مظاهرات حاشدة بالجزائر.. وتحذيرات من اختراق إخواني
تحت أعين "المروحيات" والأمن، احتشد آلاف الجزائريين، الجمعة، في عدد من محافظات البلاد للمطالبة بالتغيير، وسط تحذير من اختراق إخواني.
وللجمعة الثانية على التوالي، نظم الآلاف من أنصار الحراك الشعبي مظاهرات بالعاصمة الجزائرية ومدن أخرى أبرزها بجاية، تيزيوزو، البويرة، قسنطينة، أم البواقي ووهران.
وجدد المتظاهرون مطالب "التغيير الجذري" للنظام وسياساته ووجوهه، وبقي شعار "دولة مدنية وليست عسكرية" الأكثر ترديدا في المحافظات التي سجلت مسيرات شعبية، انطلقت جميعها بعد انتهاء صلاة الجمعة من عدة مساجد.
لكن كان اللافت في تظاهرات اليوم ترديد المشاركين شعار "ما تخوفوناش بالجنسية أحنا ربتنا الوطنية" (لا تهددوننا بالجنسية، نحن من ربتنا الوطنية) كرد على اعتزام السلطات الجزائرية إصدار قانون جديد لسحب الجنسية من على كل جزائري مقيم بالخارج في حالة الانخراط في منظمة إرهابية.
كما ردد المتظاهرون شعارات أخرى منها "أكلتم البلاد أيها اللصوص"، و"الشعب يريد الاستقلال"، و"الشعب يريد إسقاط النظام".
وانطلقت المظاهرات بعد صلاة الجمعة، وسط إجراءات أمنية مشددة خصوصاً في العاصمة التي سجلت مرة أخرى إنزالاً أمنياً كثيفاً عبر الحواجز الأمنية في مختلف الشوارع الكبرى في محاولة لعزل ساحات المسيرات عن بعضها، إلا أن المتظاهرين تمكنوا من اجتياز بعضها كما حدث في شارع "ديدوش مراد".
وواصلت مروحيات الهليكوبتر التابعة للشرطة مراقبتها أجواء العاصمة والمسيرات الشعبية، بينما لجأت قوات الأمن إلى غلق بعض منافذ الشوارع بسيارات الشرطة في محاولة للحد من تدفق المتظاهرين إلى محيط ساحة البريد المركزي.
إرهاب الإخوان يقسم الحراك
لكن الحراك الشعبي عاد بعد عامين من الإطاحة بالنظام السابق، بانقسام واضح في صفوف متظاهريه إثر خروج تحذيرات من داخله من اختراق إخواني للمظاهرات لتنفيذ مخطط مشبوه.
وحذر عدد من قادة الأحزاب المعارضة والشخصيات السياسية المحسوبة على التيار الديمقراطي مما أسموه "اختراق التيار الظلامي" في إشارة إلى الإخوان، واتهموا الجماعة الإرهابية بـ"محاولة تكرار سيناريو تسعينيات القرن الماضي، عندما استغلت "الجبهة الإرهابية للإنقاذ" الانفتاح السياسي لتعلن تمردها المسلح على الدولة".
ولم تعد التحذيرات الجدية من المخططات إخوانية الإرهابية تصدر عن الجهات الرسمية أو الشعبية فقط، إذ باتت المعارضة المناوئة للسلطة الجزائرية أكثر اقتناعاً بوجود مؤشرات دامغة وميدانية على سعي إخواني واضح لكسر قالب السلمية الذي ميز مظاهرات الحراك الشعبي، وكان واحدا من الأسباب الرئيسية لما يصفه المراقبون بـ"محافظتها على النفس الطويل" لمدة عامين.
وعاد مصطلح "التيار الظلامي" يتصدر خطابات شخصيات معارضة، حذرت من اختراق فلول "جبهة الإنقاذ" الإخوانية المحظورة والمصنفة "تنظيماً إرهابياً" وحركة "رشاد" الإرهابية.
وبرز الخطر الإخواني مع الشعارات التي تحاول جماعة الإخوان الإرهابية نشرها في المظاهرات وتكريسها ضمن مطالب الحراك، خصوصاً تلك التي تصف الجيش والمخابرات بـ"الأجهزة الإرهابية".
وفضح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للمرة الأولى حقيقة ذلك الشعار الآخر وهو "الدولة المدنية"، وكشف عن أنه مخطط قديم أعد له منذ 15 عاماً من قبل أطراف تم تكوينها في دول أفريقية وأوروبية هدفها "تدمير الأنظمة من الداخل عبر التشكيك في مؤسساتها السيادية" وفق السيناريو الذي اعتمدت عليه جماعة الإخوان الإرهابية في دول عربية بينها سوريا وليبيا.
وبات اختراق جماعة الإخوان للمظاهرات مصدر قلق للسلطات الجزائرية وحتى للمتظاهرين الذين لم يخف عدد منهم خشيته من تحويل المسيرات السلمية إلى "ساحات للعنف والفوضى" خصوصاً من خلال الشعارات التي يرفعونها في محاولة لاستفزاز قوات الأمن.
وعادت مظاهرات الحراك الشعبي في الجزائر الأسبوع الماضي بعد عام من التوقف بسبب اجراءات مكافحة كورونا المفروضة في البلاد.