معجزة حية.. أسرة كاملة تقضي 21 يوما تحت أنقاض الموصل
حاملا 8 حقائب جثث سوداء، قاد "وليد إبراهيم خليل" عمال الإنقاذ إلى البقعة التي كانت منزله في يوم من الأيام.. هل توفيت عائلته؟
حاملاً 8 حقائب جثث سوداء، قاد "وليد خليل" عمال الإنقاذ إلى البقعة التي كانت منزله في يوم من الأيام، ولكن الغارات الجوية سوت به الأرض قبل 21 يوماً، ما تسبب في دفن عائلته بالكامل تحت الأنقاض.
- يتامى الدواعش في الموصل بين الانتقام والتقبل المجتمعي
- بالفيديو.. من بين ركام الحرب.."العين" ترصد مأساة عائلة عراقية بالموصل
كان خليل (46 سنة)، يقف عند المدخل عندما سقطت القنابل على منزله في المدينة القديمة بالموصل في 30 يونيو/حزيران الماضي، ولكنه نجا من الانفجار، إلا أن زوجته وشقيقيها و3 أطفال وحفيدين كانوا يختبئون في القبو ولم يحالفهم الحظ، ونظراً للمنزل المدمر خلفه افترض خليل أن جميعهم أصبحوا أمواتاً.
توسل خليل لعمال الدفاع المدني ليساعدوه على استعادة جثثهم، ولكن كان قناصو تنظيم "داعش" الإرهابي لا يزالون في المنطقة، ما جعلهم عاجزين عن الوصول إلى شارعهم، ومع ذلك يخرج خليل كل صباح حاملاً الحقائب على أمل أن يكون هذا اليوم هو الموعد الذي يتمكن فيه من دفنهم دفناً لائقاً.
ثم بعد 3 أسابيع طويلة حدثت المعجزة، واكتشفوا أن الـ8 لا يزالون أحياء، ما شكل أخباراً جيدة نادرة للمنقذين الذين قضوا شهوراً في استخراج الجثث، وفقاً لصحيفة "تليجراف" البريطانية.
أدت الغارات الجوية إلى انهيار الطوابق العليا للمنزل المكون من طابقين، ما جعل الـ8 محاصرين أسفل القبو البالغ حجمه 4 أمتار مربعة.
تحدثت زوجة خليل "أنوارة" مع الصحيفة من منزل شقيقها في شرق الموصل؛ حيث تستعيد عافيتها، فتقول إنهم لم يصرخوا طلباً للمساعدة لشعورهم بالقلق من أن التنظيم لا يزال في الخارج.
أوضحت أنوارة -التي أصيبت شظية ساقيها بجراح خطيرة- أنهم افترضوا أن الجميع كانوا أمواتاً، لأنهم طوال هذه المدة لم يسمعوا أصوات الأطفال أو النساء، كما أن رائحة الجثث ازدادت بقوة يوماً بعد يوم.
تمكنت الأسرة من النجاة من خلال تناول الأرز الذي كانوا يخزنونه في القبو، فقالت أنوارة، 48 سنة، إنهم قاموا بغلي الأرز باستخدام موقد غاز، حيث تناول كل منهم 3 معالق مرتين في اليوم قائلة: "لا يمكنني أن أشرح الجوع الذي شعرنا به".
كانت لديهم صفائح مياه عديدة من البئر ولكنها كانت قذرة لدرجة اضطرارهم لخلطها بالكلور لجعلها صالحة للشرب، كما أن الطعام نفد بعد 10 أيام، وبحلول النهاية كانت لديهم مياه تكفيهم لـ3 أيام فقط.
النافذة الصغيرة داخل القبو سمحت بدخول بعض الضوء، وتمكنوا من حساب مدة بقائهم هناك من خلال عد الأيام بواسطة الشمس المشرقة.
تقول أنوارة إنه لم تكن هناك مساحة كافية للاستلقاء ومن ثم لم يتمكن أحد من النوم جيداً، موضحة أنهم أفردوا مساحة للأصغر سناً وهو "محمد" الذي تمكن من النوم قليلاً، واضطر الرجال إلى تبادل الوقوف لساعات قليلة ليتمكن الآخرون من التمدد.
درجات الحرارة في المدينة العراقية يمكن أن تصل إلى 50 درجة مئوية في يوليو/تموز، ولذلك كانت المعاناة الأكبر للأسرة هي الحرارة الخانقة، وفي يوم 21 يوليو/تموز الجاري، تمكن المنقذون من الوصول إلى المنزل وعندما سمعتهم الأسرة يتحدثون في الخارج صاحوا من النافذة.
يتنهد خليل -الذي كان يعمل ميكانيكياً قبل داعش- وهو يروي هذه اللحظة، فيقول إنه رأى محمد في البداية ولم يصدق عينيه، فأمسكه وحمله تجاه صدره ولم يفلته، موضحاً أن حالة زوجته كانت سيئة "لكن الحمد لله كانت حية".
لم يمتلك المنقذون سوى أيديهم للحفر بين الأنقاض التي كانت تسد المدخل، ثم ألقوا حبلاً، وظهر الرجال بلحى طويلة وأجساد هزيلة وحالة قوية من الارتباك، بينما اضطرت أنوارة لحملها على ظهر أحد المنقذين.
في المقابل، شعرت الأسرة بالارتياح عند رؤية خليل بعد خشيتهم من أنه قُتل في الغارة الجوية، إلا أن الانفجار أدى إلى إصابته بالصمم جزئياً، بينما أصيب محمد، 10 سنوات، بصدمة لدرجة حجبه ذكريات أوقاتهم في القبو ونادراً ما يتحدث الآن.
تعتقد العائلة أن منزلهم تعرض للقصف؛ لأن أحد مقاتلي داعش كان يستخدم السقف بمثابة موقع للقنص، وكانوا قد توسلوا إليه أن يذهب إلى مبنى خالٍ خوفاً من تعرضهم للاستهداف.
aXA6IDMuMTQ0LjI5LjIxMyA=
جزيرة ام اند امز