"مقبرة الملالي".. سوريا تبتلع جنرالات إيران وحسرة في طهران
بعد مقتل جنرال إيراني بارز.. نزيف دماء جنرلات مليشيات الملالي يتواصل في سوريا.
باتت الأراضي السورية بمثابة فخ يبتلع جنرلات مليشيات إيران العسكرية مؤخرا، ولا سيما الحرس الثوري المنخرط في القتال إلى جانب قوات نظام بشار الأسد منذ نحو 6 سنوات في أعقاب اندلاع الأزمة السورية، في الوقت الذي باتت معه دمشق ساحة خلفية لأنشطة طهران التخريبية، وهدفا ضمن خطتها للهيمنة وبسط النفوذ بالمنطقة.
واعترفت وسائل إعلام إيرانية مقربة من مليشيا الحرس الثوري، السبت، بمقتل الجنرال شاهروخ دائي بور، الذي يحمل رتبة عميد ضمن مليشيا الحرس الثوري ومستشار عسكري بارز ميدانيا في محافظة حلب الواقعة شمالي سوريا، حيث أشارت وكالة أنباء تسنيم إلى أن "بور" الذي انخرط بالقتال سابقا في الحرب العراقية- الإيرانية (1980- 1988) قد لقي مصرعه صباح الجمعة الماضي، بسوريا دون أن تفُصح عن ملابسات الواقعة.
ويبدو بحسب المعلومات المتوافرة أن الجنرال الإيراني الصريع، كان يشغل عدة مهام عسكرية داخل الأراضي السورية من بينها تدريب عناصر من مليشيات موالية لطهران، أبرزها حزب الله اللبناني طوال السنوات الماضية، إضافة إلى دوره وإشرافه على عمليات استخدام صواريخ "تاو" المضادة للدبابات، والدروع، والتحصينات.
كما كان يقوم بمهام أخرى تمثلت في انخراطه ضمن ما يُعرف بـ"فيلق النجف" التابع للقوة البرية بالحرس الثوري بمحافظة كرمانشاه الإيرانية، غربي البلاد، لقتال المعارضة الكردية الموجودة بتلك المناطق.
وأشار موقع مقرب من مليشيا الحرس الثوري، يدعى "مرصاد نيوز" في تقرير مطول له، إلى أن دائي بور الملقب بـ"عزيز" كاسم تمويهي داخل المليشيات، سافر عدة مرات إلى الأراضي السورية لأداء مهام عدة طوال السنوات الماضية، قبل أن يعترف بمقتل نحو 15 عنصرا من الحرس الثوري والباسيج (التعبئة العامة) في معارك داخل سوريا، جميعهم ينحدرون من محافظة كرمانشاه وحدها، والتي تقع على الحدود الإيرانية- العراقية، حيث تتمركز مليشيات طهران منذ 3 سنوات ضمن خطة نظام الملالي لشق ممر استراتيجي عبر أراضي كل من سوريا والعراق وصولا إلى لبنان.
ولفت الموقع إلى أن الجنرال الإيراني قتل إثر انفجار لغم أرضي بمنطقة البوكمال الواقعة داخل نطاق محافظة دير الزور السورية، دون أن يكشف عن تفاصيل الواقعة بالكامل، وسط تعتيم من وسائل إعلام إيرانية رسمية عن طبيعة مهامه العسكرية، بدعوى مقتله ضمن مليشيات "مدافعان حرم" أو "المدافعين عن المراقد الشيعية"، الذين جلبتهم إيران من بلدان عدة مثل أفغانستان، وباكستان، والعراق وغيرهم، كمرتزقة للقتال إلى جوار حليفها بشار الأسد.
وأكد موقع "راديو فردا" المحسوب على المعارضة الإيرانية، أن تلك المليشيات تعد مثالا على وجود قوات عسكرية موالية لنظام الملالي في سوريا، قبل أن يورد تصريحات أدلى بها قبل عام محمد علي شهيدي، المسؤول عن مؤسسة دعائية تابعة للحرس الثوري، عن وصول أعداد قتلى هذه المليشيات إلى نحو 2100 شخص، من بينهم قادة بارزون مثل أحمد غلامي، وحسين همداني، وحميد تقوي، ورضا فرزانه وغيرهم ممن يشغلون مناصب مستشارين عسكريين للإشراف على عمليات قتالية تنخرط بها نحو 15 مليشيا طائفية موالية لطهران في كل من دمشق وبغداد.
وأكدت تصريحات أدلى بها محمد دائي بور، شقيق جنرال الحرس الثوري الذي لقي حتفه، ضلوع الأخير في عمليات تدريبية عدة لعناصر مليشيا حزب الله على الحدود السورية- اللبنانية على مدار السنوات الأخيرة، وبخاصة لاستهداف دبابات ميركافا، ضمن خدمته في صفوف الحرس الثوري كمتخصص في التدريب على استخدام الصواريخ المضادة للدروع، إلى جانب تدريسه بجامعة "الحسين" الخاضعة لسيطرة تلك المليشيات.
وأوضح دائي بور، بحسب وكالة أنباء مهر، أن شقيقه الجنرال كان يتولى مهام تدريبية أخرى مثل الغطس، والسباحة، والمصارعة، في الوقت الذي كشف بعض رفقاء السلاح لجنرال الحرس الثوري القتيل عن دوره في تجنيد أطفال من محافظة كرمانشاه؛ لاستخدامهم في المعارك بمنطقة البوكمال، وتحديدا ببلدتي نبل والزهراء، إلى حد أن وصفوه بـ"الأب الروحي" لهؤلاء الأطفال، على حد تعبيرهم.
وتفضح تلك التصريحات المتكررة نهج نظام الملالي في استغلال الأطفال بأعمال عسكرية عدائية تسعى إيران دائماً للقيام بها، لتنفيذ مخططاتها التآمرية لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.
وفي السياق ذاته، كشفت مواقع إخبارية إيرانية، في مايو/ آيار، عن تشييع جنازات قتلى جدد من مليشيا "فاطميون" الموالية لطهران، التي تتشكل غالبيتها من مقاتلين أفغان، وذلك إثر مقتلهم في هجمات "إسرائيلية" استهدفت مواقع عسكرية إيرانية داخل الأراضي السورية مؤخرا.
واعترفت وكالة أنباء "الدفاع المقدس"، المهتمة بتغطية أنشطة مليشيات إيران، بتشييع جنازات قتلى جدد من مليشيا ما يعرف بـ"مدافعي الحرم" في مدينة قم الواقعة وسط البلاد، وهم الذين جلبتهم طهران من دول مجاورة مثل أفغانستان، وباكستان، والعراق، بدعوى حماية المزارات الشيعية في سوريا، لكن دورهم يتمثل بالأساس في القتال إلى جانب قوات نظام بشار الأسد.
ومع اشتداد الضربات العسكرية الموجهة لمليشيات الملالي في سوريا على مدار الأشهر الأخيرة، أوردت وسائل إعلام إيرانية رسمية، مطلع يونيو/ حزيران الجاري، مقتل مستشار عسكري بارز في مليشيا الحرس الثوري خلال مواجهات مسلحة بمنطقة درعا الواقعة جنوبي سوريا، في الوقت الذي تتزايد فيه الاحتجاجات الشعبية المناهضة لمغامرات نظام الملالي بالخارج، على حساب رفاهية ومعيشة الداخل الإيراني المثقل بالأزمات.
وأوردت وكالة أنباء الإذاعة والتلفزيون الإيرانية "صدا وسيما"، نقلا عن الجنرال رضا ترابي قائد فيلق السجاد التابع للحرس الثوري بمحافظة هرمزجان، الواقعة جنوب شرقي إيران، أن خليل تختي نجاد (24 عاما) الذي تولى منصب قائد العمليات في مقر درعا السورية قبل عدة أشهر، قد لقي مصرعه بمواجهات مسلحة جنوب سوريا.
وفي ظل ارتفاع حصيلة قتلى جنرالات مليشيات الملالي على الأراضي السورية، أعلنت وكالة أنباء "الدفاع المقدس"، مؤخرا، عن إقامة ما وصفتها بـ"مراسم تذكارية" تشبه العزاء في طهران خلال يومين، بعضها سيعقد في الشوارع بحضور عائلات وأسر القتلى الإيرانيين، حيث من المقرر أن تنشد خلالها مراثي شعرية دينية، في إشارة تعكس رمزيا مدى فداحة الخسائر الإيرانية بالآونة الأخيرة.