إخوان ألمانيا تحت المجهر.. "ثغرة التمويل" وتحذير من خطر الجماعة
كبرهان على جدية المسار، تظهر مكافحة الإسلاموية والإخوان في تحركات مختلفة المستويات والعناوين ببرلمان ألمانيا، ما يهدد وجود الجماعة.
إذ ناقشت لجنة الأسرة والمرأة والشباب بالبرلمان الألماني، أمس الإثنين، جلسة استماع عامة حول مشروع قانون قدمته الحكومة الفيدرالية بعنوان "مشروع قانون لتعزيز التدابير الرامية إلى تعزيز الديمقراطية والتنوع ومنع التطرف".
الجلسة هي الثانية التي تنظر في ملف متعلق بالإخوان خلال أسبوعين، حيث ناقشت جلسة عامة للبرلمان، منتصف الشهر الجاري، مشروعي قرارين عن تجفيف منابع تمويل الإخوان الإرهابية وتنظيمات الإسلام السياسي الأخرى.
وخلال لجنة الاستماع، أمس، قال لارس رينسمان، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة باساو الألمانية، إن تهديد الإسلاموية، وهو مصطلح يصف حركات الإسلام السياسي ومنها الإخوان، تم التقليل من شأنه منذ فترة طويلة.
وعلى وجه التحديد، لفت رينسمان، إلى أنه جرى التقليل من شأن التشكيلات السياسية الإسلاموية ودعمها في الأوساط الإسلامية في كل مكان، وليس فقط في المدن الكبيرة.
ومضى موضحا في كلمته التي طالعتها "العين الإخبارية"، أن "الأيديولوجيات الإسلاموية هي في الأساس يمينية متطرفة وسلطوية وتنشر أيضًا أفكار عدم المساواة والعداء والإقصاء".
رينسمان أشار أيضا، إلى أن "الدولة في المجتمعات الأوروبية غالبا ما تصل إلى حدودها فيما يتعلق بكيفية التعاطي مع هذه التنظيمات، ومن ثم يجب أن تلجأ إلى فاعلين ومنظمات ومبادرات فاعلة وملتزمة في المجتمع المدني، والتي تضع أفكارًا ديمقراطية ضد الأفكار الإسلاموية وتنفذ مبادرات تعليمية ووقائية مهمة وذات مصداقية".
الأستاذ الجامعي الألماني، بيّن أنه "في السياق السياسي للأوساط أو الجماعات اليسارية، هناك بعض الدعم للأيديولوجيات المعادية للديمقراطية، كمروجي المؤامرة ومعاداة السامية، والتعاطف مع الإسلاموية".
إجراءات وقائية
وأضاف "تحتاج الدولة إلى أشخاص وجمعيات ومبادرات ومنظمات غير حكومية لدعمها في مكافحة معاداة السامية والعنصرية والتطرف اليميني والإسلاميين والعداء تجاه المسلمين.. هذا يتطلب الثقة في كفاءات المجتمع المدني من ناحية، وتوفير الدعم المناسب من موارد الدولة من ناحية أخرى".
ولفت إلى أن النقص في تمويل المشاريع ذات المصداقية في مجالات مكافحة الإسلاموية والتطرف اليميني، أدى إلى إضعاف المجتمع المدني وإحباطه.
ومضى قائلا "في المقابل، هناك حالات فردية حصلت فيها منظمات إسلامية راديكالية متأثرة بالتطرف (معظمها إخوانية) على تمويل من برنامج الديمقراطية الحية التابع للحكومة"، مستطردا "بالطبع، لا ينبغي تمويل مثل هذه المنظمات إذا أراد المرء الدفاع عن الديمقراطية الحرة والقانون الأساسي وتعزيزهما".
"العين الإخبارية" حاضرة
وسبق أن فتحت "العين الإخبارية" في تقارير سابقة، ملف حصول تنظيمات إخوانية، مثل "إنسان"، وتحالف "كليم"، على تمويل حكومي في إطار برنامج الديمقراطية الحية.
كما استمعت اللجنة إلى عدد آخر من الخبراء أبرزهم، الخبير علي أورتان، الذي قال إن "الإسلام السياسي الذي يبدو ظاهريًا غير عنيف ولكنه مناهض للدستور في أهدافه، يمثل أيضًا تهديدًا لمجتمعنا المنفتح والليبرالي وللتماسك الاجتماعي، لأنه يدعو إلى التشكيك في القيم الدستورية الأساسية مثل المساواة وحماية الأقليات وأولوية قوانين الدولة على القواعد الدينية".
لذلك دعا الخبير السياسي إلى "الحزم في مكافحة الإسلام السياسي؛ فبالإضافة إلى العمل المهم للسلطات الأمنية، فإن تعزيز برامج الوقاية من التطرف، وتقديم دورات تدريبية للمعلمين وغيرهم من المؤثرين وتعزيز الدراسات والمشروعات البحثية التي تتعامل مع أنشطة وتأثير الإسلام السياسي، أمور ضرورية".
ويشمل هذا على وجه الخصوص، إجراء دراسة علمية عن الصراعات في المدارس التي تسبب فيها الدين في سياق الإسلاموية، والبحث في أسباب ومسار عمليات التطرف وكذلك الروابط بين الإسلاموية ومعاداة السامية"، وفق أورتان.
وعليه يرى الخبير ، أن عروض التمويل التي ستقدمها الحكومة الفيدرالية في إطار "مشروع قانون لتعزيز التدابير الرامية إلى تعزيز الديمقراطية والتنوع ومنع التطرف"، "يجب أن تكون موجهة أيضًا نحو تنفيذ هذه المقترحات".
وبعد الاستماع لآراء الخبراء، من المقرر أن تعكف لجنة الأسرة والشباب والمرأة في البرلمان الألماني، خلال الأيام المقبلة، على دراسة مشروع القانون، وتقديم توصية بشأنه لإدارة البرلمان، على أن تجري مناقشة عامة للتوصية والتصويت على القرار في وقت لاحق.
ووفق مراقبين، فإن هذا المشروع يمهد إلى منح الحكومة الأساس القانوني، لاتخاذ إجراءات قوية لمكافحة الإسلام السياسي والتطرف اليميني وغيرها من أشكال التطرف في المجتمع الألماني، في الفترة المقبلة.
ويملك هذا المشروع فرصة كبيرة ليصبح قانونا نافذا، لأن أحزاب الائتلاف الحاكم الذي قدمته، تملك الأغلبية الكافية لتمريره.