الإخوان في البوسنة.. محاولات يائسة من أجل موضع قدم
على نقيض لما يحدث في غرب أوروبا، تلف الضبابية وندرة المعلومات وجود جماعة الإخوان الإرهابية في دول شرق القارة العجوز.
ورغم ندرة المعلومات والاختلاف بين دولة وأخرى، فإن الإخوان الإرهابية توجد في دول أوروبا الشرقية، وإن اختلفت الكثافة بين بلد وآخر، وهو ما تعرضه "العين الإخبارية" بالتفصيل في عدة حلقات بدأت الأسبوع الماضي.
وتنطبق محدودية الوجود بشكل أساسي على الدول ذات الكثافة السكانية المسلمة المحدودة جدا في شرق أوروبا، إذ يعيد الوجود الإخواني في هذه البلدان إلى الأذهان، الوجود الأول للجماعة في الدول الغربية قبل عدة عقود، حين أسس حفنة من الطلاب شبكة باتت مترامية الأطراف في الوقت الحالي، وفق دراسة حديثة لمركز توثيق الإسلام السياسي (حكومي) في النمسا، اطلعت عليها "العين الإخبارية".
وفي دول مثل التشيك، وسلوفاكيا، والمجر، وسلوفينيا، وكرواتيا، ورومانيا، أسست مجموعة من العناصر التي تتراوح روابطها مع الإخوان من الروابط التنظيمية إلى الانتماء الأيديولوجي، أجنّة الجماعة في هذه الدول، وسارت على نهج النموذج الإخواني في الدول الغربية.
لكن الديناميات ليست مختلفة جدا في دول أوروبا الشرقية التي تضم نسبة كبيرة من السكان المسلمين من إجمالي عدد السكان، وفق تقرير لمركز توثيق الإسلام السياسي في النمسا.
وبحسب التقرير ذاته، فإن الإخوان تتمتع بوجود محدود في بلدان مثل ألبانيا أو كوسوفو واللتين تضمان عددا كبيرا من المسلمين، ويمكن تتبع عدد من الكيانات في هذه البلدان وربطها بالتنظيم الدولي للإخوان، وأكبر منظمتين نشطتين في أوروبا؛ اتحاد المنظمات الإسلامية، والاتحاد الإسلامي للمنظمات الطلابية الشبابية "فيمسو".
الاستثناء في هذا الإطار هو البوسنة والهرسك، إذ برزت الشبكات القريبة من جماعة الإخوان في هذا البلد منذ أوائل التسعينيات، بالتزامن مع إنشاء عدد من المنظمات غير الحكومية التي تدير الخدمات الإنسانية، لكنها في بعض الأحيان قدمت الدعم للمسلحين المشاركين في صراع البوسنة في ذلك الوقت تحت ستار العمل الإنساني.
ورغم أن نشاط الإخوان في البوسنة كان مكثفا منذ أوائل التسعينيات، إلا أن التواصل بين الجماعة الإرهابية وبعض المسلمين في البوسنة بدأ في أربعينيات القرن الماضي بتأسيس ما يعرف بمنظمة "الشباب المسلم".
ووفق تقرير مركز توثيق الإسلام السياسي، فإن معظم الإخوان الذين نشطوا في البوسنة والمناطق المجاورة لها، خلال الحرب، تركوا البلاد بعد انتهاء الصراع.
ومع ذلك، وجد التنظيم العالمي للإخوان حلفاء في شخصيات محلية بارزة في البوسنة، مثل الرئيس السابق إيشا إزتبريغوفيتش والمفتى السابق والحالي للبلاد مصطفى سيريتش وحوسين كافازوفيتش على الترتيب، حسب التقرير ذاته.
وعلاوة على ذلك، عقد المجلس الأوروبي للفتوى والبحوث المرتبط بالإخوان الإرهابية، دورات متعددة بالشراكة مع "الشباب المسلم" في سراييفو في عامي 2007 و2013، بل إن مفتى الإخوان يوسف القرضاوي كان حاضرا في دورات ٢٠١٣.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هناك منظمة أخرى عضوة في اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا؛ مظلة الإخوان في القارة، وهي جمعية الثقافة والتعليم والرياضة في البوسنة، التي تقول عن نفسها، إنها منظمة غير حزبية وغير حكومية وغير هادفة للربح وتمول أنشطتها من مساهمات المانحين، ورسوم عضوية، والأنشطة الاقتصادية.
لكن هذه الجمعية تعد منظمة مظلية للإخوان في البوسنة، وتضم تحت رايتها ٥ منظمات في عموم البلاد، وتنشط في اختراق المجتمع عبر ملف التعليم والتثقيف الديني للشباب والمراهقين، وفق دراسات أوروبية اطلعت عليها "العين الإخباريةً".
وكشفت مراجعة الخادم المسجل بالولايات المتحدة لموقع الويب الخاص بجمعية الثقافة والتعليم والرياضة، أن غالبية الزوار في اليوم الواحد، حوالي ٣٤٠٠ شخص فقط، يأتي من البوسنة والهرسك، بينما يأتي الباقي من الخارج، ما يعني أنها تملك تأثيرا محدودا.
ورغم هذه الاتصالات رفيعة المستوى، ونشاط عدد من المنظمات في البوسنة تحت لواء، اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا وفيميسو، إلا أن الوجود الإخواني في البوسنة يمكن وصفه في التحليل الأخير، بأنه صغير نسبيا في الحجم والتأثير، وفق دراسة مركز الإسلام السياسي بالنمسا.
وتتكون البوسنة والهرسك من تركيبة عرقية متنوعة؛ إذ يشكل المسلمون 50.1% (البوسنيك)، والصرب 31%، والكروات 15.5%، ويتواجد الإسلام في هذا البلد منذ القرن الخامس عشر.