أربع سنوات من 2017 إلى اليوم وهي تصر على الالتفاف على التزاماتها تجاه الأمن القومي العربي وتجاه أمن دول المقاطعة تحديداً
النظام القطري مصرٌّ على إكمال المشروع الذي كلف بتمويله منذ عشرين عاماً، ويرى في إجراءات المقاطعة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والبحرين عائقاً له ومعطلاً، وكبدته خسائر لا يقوى على تحملها، خاصة أن كلفة المشروع ارتفعت نتيجة المقاومة التي أبدتها هذه الأنظمة العربية، وأمام هذا النظام مشوار طويل وتكلفة عالية جداً مع وجود أحزاب يمينية غربية أعادت ما هدمه اليسار من تحالفات مع الأنظمة العربية.
ورغم ارتفاع تكلفة المشروع، فإن النظام القطري مجبر على الاستمرار فيما تعهد القيام به الحمدان قبل عشرين عاماً، فوجوده في الحكم رهن بإكمال مهمة التمويل، وقد وجد أصحاب المشروع اثنين مستعدين لبيع ما فوق قطر وما تحتها من أجل أن يحققا حلمهما في إعادة تشكيل الشرق الأوسط وتنصيبهما أبوين روحيين على التقسيمة الجديدة، إنه الحلم الأكثر تكلفة في العالم.
كم صرف النظام القطري على مدى العشرين عاماً الماضية، أي منذ تولي حمد بن خليفة مقاليد الحكم بعد أن انقلب على أبيه، على مشروع هدم وإسقاط الأنظمة العربية... ذلك المشروع الذي كلف به مقابل تنصيبه حاكماً؟
وبدلاً من العودة للحضن الخليجي وعمقه الاستراتيجي والجيوسياسي، يصر هذا النظام على الالتفاف على قرارات المقاطعة بمضيعة الوقت ومضيعة المال، فكم بلغت تكاليف دعاوى قطر القضائية التي رفعتها على دول المقاطعة الأربع منذ ما قبل المقاطعة كما هو الحال مع البحرين عن خلافها معها على جزر حوار، وبعد المقاطعة وآخرها الدعوى التي رفعتها عليهم في محكمة العدل الدولية في لاهاي للحكم في اختصاص منظمة الطيران الدولية «الإيكاو»، وهل يجوز لها النظر في تظلمات قطر حول أحقية منع طيرانها من الطيران على الأجواء الجوية الخاصة بدول المقاطعة أم لا؟
أربع سنوات من 2017 إلى اليوم وهي تصر على الالتفاف على التزاماتها تجاه الأمن القومي العربي وتجاه أمن دول المقاطعة تحديداً، فالمسألة بالنسبة للنظام القطري ليست مسألة حقوق طيران، بل مسألة إصرار على إكمال المهمة التي كُلف بها الحمدان مهما بلغت التكاليف، حتى آخر ريال قطري.
فكم صرف النظام القطري على مدى العشرين عاماً الماضية، أي منذ تولي حمد بن خليفة مقاليد الحكم بعد أن انقلب على أبيه، على مشروع هدم وإسقاط الأنظمة العربية... ذلك المشروع الذي كلف به مقابل تنصيبه حاكماً؟
كم كلفه إسقاط القذافي من مرحلة الإعداد، إلى اليوم إلى مرحلة دعم «الإخوان» في ليبيا؟ وكم كلفه إسقاط بن علي ودعم الغنوشي؟ وكم كلفه إسقاط حسني مبارك؟ وكم كلفه إسقاط علي عبد الله صالح ودعم الحوثيين ودعم «القاعدة» ومحاربة التحالف في اليمن؟ وكم كلفته محاولاته الفاشلة في هز شعرة من حكم البحرين والسعودية والإمارات ومحاولات إعادة محمد مرسي قبل أن يتوفاه الله؟
والآن كم يكلفه دعم إيران ودعم تركيا ذراعي المشروع؟ وكم يكلفه طلب الحماية منهما؟
وكم تبلغ تكلفة تمويل الأحزاب اليسارية في الغرب والتي تتبنى مشروع إعادة ترتيب الشرق الأوسط عبر إسقاط الأنظمة العربية؟
وكم تبلغ تكلفة شراء منظومة القوى الناعمة في الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا من صحف ومراكز أبحاث وكراسي في الجامعات وكتّاب وصحافيين ومشاهير ومنظمات دولية وذلك بأمر من تلك الأحزاب الداعمة لنظامه؟
وكم كلفه الدفع لخليجيين من «الإخوان» ومن الفاشنيستات ومن مشاهير التواصل الاجتماعي لمهاجمة البحرين ومصر والسعودية والإمارات؟
وكم كلفه نقل وتأمين معيشة كل (معارض) عربي في المنافي سواء في تركيا أو لندن أو ألمانيا أو غيرها؟
وكم كلفه تمويل ميليشيات إرهابية في مصر وسوريا والعراق ولبنان اليمن؟
وكم بلغت تكلفة تخريب أي إنجاز عربي أو مشروع تجاري عربي أو أي تحالف عربي يقويها ويمنع سقوطها ويعزز مكانتها الدولية؟
جميع تلك المهمات غير البريئة يقوم النظام القطري بتمويلها مرغماً من دون أن يملك خيار الرفض.
يحاول الحمدان أن يعيدا عقارب الساعة إلى ما قبل قرار المقاطعة بكل الطرق عدا أن يتجه لمركز القرار، فالمقاطعة أصابته بصدمة وجعلته في حالة ذهول دائم بعد أن أمنت دول المقاطعة حدودها وبعد أن وضعت قطر في حجمها المناسب.
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة