جامع عقبة بن نافع.. حكاية تحفة معمارية إسلامية في تونس
تعد القيروان عاصمة تونس الإسلامية وجهة للسياحة الدينية تستقطب التونسيين والأجانب للتعرّف على أحد أوجه الحضارة الإسلامية وهندستها المعمارية المتميزة.
بفضل كنوزها الأثرية والحضارية، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، مدينة القيروان ضمن قائمة التراث العالمي، في سنة 1988.
ولعل أبرز معلم ديني في القيروان يتمثل في جامع عقبة بن نافع الذي بني سنة 50 هجرياً، ويطلق عليه "جامع القيروان الكبير" لتاريخه الضارب في القدم ورمزيته الدينية والحضارية.
بني هذا الجامع على يد عقبة بن نافع القائد العسكري الذي يعد من أبرز قادة الفتح الإسلامي للمغرب في عهد الخلافة الراشدة ثم الدولة الأموية ثم أصبح والياً على إفريقية (تونس) مرتين في عهدي معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية، وكان عقبة بن نافع يلقّب بـ"فاتح إفريقية".
وأمر عقبة بن نافع ببناء القيروان لتكون معسكراً لرباط المسلمين، واستمر بناؤها من سنة 51 هـ إلى سنة 55 هـ، وبني بها المسجد الأعظم المعروف اليوم بجامع عقبة بن نافع.
وكان الجامع حين أنشئ صغير المساحة تستند أسقفه على الأعمدة مباشرة، أما بناؤه في شكلهِ وحجمهِ وطرازهِ المعماري الحالي فيعود أساساً إلى عهد "الدولة الأغلبية" في القرن الثالث الهجري، أي القرن التاسع الميلادي، وقد تواصلت أعمال الصيانة والتحسينات خصوصاً في ظل الحكم الصنهاجي ثم في بداية العهد الحفصي.
وتبلغ مساحة الجامع الإجمالية حوالي 9700 متر مربع، وحرم الصلاة فيهِ واسع ومساحته كبيرة يستند إلى مئات الأعمدة الرخامية هذا إلى جانب صحن فسيح الأرجاء تحيط بهِ الأروقة ومع ضخامة مساحته يعد أيضاً تحفة معمارية وأحد أروع المعالم الإسلامية.
كنوز قيمة
يقول شكري السالمي، عضو بالمجتمع المدني في القيروان، لـ"العين الإخبارية"، إن القيروان تحتوي على 300 مسجد ولعل أبرزها وأعظمها جامع عقبة بن نافع كما هي رقاد لعدد من صحابة الرسول ويُطلق عليها الفقهاء "رابعة الثلاث"، بعد مكة والمدينة المنورة والقدس.
وتابع أن جامع عقبة بن نافع يحتوي على كنوز قيمة فهندسته المعمارية متميزة ومبنية بحجارة نفيسة، موضحاً: "المنبر مصنوع من خشب الساج المنقوش ويعد أقدم منبر في العالم الإسلامي ما زال محافظاً على شكله".
وأكد أن السلطات التونسية ستنطلق قريباً في إعادة ترميم الجامع وصيانته كي يحافظ على عظمته وعراقته وقيمته.