الشاب الحروش.. ملهم اليمنيين المنتصر على الحرب
"لنصنع فرحة حقيقية في زمن الحرب، نرفع معها اسم اليمن، وننشر العلم ضد ثقافة الظلام"، إنها كلمات اليمني الشاب مجيب الرحمن الحروش.
وهو بروفيسور استخدم هذه الكلمات ليدعو اليمنيين للتصويت له في مشاركته بمسابقة نجوم العلوم التلفزيونية.
مجيب، هو الممثل الوحيد لليمن في هذا البرنامج العربي العلمي التنافسي؛ الأمر الذي دفع اليمنيين في كل مكان إلى تدشين حملات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي لدعم ممثل بلادهم.
البروفيسور الشاب تأهل إلى مراحل البرنامج النهائية، وبات قاب قوسين أو أدنى من الظفر باللقب وإسعاد ملايين اليمنيين، فمشاركة مجيب ليست مجرد مشاركة، فهي تعني الكثير في ظل ظروف الحرب.
لهذا يعتقد اليمنيون أن فوز ممثلهم سيبعث رسالة إلى العالم بأن لليمن وجها مشرقا وجميلا، غير ذلك الوجه المرتبط بالحرب والدمار.
سيرة ذاتية
ومجيب الحروش متخصص في الهندسة الطبية الحيوية، أنهى دراسته الثانوية بالترتيب الأول بمدينة تعز اليمنية، وعرف بتفوقه العلمي، ليتخصص في مجال الهندسة الطبية الحيوية، كما حصل على درجة الدكتوراه من روسيا، وعمل أستاذا مشاركا هناك.
سخّر البروفيسور الشاب جهوده وابتكاراته لتقديم حلولا لتطوير الخدمات الصحية، ومحاولة إيجاد معالجات لمشاكل صحية وأمراض مستعصية عبر أبحاثه العلمية.
وجاءت مشاركته في برنامج "نجوم العلوم" من هذا المنطلق، وهو تقديم ابتكاراته للعالم، بحيث يستفيد منها ويستثمرها لصحة المرضى المحتاجين.
اختراع حيوي
شهرة البروفيسور مجيب ارتبطت بمشاركته في برنامج تلفزيون الواقع التعليمي "نجوم العلوم"، وما قدمه خلال هذا البرنامج من إبهار علمي عبر جهاز طبي اخترعه بإمكانياته وقدراته الخاصة.
فهو يشارك بجهاز لقياس تدفق الدم الكلوي، والمميز فيه أنه جهاز محمول سهل الاستخدام -بحسب مجيب- الذي قال إن ابتكاره يساهم في إعطاء تنبيهات عن تدهور الكلى عبر تقييم وضعها بدون أي تدخل جراحي.
ويضيف مجيب ل "العين الإخبارية" أن جهازه يعتمد على توظيف مستشعرات حيوية مرتبطة بالجلد، تقوم بترجمة بيانات تدفق الدم والضغط الكلوي لتعطي قيما مفيدة للمساعدة في إجراء التشخيص الأولي للكلى.
ويؤكد مجيب أن مختصين وصفوا ابتكاره بأنه "حيوي" وضروري في المستشفيات، ويساعد على تخفيف معاناة المرضى ويحد من الوفيات، من خلال تدارك المريض في وقت مناسب بناء على المعلومات التي يقدمها الجهاز.
تحدي الصعاب
لم يكن الطريق مفروشا بالورود، إلا أن البروفيسور الشاب اليمني واجه صعوبات في تنفيذ فكرته النظرية وتحويلها إلى شيء مادي ملموس عبر جهاز عملي، بسبب إمكانياته المحدودة، وتكاليف العمل الباهظة.
غير أن إصراره، وقهره لظروف الحرب والأوضاع التي تعيشها البلاد، حول فكرة مجيب إلى واقع، وهو ما جعله أيقونةً يحتفي بها اليمنييون في كل مكان، باعتباره نموذجا للتحدي والنجاح في زمن الحرب.
كما أن الجهاز أخذ منه جهدا ووقتا لتجريبه عمليا في المستشفيات، حتى يؤكد فاعليته، من خلال ربط المرضى وهم في منازلهم وقراهم عبر الجهاز بغرف المتابعة في المستشفيات، وهو ما نجح فيه فعلا.
وبفضل تقنيات ابتكاره، تأهل مجيب إلى المرحلة قبل النهائية من مسابقة نجوم العلوم في موسمها الحالي، وتألق في مرحلة إثبات الفكرة، كما نجح باجتياز مرحلة الثمانية.
نقلة طبية
ما قام به مجيب، لم يكن مجرد مشاركة في مسابقة علمية، ولكنه قدم ابتكارا "سيسهم في إحداث نقلة نوعية بعالم الطب"، وفق توصيف البروفيسور الشاب نفسه.
وأضاف: جهاز قياس تدفق الدم الكلوي المحمول يكافح الفشل الكلوي، ويتدارك الإصابة به، ويجنب المريض معاناة الخضوع لجلسات الغسيل الكلوي المكلفة مالا وجهدا، خاصة للمرضى اليمنيين، والدول الفقيرة لأن الجهاز يتيح للمريض وأطباءه وحتى أهله وعائلته مراقبة وضعه الصحي وربطه بالمستشفيات والطوارئ لتجنب حدوث أي فشل كلوي قد يصيبه، كما أنه يعزز تقنية "التطبيب عن بعد" في المستشفيات، بحسب مجيب.
وبعيدا عن أي إنجازات علمية، ظهر البروفيسور مجيب الحروش كنموذج للشاب اليمني الذي لم تقهره ظروف الحرب، فقد أثبت لملايين الشباب اليمنيين أنه بالإمكان التغلب على الأوضاع الصعبة وتحقيق النجاح.