شهدت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام العشرة الماضية ظاهرة عادت لتطفو على السطح بعد انقطاعها مدة من الزمن..
تلخصت بظهور شخصيات على بعض منصات التواصل الاجتماعي لا نعرف كجمهور اعتيادي حقيقتها، أو السبب في ظهورها دفعة واحدة أو بشكل متتالٍ حسب ما حصل مؤخرا، ولكن ذلك يدفعني، كمتابع للشأن الخليجي والعربي، للبحث في هذه "الفورة"، التي قد تبدو في ظاهرها غير مترابطة، ولكن باطنها يوحي -مع قليل من التدبر- بأن هناك الكثير مما تخفيه.
تابع عشرات، وربما مئات الآلاف، على منصة تويتر خلال الأسبوع الماضي بشكل خاص تغريدات غريبة ظهرت وكأنها "عفوية" لشخصيتين على التحديد، ما يزال كثير من السعوديين ومن يهمه أمر المملكة يسألون عن حقيقتهما، وهما شخصية جاء تعريفها على تويتر باسم "عماد المبيض"، معرفا نفسه بكونه "إمام وخطيب جامع الملك عبدالعزيز بالدمام سابقا"، والشخصية الأخرى التي ظهرت بعد تسليط الرأي العام السعودي الضوء عليها شخص أطلق على نفسه اسم "عقيد رابح العنزي"، وقد عرض الأخير عددا من "الوثائق والمستندات" التي حاول من خلالها تأكيد صفته كضابط برتبة عقيد في الأمن العام ويشغل منصب مدير شعبة تقنية المعلومات، ضمن الإدارة العامة لدوريات الأمن.
سنبدأ القصة من حيث أنهاها الطرفان المذكوران أعلاه، أو بالأصح من حيث "أخرسهما" الشعب السعودي مجتمعا على كلمة واحدة، وهي لفظهما تماما بما حوته تغريداتهما أو منشوراتهما من مضامين عرجاء وخاوية، إذ أصبح السعوديون أكثر دراية من الكثيرين من شعوب المنطقة في كيفية التعامل معها ومع مروّجيها، حيث انهالت منذ اللحظات الأولى لتداول منشوراتهما الردود الموجعة، والتي تمكنت خلال ساعات من سحق وتدمير ادعاءاتهما التي كان بيّنًا من طرْحها في هذا الزمن أن هناك مَن يحرك هؤلاء -إنْ حسبناهم أشخاصا واقعيين- وهناك مَن يدير ويتلاعب بهذه الحسابات لغاية دنيئة يخفيها في نفسه وتفضحه من خلف الشاشات كلماته.
حساب "المبيض" توقف عن التغريد بعد نشر ما نصه: "تمكنت من الخروج من البلد والوصول إلى آمنة"، ليرد عليه "سعيد بن ناصر الغامدي" على الفور من خلال تغريدة نشرها على حسابه في تويتر، أرفق فيها صورا تجمعهما معا: "بفضل الله ومنّه خرج البطل الشيخ عماد وهو آمن"، أما "رابح العنزي" فقد أوقف تويتر حسابه بعدما لاحظ القائمون على المنصة كمّ البلاغات التي مزقت وجهه قبل تمزيق ادعاءاته، وهنا نقف من جديد مع اسم تكرر ويتكرر في محافل الإخوان ومَن والاهم، وهو "سعيد بن ناصر الغامدي"، وهو الإخواني الهارب من وجه العدالة أولا، ومن مجابهة القانون في بلاده ثانيا، واللاجئ الذليل في بلاد يعرف كل العرب نواياها الخبيثة في ضرب دولنا واستهداف أمنها.
وهنا تكاد تكتمل اللوحة، وتبدو الصورة أكثر وضوحا عندما يراها المتابعون جميعا من بعيد، أو عندما ننظر إليها بتمعن أكثر قليلا، حيث سنلحظ بوضوح ذلك الشكل الذي نسجه هؤلاء "الفارّون" المنهزمون من أنفسهم وأهليهم أولا ومن أبناء شعبهم ودولتهم ثانيا، وهي لوحة بشعة ملطخة بدماء ملايين الأبرياء ممن قُتلوا وشُرّدوا، ممن حركتهم شرذمة الإخوان المفلسين المفسدين، ليس إلا سعيا للسلطة والتربح والتجارة باسم الدين.
نعم هم الإخوان المفسدون، هم من يقودون ويحركون أذنابهم وشياطينهم ومغفليهم، في سبيل الوصول إلى السلطة فقط، ممن تبرر الغاية لديهم الوسيلة، وساهموا في السنوات العشر الأخيرة بشتى أشكال الدمار التي طالت بلاد العرب والمسلمين ومزقتها، ممن تاجروا باسم الدين تجارة خاسرة بائسة، ممن لم يشْفَ غليلهم ولن يَشفى، إلا إذا باشروا في استهداف قِبلة المسلمين وبلاد الحرَمَيْن الشريفين، ولكن، وكسابق عهدهم، كان لهم أسود المملكة من أبناء الشعب السعودي الواعي بالمرصاد، ذادوا عن بلادهم وقيادتهم بلا تردد وبكل ثقة، وقاموا بتعرية وإسقاط هذه المسرحية الهزلية السخيفة قبل أن تبدأ، فهنيئا للمملكة بقيادتها وشعبها، وليخسأ كل من حاول أو يحاول العبث بأمنها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة