إعلام الإخوان في 2021.. تخبط ما قبل النهاية
"إعلام مرتبك.. فاقد للبوصلة الأخلاقية والمهنية" عبارة تصف بدقة، المشهد الإعلامي داخل تنظيم الإخوان الإرهابي في عام 2021.
ويتزامن هذا المشهد الإعلامي المتهاوي بصراعات ضربت قمة الهرم التنظيمي في الإخوان، وقسمتها بين جبهتين متناحرتين.
وتعيش جماعة الإخوان الإرهابية حالة التدمير الذاتي، جراء اشتعال الصراع بين جبهة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة، ومعسكر إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد العام والمقيم في لندن، في معركة حامية وقودها المال والمناصب والنفوذ.
وترصد "العين الإخبارية" ضمن مجموعة متنوعة من تقارير الحصاد والتي تبرز أهم الأحداث في جميع الدول حول العالم، أبرز ما مر به الإعلام الإخواني في 2021 من تخبط يمكن وصفه بـ"تخبط ما قبل النهاية" المنتظرة للتنظيم الإرهابي.
تداعيات الصراع
وانعكس الصراع الذي يضرب رأس هرم التنظيم الإرهابي على المشهد الإعلامي ومنصاته سواء في لندن أو إسطنبول.
وبشكل غير مسبوق، جرى تدشين تنظيمين داخل الجماعة، ومتحدثين رسميين (في لندن وإسطنبول)، ومنصات إعلامية خاصة لكل جبهة.
ومؤخرا، قرر "معسكر منير" تعيين أسامة سليمان متحدثا رسميا له، كما أطلق منصات إلكترونية بديلة بعضها يحمل نفس الاسم، منها "إخوان سايت"، معلنا أنه موقع الجماعة الرسمي والوحيد، إضافة إلى تدشين صفحات على موقعي "فيسبوك" وتويتر.
في المقابل، ظهر القيادي الإخواني طلعت فهمي كمتحدث إعلامي لجبهة إسطنبول، وسيطرت الجبهة على موقع "إخوان أون لاين" لدعم موقفها في الصراع مع معسكر منير.
ضربة تركية
وفي ملمح آخر للمشهد الإعلامي داخل التنظيم في عام 2021، تعرضت منصات الإخوان التي تبث من تركيا إلى ضربات عنيفة، إذ قررت أنقرة وقف كافة البرامج التحريضية ضد مصر والتي تبث من أراضيها من خلال فضائيات الشرق ومكملين، في مسعاها لإعادة العلاقات مع القاهرة إلى المسار الإيجابي.
وأعلن معتز مطر ومحمد ناصر وغيرهما من إعلاميي الإخوان، وقف بث برامجهم عبر الفضائيات التي تبث من الأراضي التركية، والاكتفاء بالبث عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن تقرر أنقرة منع كافة ما ينشر من أراضيها مع إخطار هؤلاء الإعلاميين بضرورة مغادرة البلاد.
وسعى تنظيم الإخوان مؤخرا إلى إعادة عناصره مجدداً للظهور الإعلامي عبر قناة فضائية تبث من بريطانيا، وبتمويل مالي ضخم من تنظيم "حزب الله" الإرهابي، من خلال ظهور جديد للإعلامي الإخواني معتز مطر عبر قناة جديدة يؤسسها التنظيمي الإخواني أيمن نور.
وكانت وسائل الإعلام التابعة للإخوان بمختلف أشكالها سببا في التعريف بالجماعة قبل عام 2011، ومواقفها لدى الرأي العام وخاصة المصري، ثم تحولت بعد سقوط التنظيم في مصر عقب ثورة 2013 إلى منصات لنشر شائعات لا أساس لها من الصحة، بهدف إثارة الفتنة والتحريض ضد الدولة المصرية، لكنها فشلت بسبب يقظة الأجهزة الأمنية ووعي المصريين.
وباتت وسائل الإعلام الإخوانية في الوقت الحالي، سبباً في الكشف عن الصراعات المشتعلة التي تعيشها الجماعة، وعن حالة الضعف التي وصلت إليها، ومسرحا أيضا لتبادل الاتهامات بين قياداتها.
مشهد مرتبك
وفي توصيفه للمشهد الإعلامي في عام 2021 داخل تنظيم الإخوان، قال أحمد بان الباحث المصري والخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، إنه "إعلام مرتبك، فاقد للبوصلة الأخلاقية أو المهنية يمضى إلى نهاياته المحتومة".
وأوضح بان في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" أن "المشهد الإعلامي هو انعكاس لحالة الانقسام داخل تنظيم لم يعد تنظيما مركزيا له قيادة واحدة ومنصات إعلامية واحدة، بل أصبح أكثر من تنظيم يملك كل واحد منهم منصاته الإعلامية".
وأردف الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي: "يتوخى الإخوان عبر منصاته الإعلامية تحقيق أهداف مموليه، بعد أن أصبح التنظيم رهينا لأجهزة مخابرات تتلاعب به، وهو ما يفسر التضارب والارتباك في الأداء والسلوك".
ورجح بان "استمرار نفس تخبط وسائل الإعلام الإخوانية في العام الجديد، وذلك حتى تتغير أجندة الممولين"، على حد تعبيره.
ومنذ نشأته، عمد تنظيم الإخوان على توظيف الماكينة الإعلامية لتعزيز نفوذه الأيديولوجي والسياسي، عبر القنوات والمواقع الإلكترونية المملوكة لها وقنوات اليوتيوب العديدة ووسائل التواصل الاجتماعي الرقمية الأخرى.
وقال منير أديب الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، في مقال سابق، "أَوْلى تنظيم الإخوان الإرهابي اهتماما كبيرا بوسائل الإعلام منذ نشأته وحتى سقوطه المدوي في مصر عام 2013، فقد كانت هذه الوسائل طريقه للتضليل ونشر الشائعات قديما، واستخدمها حديثا للهدف ذاته".
وتابع "التنظيم هو الأسبق في تدشين قناة (مصر 25) بعد قيام ما سُمي ثورة 25 يناير عام 2011، كما كان الأسرع في إصدار جريدة الحرية والعدالة "اليومية"، ودشّن كذلك عشرات الفضائيات فيما بعد، للنيل من الدولة الوطنية، واستخدمها كأداة ضغط على الأنظمة السياسية التي تناوئ مشروع الإسلام السياسي في المنطقة".
كما وقف "الإخوان" خلف فضائيات عربية ذائعة الصيت، مثل قناة الجزيرة، وسيطروا على القرار بداخلها، بل كانوا وراء المحتوى الإخباري والتحليلي الصادر عنها، وفق أديب.