركة في وجبات الإفطار، تعد تقوية للروابط الأخوية، حيث يتشارك الجميع على مائدة واحدة، مع ترديد الأدعية طلبا للمغفرة، فضلا عن تشارك وجبة الإفطار مع الجيران والأهل والأصدقاء في جوء من السكينة والطمأنينة.
ويضيف أن الإفطار يسهم في استقرار العلاقات والتقارب الاجتماعي بشكل أقوى، بل إنه يعد إحدى المحطات الإجتماعية التي ارتبطت بشهر رمضان خصوصا بعد تحرير مدينة المخا من مليشيات الحوثي.
وتحررت مدينة المخا اليمنية 2017 في عملية برية وبحرية للتحالف العربي بقيادة السعودية وبمشاركة قوات إماراتية محترفة أطلق عليها "الرمح الذهبي" في خطوة أعادت مظاهر الحياة للمدينة مجددا، وأنهت هيمنة مليشيات الحوثي التي امتدت حتى للمساجد.