الإخوان والاتحاد الأوروبي.. تفاصيل اختراق المؤسسات "الخطر"
خطوة للخلف وأخرى للوراء.. تغيير الاستراتيجيات بشكل متواصل.. والإصرار على اختراق المؤسسات الرسمية عبر أجندة فضفاضة تغازل القيم العالمية.
هكذا تتحرك جماعة الإخوان الإرهابية في مؤسسات الاتحاد الأوروبي لتفادي الضربات المتتالية التي تتلقاها من عدة دول منفردة، وتحرك نفوذها إلى قمة الجبل، بدلا من الحفر عند قواعده، ما يعكس تنامي خطرها واستغلالها عدم وجود استراتيجية جماعية لمواجهتها على مستوى التكتل، وفق مراقبين.
حملة الحجاب.. مجرد واجهة
وفي الأشهر الأخيرة، أحدثت "حملة الحجاب" التي يرعاها المجلس الأوروبي ضجة كبيرة، خاصة بعد أن قدمت المؤسسات الأوروبية دعما سخيا للحملة بلغ 340 ألف يورو.
ومع مرور الوقت، بات واضحا أن جماعة الإخوان التي تملك نفوذا في بروكسل وستراسبورج بفضل منظمات ضغط وجمعيات ترتدي وجه التعاون والاندماج، تقف وراء حملة دعم الحجاب، لكن ضغوط الحكومة الفرنسية أسفرت في النهاية عن وقف مؤقت للحملة على المستوى الأوروبي.
بيد أن حملة الحجاب وارتباطها بجماعة الإخوان، وتلقيها أموالا أوروبية سخية، يعيد فتح ملف الجماعة في أروقة المؤسسات الأوروبية، ومدى تأثيرها، واستراتيجيتها وأهدافها الخفية.
ما مصدر الخطر؟
الحديث عن حملة الحجاب يقود المتتبع خطوة أخرى للخلف، وبالتحديد إلى ملتقى الشباب الأوروبي الذي نظمه البرلمان الأوروبي في ستراسبورج قبل أسابيع بمشاركة بارزة مما يعرف بـ"منتدى الشباب الأوروبي المسلم والمنظمات الطلابية" أو "FEMYSO".
وفي هذا الحدث، وقفت شابة ترتدي الحجاب لتلقي كلمة تدغدغ المشاعر عن "الإسلاموفوبيا"، فكان الرد عاصفة تصفيق من الحضور، إلا أن هذه الشابة لم تكن سوى هبة لاتريش نائبة رئيس "منتدى الشباب المسلم والمنظمات الطلابية".
"FEMYSO" هي منظمة فرنسية تعد جزءا رئيسيا من شبكة الإخوان في أوروبا، وتحاول تبني أفكار مناهضة للعنصرية وأوروبية الطابع، من أجل تحقيق اختراق ممنهج للمنظمات الأوروبية، ولعبت دورا بارزا في حملة الحجاب الأخيرة.
واحتجت باريس بشكل رسمي على مشاركة هذه المنظمة في ملتقى الشباب الأوروبي، واللقاء الذي جرى على هامشه بين مفوضة المساواة في الاتحاد الأوروبي هيلينا دالي وممثلي FEMYSO، وفق ما ذكرته دالي نفسها على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت وزيرة المواطنة الفرنسية مارلين شيابا تعليقا على ذلك: "نؤكد للاتحاد الأوروبي أن هذه الجمعية تهاجم فرنسا وتحاول اختراق المؤسسات الفرنسية".
ومؤخرا، كشف تحقيق لمجلة "ماريان" الأسبوعية الفرنسية أن منظمة "منتدى الشباب المسلم"، استفادت من مدفوعات بعشرات الآلاف من اليوروهات من مؤسسات الاتحاد الأووربي في العقد الأخير.
بل أظهر التحقيق أيضا أن مفوضية الاتحاد الأوروبي منحت ما لا يقل عن 36.5 مليون يورو للجمعيات المرتبطة بالإخوان بين عامي 2014 و2019.
ووفق وثيقة للبرلمان الأوروبي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، كانت الأموال الممنوحة لـ"منتدى الشباب الأوروبي المسلم"، محل سؤال في أروقة البرلمان قدمه النائبان رومان هيدر، وجورج ماير في مارس/آذار الماضي.
وذكرت الوثيقة أن الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية التي تعد "FEMYSO" أهم أركانها، تلقت 889 ألف يورو كتمويل من المؤسسات الأوروبية في عام 2019.
الصورة الكاملة
تأسست "FEMYSO" على يد إبراهيم الزيات أهم عنصر في شبكة الإخوان الإرهابية بألمانيا، والذي وصفه هارتويغ مولر، الرئيس السابق لهيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية بألمانيا"، بأنه "عنكبوت في شبكة الإخوان".
وتصف الاستخبارات الداخلية الألمانية "FEMYSO" بأنها "منظمة جامعة" لعمل الشباب في شبكة الإخوان في أوروبا، وتضم في عضويتها جمعية "الشباب المسلم في ألمانيا" التي تأسست عام 1994 كمنظمة صغيرة تابعة لمنظمة المجتمع الإسلامي؛ ذراع الإخوان بالأراضي الألمانية، وفق تقرير لموقع "تيخي أينبلك" الألماني.
ووفق دراسة للمركز الاتحادي للتعليم السياسي بألمانيا، فإن منظمة الشباب المسلم في ألمانيا هي عضو في مظلة FEMYSO، فيما تتعاون الأخيرة على مستويات مختلفة مع اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا؛ المنظمة المظلية للإخوان بالقارة العجوز.
وبصفة عامة تستهدف المنظمات الشبابية المندرجة تحت مظلة FEMYSO، الشباب المسلمين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و30 عامًا في المجتمعات الأوروبية، وتخضعهم لتأثير برنامج تعليمي وترفيهي لزرع الأفكار المتطرفة فيهم، وفق المصدر ذاته.
وبحسب تقرير موقع "تيخي أينبلك"، اختارت "FEMYSO" مقرها الرئيسي في بروكسل على وجه التحديد لتكون أكثر تأثيرا في المؤسسات الأوروبية، لكن هيئة حماية الدستور في ولاية بادن فورتمبيرج الألمانية قالت في تقريرها الصادر (2020)، إن "FEMYSO وفروعها في ألمانيا مثل منظمة الشباب المسلم، هي مفرخة لقادة المستقبل للإخوان المسلمين في أوروبا".
وبالفعل، عادة ما يتولى قيادات "FEMYSO" مناصب أعلى في شبكة الإخوان في أوروبا، وهو ما حدث مع رئيس المنظمة الشبابية السابق، إبراهيم الزيات الذي أكمل طريقه ليصبح رئيس منظمة المجتمع الإسلامي بألمانيا لسنوات طويلة.
أوروبا.. إلى أين؟
ورغم هذه الروابط الواضحة بين "FEMYSO" ومنظمات الإخوان الأخرى، سُمح للمنظمة الشبابية بالمشاركة في حلقة نقاش في برلمان الاتحاد الأوروبي في عام 2019 حول مناهضة العنصرية، وسُمح لها بالمشاركة في "المنتدى العالمي للديمقراطية" الذي نظمه مجلس أوروبا في ستراسبورغ مؤخرا.
ووفق موقع "تيخي أينبلك"، فإن المشاركة في مثل هذه الفعاليات تكسب الإخوان، اتصالات أكثر من أي وقت مضى مع مفوضية الاتحاد الأوروبي، وتحقق استراتيجية الإخوان في امتلاك نفوذ على المؤسسات الأوروبية.
لكن باب "FEMYSO" المفتوح إلى أروقة المؤسسات الأوروبية هو مجموعة "مناهضة العنصرية" في البرلمان الأوروبي، وهي مجموعة عابرة للكتل البرلمانية، وتعمل مع المنظمات المحسوبة على الإخوان بشكل وثيق.
ومنذ عام 2016 على الأقل، ظهر عدد متزايد من نواب الاتحاد الأوروبي من مجموعة "مناهضة العنصرية"، كمتحدثين في الأحداث التي نظمتها FEMYSO و"المنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة"، والذي يعد أيضًا جزءًا من شبكة الإخوان .
"ليست وحدها"
وبصفة عامة، تدعم المفوضية الأوروبية العديد من الجمعيات التي توصف بأنها إسلامية لكنها في الحقيقة تملك روابط قوية بالإخوان الإرهابية، غير أنه حتى الآن ما تزال المؤسسات الأوروبية متأخرة في إدراك هذه العلاقة.
فعلى سبيل المثال، لا تزال المديرية العامة لإدارة الكوارث والمساعدات الإنسانية التابعة للمفوضية الأوروبية تعمل مع منظمة الإغاثة الإسلامية رغم إعلان السلطات الألمانية وجود روابط بين المنظمة والإخوان.
ومؤخرا، صادقت المنظمة الأوروبية على الإغاثة الإخوانية كـ"شريك إنساني" للفترة من 2021 إلى 2027، بميزانية لم يتم تحديدها بعد.
وفي عام 2019 ، قدمت المفوضية الأوروبية تمويلا لمنظمة الإغاثة بلغ 712 ألف يورو لمشاريع في مجال الإغاثة من الزلازل والفيضانات.
عام 2019 أيضا، شهد تدفق أموال الاتحاد الأوروبي إلى منظمات أخرى مثيرة للجدل؛ إذ مول صندوق الأمن الداخلي التابع للمفوضية الأوروبية ما يعرف بالاتحاد الإسلامي الأوروبي (EMU) بمبلغ 90367 يورو، وفق تقرير لصحيفة "دي فيلت" الألمانية.
ومن المفترض أن يصب هذا التمويل في مشاريع ضد التطرف الإسلامي عبر الإنترنت، ويستمر الدعم الأوروبي للاتحاد الإسلامي حتى أكتوبر/تشرين الأول، من هذا العام، وبلغ إجمالا 508 آلاف يورو.
ومؤسس ورئيس الاتحاد الإسلامي الأوروبي هو المحامي أندرياس أبوبكر ريجر الذي يمتلك علاقة قوية مع رئيس الوزراء الماليزي السابق، مهاتير محمد، بل إنه يشغل وظيفة محامي السياسي الماليزي في أوروبا.
وتصنف دول عربية الاتحاد الإسلامي الأوروبي منظمة إرهابية.
كما أن "معهد فايمار للعلوم الإنسانية والتاريخ المعاصر" الذي أسسه ريجر هو أيضًا جزء من مشروع يموله الاتحاد الأوروبي.
وحصل المعهد على تمويل أوروبي بقيمة67.547 يورو، رغم أن السلطات الألمانية صنفته على أنه "إسلاموي"، وينشط في أوساط "التطرف الإسلامي"، وفق تقارير لهيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" في أعوام 2009 و2010 و2017.
aXA6IDMuMTM1LjE5MC4yNDQg جزيرة ام اند امز