بعد انقشاع داعش.. معركة "أسباب سقوط الموصل" تعود مجددا
لجنة برلمانية تتهم التقرير الخاص بالبحث في أسباب سقوط الموصل بأنه أخفى "معلومات خاصة" ولم يرفعها للقضاء.
اتهمت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي المحققين في أسباب السقوط السريع والسهل لمدينة الموصل بيد تنظيم داعش الإرهابي 2014 بإخفاء "معلومات خاصة" في تقريرهم النهائي ولم يتم رفعها للقضاء؛ ما يؤشر لعودة المعركة بين المكونات العراقية حول من المسؤول.
ونقلت وسائل الإعلام العراقية المحلية عن عضو اللجنة إسكندر وتوت أن لجنة التحقيق في سقوط الموصل لم تذكر على سبيل المثال "أسلحة الجيش التي استولت عليها البيشمركة (القوات الكردية)، وضرورة إعادتها للجيش، وتسليم بعض المطلوبين للتحقيق معهم واللواء رشيد آمر (قائد) لواء سنجار الذي سلم الأسلحة ليد الأكرد".
واعتبر أن الأمور "حتى الآن مبهمة ومجهولة عن سبب عدم إضافة تلك المعلومات إلى التوصيات ونتائج التحقيق".
وتتقاذف المكونات العراقية من شيعة وأكراد وسنة، إضافة للقوات الأجنبية في العراق، اتهامات المسؤولية عن سقوط الموصل، والتي كان مقدمة لسقوط نحو ثلث العراق في يد التنظيم الإرهابي، بالرغم من وجود الجيش العراقي والمليشيات والقوات الأجنبية، والتي لا يقارن بها داعش حديث النشأة في العدد والعدة.
ويتهم كل مكون الآخر بأنه "سهَّل" دخول داعش للبلاد ليكون ذريعة لتسيلح مليشيات تابعة له وإضعاف الجيش العراقي لتقسيم البلاد، وذريعة لتدخل دول حليفة لكل مكون مثل تركيا أو إيران أو الولايات المتحدة في البلاد بحجة محاربة داعش.
وفي 2015 أنهت اللجنة النيابية المكلفة بالتحقيق تقريرها النهائي، ورفعته إلى رئاسة مجلس النواب، متضمنا لائحة بأسماء مسؤولين عراقيين حملتهم اللجنة مسؤولية الانهيار الأمني الذي شهدته البلاد بالتزامن مع الغزو الداعشي.
ومن بين أبرز الأسماء الواردة -بصفتهم مقصرين أو متورطين- والتي أوصت اللجنة بإحالتهم للقضاء، نوري المالكي رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حينها، أثيل النجيفي محافظ نينوى حينها، هدى زكي عضو مجلس محافظة نينوى، وزير الدفاع السابق سعدون الدليمي، الفريق أول بابكر زيباري رئيس أركان الجيش حينها، اللواء الركن كفاح مزهر علي قائد الفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية حينها، الشيخ أبو بكر كنعان بشير مدير الموقف السني في الموصل.
وحينها رد نوري المالكي على الاتهامات الموجهة له بأن التقرير "لا قيمة له"، معتبراً أن اللجنة "سيطرت عليها الخلافات السياسية وخرجت عن موضوعيتها". واعتبر أن "ما حصل في الموصل كان مؤامرة تم التخطيط لها في أنقرة (العاصمة التركية) ثم انتقلت المؤامرة إلى أربيل (عاصمة إقليم كردستان العراق)".
وتم الإعلان عن اجتياح تنظيم داعش الإرهابي -رغم قلة عدده وعتاده- للعراق في يونيو/حزيران 2014 ليسيطر على الموصل بالكامل، ثم واصل سيره بكل أريحية ليسيطر على مدن أخرى بالشمال والغرب، وانسحبت قوات الجيش والشرطة من أمامه بشكل مفاجئ تاركين أسلحتهم الثقيلة له.
وفي ذات التوقيت، وبنفس السرعة، اخترق التنظيم سوريا، وانسحب الجيش الحكومي هناك أيضا بشكل مفاجئ من المعابر؛ ما أفسح له الطريق ليحتل مدنا استراتيجية وكبرى مثل الرقة ودير الزور ومناطق في حلب ومدن أثرية مثل تدمر، بالرغم من وجود قوات أجنبية أيضا.
وبالرغم من مرور عامين على انتهاء لجنة التحقيق في سقوط الموصل من أعمالها، إلا أن كبار المتهمين لم يقدموا للقضاء.
وفي يونيو/حزيران الماضي طالب النائب عن محافظة نينوى (مركزها الموصل) عبد الرحمن اللويزي، بتحريك الملف، مشيرا إلى أن بعض الشخصيات السياسية "أكبر من القانون والمحاسبة"، ومنتقدا ما وصفها بـ"غياب الإرادة السياسية للمحاسبة، خاصة أن من يقع في دائرة الاتهام هي شخصيات كبيرة ومن جميع المكونات والأطياف السياسية، جعل الجميع يصمت ولا ينادي بمحاسبة المتورطين بسقوط الموصل".
وأعلنت القوات العراقية مدعومة بمليشيا الحشد الشعبي وقوات التحالف الدولي طرد داعش من الموصل في يوليو/تموز 2017، ثم الإعلان الشهر الجاري عن إنهاء وجود التنظيم بشكل شبه تام في كل العراق، بعد 3 أعوام من وجوده، ولكن دون وضع النقاط كاملة على الحروف فيما يخص أسباب السقوط.