تعاون بين الإمارات واليونسكو لإعادة إعمار كنيستين بالموصل
الاتفاقية الموقعة بين الجانبين تأتي في إطار "عام التسامح" الذي أطلقته الإمارات شعاراً لعام 2019، والذي يؤكد قيمة التسامح كمفهوم عالمي
أعلنت الإمارات ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، الخميس، تجديد تعاونهما ضمن مبادرة المنظمة لاستعادة المواقع التراثية والثقافية بمدنية الموصل العراقية والتي انطلقت تحت شعار "إحياء روح الموصل".
والتقت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة الإماراتية، أودري أزولاي، المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، الخميس، في مقر المنظمة بالعاصمة الفرنسية باريس.
وجرت مراسم توقيع اتفاقية جديدة تخص المشاركة الإماراتية في جهود إعادة إعمار المعالم التاريخية في مدينة الموصل التي تعد محطات فارقة في مسيرة الحضارة الإنسانية.
وتأتي الاتفاقية الموقعة بين الجانبين في إطار "عام التسامح" الذي أطلقته الإمارات شعاراً لعام 2019، والذي يؤكد قيمة التسامح كمفهوم عالمي ومشروع مؤسسي بهدف إعلاء قيم التسامح والحوار والعيش المشترك والانفتاح على الآخر لدى مختلف الثقافات.
وتنص الاتفاقية على أن تقود الإمارات جهود إعادة بناء عدد من المواقع الثقافية المدمرة في الموصل وهي كنيسة الطاهرة وكنيسة الساعة.
وقالت نورة بنت محمد الكعبي: "تشرفنا اليوم بتجديد تعاوننا مع منظمة اليونسكو وتوقيع هذه الاتفاقية التي ستمكننا من استكمال شراكتنا مع أشقائنا في العراق وأهالي مدينة الموصل العريقة للمساعدة على إعادة بناء المواقع الثقافية والتراثية التي تجسد روح التعايش والتسامح في المجتمع".
وأضافت: "مشاريعنا الثقافية من هذا النوع والتي نقوم بها تحت مظلة اليونسكو في جميع أنحاء العالم دليلٌ على التزام الإمارات بتعزيز جهود اليونسكو من خلال التعاون الدولي في مجالات العلم والثقافة والعلوم".
وتابعت: "نرسل من خلال هذه الاتفاقية الجديدة رسالة أمل وروح جديدة لأهالينا في العراق والموصل، فمن خلال إعادة بناء جزء من تاريخ هذه المدينة العريقة سنسهم في صياغة مستقبل أفضل وبناء مجتمع أكثر تسامحاً وانفتاحاً وهي القيم التي لطالما اتسمت بها الموصل طيلة تاريخها".
وأردفت الكعبي: "تشكل إعادة بناء كنيستي الطاهرة والساعة ومن قبلهما الجامع النوري ومنارته الحدباء رسالة ثقافية وحضارية قوية في مواجهة الممارسات والأفكار المتطرفة التي ساهمت في تدمير هذه المعالم الأثرية بالأمس القريب".
وواصلت: "يعكس هذا المشروع رسالة وجهود الإمارات في نشر رسالة الأمل والانفتاح والاعتدال مقابل ثقافة التعصب والتطرف، وتمثل هذه المباني المدمرة شاهداً حياً على مدى وحشية الفكر المتطرف".
وأكدت: "إعادة بناء كنسيتي الطاهرة والساعة اللتين يزيد عمرهما على مئات السنين تعيد الوجه الحضاري المشرق لمدينة الموصل، ويسهم في بناء النسيج المجتمعي وعودة المهجرين خاصة إخواننا المسيحين إلى ديارهم من خلال ترميم المعالم التاريخية ودور العبادة التي تمنح المجتمع الموصلي هويته وروحه بعد أن حاول الإرهابيون جعلها أحادية اللون ومحو الهوية الثقافية والتاريخ الحضاري والإنساني لمدينة الموصل".
ونوهت بأن الإمارات من خلال هذا المشروع تصبح أول دولة في العالم تعيد أعمار كنائس العراق، مؤكدة أن مشروع إعادة الجامع النوري، وإعادة بناء وترميم كنيستي الطاهرة والساعة يكشف عن اهتمام الإمارات بالتسامح والتنوع الثقافي بين الديانات المختلفة في المجتمع الموصلي.
من جانبها، قالت أودري أزولاي إن الهدف من إعادة الإعمار هذه هو استرجاع مدينة الموصل طابعها الحقيقي الذي يعكس التعايش السلمي بين مختلف الديانات والمجموعات الإثنية، معربة عن امتنانها للإمارات التي دعمت مبادرتهم منذ إطلاقها إيماناً منها بأنّ إعادة الإعمار لا تكتمل إلا بالثقافة والتعليم.
ويأتي هذا المشروع الجديد امتدادًا للاتفاقية التاريخية الموقعة في أبريل/نيسان 2018، إذ تعهدت الإمارات بتقديم بمبلغ 50.4 مليون دولار للمساهمة في إعادة بناء التراث الثقافي للموصل.
وسيبدأ بترميم المعالم التاريخية وإعادة بنائها، لا سيما مسجد النوري التاريخي ومئذنة الحدباء التي يبلغ ارتفاعها 45 مترًا والتي تم بناؤها قبل أكثر من 840 عامًا.
ومع تجديد هذه الشراكة ستقدم الإمارات دعمها لإعادة إعمار كنيسة الطاهرة التي يبلغ عمرها نحو 800 عام، والتي تقع في منطقة ميدان بمدينة الموصل القديمة، وتعد واحدة من أقدم الكنائس في المنطقة، إذ يعود تاريخها إلى الألفية الأولى، وكنيسة الساعة المعروفة أيضًا باسم كنيسة سيدة الساعة، والتي تعد مثالًا حيًا للأخوة بين أهل الموصل الذين تخرجوا في مؤسستها التعليمية بغض النظر عن خلفيتهم الدينية.
وتتضمن هذه الجهود أيضًا بناء متحف ونصب تذكاري يعرض ويحفظ آثار وتاريخ المساجد والكنائس التي تم إعادة إعمارها بالشراكة مع الحكومة العراقية وأهالي الموصل والمؤسسات التعليمية.
وسيكون للمتحف والنصب التذكاري تأثير طويل الأمد على مجتمع الموصل، إذ ستوفر هذه المشاريع فرص تدريب وعمل لأكثر من 1000 شاب من أهالي الموصل، فضلاً عن تطوير مهارات العاملين في تلك المشروعات من خلال فرص التعليم والتدريب، وكذلك المساهمة الكبيرة لهذه المشروعات في تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال السياحة الثقافية في الموصل والعراق.
ووظّف المشروع 27 عراقياً وتعاقد مع 4 شركات عراقية فميا تفاعلت الإمارات مع أكثر من 50 من العراقيين المحليين لتلقي ردود الفعل المباشرة حول وجهة نظرهم حول استعادة المواقع الثقافية التي تعكس إرث بلدهم.
وتعد كنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك أكبر كنائس العراق وإحدى كبريات كنائس الشرق الأوسط سعة وهندسة وجمالاً، افتتحت 1947 وتتألف من 3 فضاءات شاهقة أوسعها وأعلاها أوسطها، وتضم قبة شاهقة تخترقها 12 نافذة فيما ترتكز الفضاءات الداخلية الكبرى الثلاثة على 18 عموداً رخامياً ضخماً تتلاقى في أقواس شاهقة رائعة، وقد فجرها الإرهاب في فبراير/شباط 2015.
أما كنيسة الساعة فتقع في حي الساعة بمدينة الموصل وتعرف أيضاً بكنيسة الدومنيكان، إذ تعد إحدى أشهر كنائس الموصل وأحد المعالم المميزة للمدينة، ودمرها الإرهاب بالكامل في 25 أبريل/نيسان 2016.
وجرى البدء ببناء الكنيسة عام 1866، واستغرق بناؤها 6 سنوات فتم تدشينها في 4 أغسطس/آب 1873، أما برجها الشهير فلم يكتمل حتى 1882.
aXA6IDMuMTMzLjEwOC40NyA= جزيرة ام اند امز