الموصل.. وجه حضارة العراق الذي دمره داعش
تفاصيل نهب ونسف التنظيم لآثار الموصل الدينية والثقافية
مدينة الموصل، تلك الواجهة الحضارية الكبرى للعراق، بما ضمت من حضارات كبرى قامت على أرضها، تعد أحد المراكز المهمة للتراث العالمي.
مدينة الموصل، تلك الواجهة الحضارية الكبرى للعراق، بما ضمت من حضارات كبرى قامت على أرضها، تعد أحد المراكز المهمة للتراث العالمي، ظلت لسنوات في قبضة تنظيم إرهابي يمارس بمعالمها الحضارية أقسى مظاهر النهب والتدمير والتشويه.
ويصل عدد المواقع الأثرية في الموصل، وفقاً لبيانات وزارة السياحة والآثار العراقية، إلى 1791 موقعاً أثرياً و250 مبنى تراثياً، و20 مكتبة ضخمة تحوي مخطوطات إسلامية مهمة، كانت وما زالت هدفاً لتنظيم داعش، الذي سعى لمحو حضارتها وتاريخها باستهداف أماكنها الدينية المقدسة ومتاحفها الأثرية ومكانتها الثقافية الضاربة في جذور التاريخ.
1- داعش والمزارات الدينية
لم تسلم الجوامع والمراقد والأضرحة الدينية المقدسة في الموصل من أعمال النهب والتدمير التي قام بها تنظيم داعش الإرهابي في عام 2014، أهم تلك الجوامع هو جامع "النبي يونس" الذي يعد من أهم المساجد الأثرية في الموصل والذي يعود تاريخه إلى عام 1365 ميلادية والذي ذكره المؤرخ "أبي زكريا الأزدي" في كتاباته، وترجع شهرته إلى اعتقاد أهالي الموصل أن النبي يونس مدفون قرب الجامع، ما يجعله ذا مكانة خاصة عند المسلمين والمسيحيين في الموصل، وقد كان الحجاج الأتراك سابقاً يزورون الجامع لأنهم يعتبرون أن المرور والصلاة بالجامع من المناسك المكملة للحج.
بالإضافة إلى مجموعة من الجوامع والأضرحة، أهمها جامع وضريح "الشيخ فتحي" الذي يعود تاريخه إلى عام 1050 ميلادية، وجامع ومرقد الشيخ "قضيب البان" عام 1150 ميلادية، ومرقد الإمام "الباهر" عام 1240 ميلادية، وضريح الإمام "يحيى أبو القاسم" 1240، وضريح الإمام "عون الدين" عام 1248م، وجامع "النبي جرجيس" عام 1400 ميلادية وجامع "النبي شيت" 1647 ميلادية.
2- داعش والأماكن الأثرية
متحف الموصل
هو أحد أهم المتاحف في العراق، تأسس في عام 1952 وكان عبارة عن قاعة صغيرة، وعام 1972 تم إنشاء مبنى جديد للمتحف وضم 4 قاعات تشمل العصور التاريخية المختلفة للموصل؛ إحداها للآثار القديمة وأخرى للحضارة الآشورية التي تميزت بآثار معمارية فريدة، وهي تماثيل الثيران المجنحة الضخمة، بجانب علوم الفلك والحساب والزراعة، وثالثة للحضارة الحضرية نسبة إلى مملكة الحضر، والأخيرة للآثار الإسلامية، بالإضافة إلى حضارات أخرى مثل الفارسية والرومانية والساسانية.
كباقي متاحف العراق والتراث الأثري، لم يسلم المتحف الحضاري في مدينة الموصل من أعمال التدمير والنهب ضمن الحملة المنظمة التي قام بها التنظيم لهدم المعالم التاريخية والحضارية لمدينة الموصل؛ ففي 26 فبراير/شباط عام 2015 قام بتحطيم محتويات المتحف وتدمير نحو 90 قطعة وتمثالاً أثرياً على النحو الذي قامت به حركة طالبان الأفغانية في عام 2001 من تدمير تمثالي بوذا في أفغانستان.
قلعتا تلعفر وباشطابيا
بالإضافة إلى تدمير داعش لجدران قلعة "تلعفر" غرب الموصل، وقلعة "باشطابيا" وهي قلعة أثرية تعود إلى القرن 12 الميلادي وقد تم تدميرها بالكامل في أبريل/نيسان 2015، كما لم يسلم "هيكل نابو" المدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2000، وهو جزء من قصر "آشور ناصربال الثاني" في مدينة النمرود جنوب شرق الموصل، من أيدي التنظيم الإرهابي؛ فقد قام بتفجيره في يونيو/حزيران 2016.
كما استطاع داعش في أبريل/نيسان 2015 تدمير بوابتا "أدد والمشكى" في مركز مدينة الموصل، والتي تعود إلى القرن السابع ق.م، وتقعان ضمن السور الأثري لمدينة نينوى الأثرية التي ترجع إلى 2000 عام قبل الميلاد.
وفي فبراير/شباط 2015، بث داعش فيديو لأفراد تنظيمه وهم يقومون بتدمير الثور المجنح عند بوابة نركال باستخدام آلة قطع كهربائية، وهو رمز للحضارة الآشورية ويتكون من رأس إنسان ذي شعر مجعد ولحية، وأجنحة نسر وجسم ثور ضخم، ويصل وزنه إلى 30 طناً بطول 4.5 متر، ويرمز إلى الروح التي تحمي المدن والقصور وفقاً للعقيدة الآشورية.
3- داعش والرموز الثقافية
قام تنظيم داعش، في فبراير/ شباط 2015، بحرق مكتبة الموصل التي تضم الآلاف من الكتب والمخطوطات النادرة، في أكبر عملية "تطهير ثقافي" كما وصفتها هيئة اليونسكو في ذلك الوقت، بعد أيام قليلة من سيطرة التنظيم الإرهابي علي مدينة الموصل، قام بتدمير تمثال الشاعر العباسي "أبو تمام" الذي أقام في الموصل خلال القرن التاسع، وتعرض تمثال صاحب ديوان "الحماسة" للتدمير في يونيو/حزيران 2015.