أزمة "لجنة الخبراء".. حكومة ألمانيا تلملم شظايا "قنبلة الإخوان"
كـ"قنبلة مدوية"، أحدث قرار حكومة ألمانيا وقف عمل لجنة خبراء في الإسلام السياسي، ضجة غير عادية، ما يعكس أهمية الملف المتزايدة.
ووسط رصاص الانتقاد الذي ينهال على الحكومة من كل حدب وصوب على خلفية ما وصف بـ"التلكؤ" في مكافحة الإخوان والإسلام السياسي، بدأت ملامح طريق بديل تحاول الحكومة السير فيه في الملف الشائك.
- تحذير من العواقب.. "الإخوان" تضع حكومة ألمانيا بمرمى الانتقادات
- معضلة التمويل.. كتلة "اليسار" ببرلمان ألمانيا تنبش أنشطة الإخوان
ويتعلق الأمر بقرار وزارة الداخلية المفاجئ، بإنهاء عمل مجموعة خبراء الإسلام السياسي الذي أسسه وزير الداخلية السابق، هورست زيهوفر، لدراسة وبحث أنشطة التنظيمات المرتبطة بهذا التيار، وفي مقدمتها الإخوان، وهو القرار الذي حذر المراقبون من عواقبه.
وتأسس فريق خبراء الإسلام السياسي بوزارة الداخلية، في يونيو/حزيران 2021، بقرار من زيهوفر، وبتفويض نشاط لمدة عام واحد فقط.
وأفاد أعضاء بالفريق، لوكالة الأنباء الألمانية في نهاية الأسبوع، أن ممثلين عن إدارة الأمن العام بالوزارة أبلغوهم في مؤتمر عبر الفيديو، أنه "لا توجد مصلحة في استمرار الأنشطة المشتركة للمجموعة".
ورغم أن الوزارة لم تعلن عن أسباب هذا التوجه، وهل يأتي لإفساح المجال لمبادراتها الخاصة في مسار مكافحة الإسلام السياسي، كما قال أحد ممثلي حزب مشارك في الائتلاف الحاكم قبل شهرين، من عدمه.
انتقادات كبيرة
وبعد هذا القرار، شن عدد من أعضاء لجنة خبراء الإسلام السياسي، وأحزاب المعارضة الرئيسية، هجوما كبيرا على الحكومة الألمانية، ووصل الأمر إلى اتهامها بالتلكؤ في مكافحة خطر الإسلام السياسي.
وفي مقابلة مع صحيفة "دي فيلت" الألمانية، قالت سوزان شروتر، رئيسة مركز أبحاث فرانكفورت للإسلام العالمي وعضو لجنة الخبراء، إن وزارة الداخلية الاتحادية لم تعد تولي أهمية كبيرة لموضوع الإسلام السياسي.
وتابعت أن "العديد من المجموعات المنتمية لهذا التيار، شركاء أو كانوا شركاء للمؤسسات العامة على المستوى الفيدرالي أو مستوى الولاية أو المستوى المحلي، مما جعل الأمور متفجرة بالنسبة لوزارة الداخلية".
بدوره، قال السياسي البارز بالاتحاد المسيحي، حزب المعارضة الرئيسي، ألكسندر ثروم في بيان تابعته "العين الإخبارية"، إن "قرار لجنة خبراء الإسلام السياسي يظهر أن وزارة الداخلية تتجاهل محاربة الإسلام السياسي".
وتابع أن ممثلي الإسلام السياسي يرفضون نظامنا الديمقراطي الأساسي، وأيديولوجيتهم مناهضة للدستور، ويخلقون أرضًا خصبة فكرية للإرهابيين".
ومضى قائلا: "كان نشاط مجموعة الخبراء علامة بارزة في مكافحة التطرف والإرهاب، لا سيما على خلفية الهجمات الإرهابية ذات الدوافع المتطرفة في ألمانيا".
وأضاف "تتطلب مكافحة التطرف رؤية 360 درجة في جميع الاتجاهات المتطرفة.. من خلال سياستها الأحادية الجانب، تعرض السيدة نانسي فيسر وزيرة الداخلية أمن المواطنين للخطر ".
كما قال كريستوف دي فريس، النائب عن الاتحاد المسيحي في البرلمان، إن "حل لجنة الخبراء الذي تم إنشاؤه قبل عام واحد فقط في وزارة الداخلية الفيدرالية، هو تتويج لسياسة النظر في الاتجاه الآخر وتجاهل الإسلاموية كظاهرة تهدد الديمقراطية".
وتابع "يؤسفني جدًا أن الخبراء رفيعي المستوى في هذه الهيئة لم يتلقوا أي دعم سياسي من الائتلاف الحاكم وتوقف عملهم بعد عام واحد فقط من تعيينهم، على الرغم من أن العمل الفعلي قد بدأ للتو"، في إشارة إلى الحملة التي تجري في البرلمان منذ أشهر قليلة ضد الإخوان والإسلام السياسي.
مشاكل جمة
لكن رود كوبمانز، أستاذ علم الاجتماع وأبحاث الهجرة في جامعة هومبولت في برلين، تحدث عن أن الحكومة السابقة كانت أيضا حذرة عند التعامل مع "الإسلام السياسي"، ولم يكن هناك قناعة بين أعضاء لجنة الخبراء، بأن بإمكانهم "بحث الجذور الأيدلوجية للإرهاب العنيف".
شروتر نفسها عادت أيضا وتحدثت عن وجود مشاكل في لجنة الخبراء خلال عملها على مدار الـ12 شهرا الماضية، وقالت إن العمل في لجنة خبراء الإسلام السياسي، كان يسير ببطء شديد في البداية، حيث كانت مجموعة الخبراء أعضاء اللجنة غير متجانسة للغاية حول تقييم الإسلاموية".
رد الحكومة
وزارة الداخلية تحدثت أيضا عن مشاكل في عمل لجنة الخبراء، كسبب لوقف أعمالها، وقالت لصحيفة دي فيلت الألمانية إن "المنظور العلمي للجنة الخبراء، كان محدودًا بدرجة كافية، ولذلك من المناسب مواصلة التبادل بين الخبراء في هذا الملف بشكل مختلف"، ما يعني أن الحكومة تريد إعادة إطلاق شيء شبيه بلجنة الخبراء يتلافى مشاكل الأخيرة.
ووفق رد الحكومة على الصحفية، من المقرر عقد ندوة منتظمة عن الإسلام السياسي يلعب فيها أعضاء لجنة الخبراء دورًا حاسمًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن شبكة الخبراء أعضاء اللجنة "ستستمر في لعب دور مهم في تقديم المشورة بشأن هذا الموضوع المهم" لوزارة الداخلية.
بدوره، أكد مهند خورشيد، رئيس مركز العقيدة الإسلامية في جامعة مونستر الألمانية، أن وزارة الداخلية تطلب مزيدا من الدعم من دائرة الخبراء بالفعل.
ومع ذلك، قال خورشيد إن قرار وقف عمل لجنة الخبراء يُظهر "أن الحساسية لخطر الإسلاموية لم تصل بعد إلى الدوائر الاجتماعية والسياسية".
ويعكس رد وزارة الداخلية وحديث خورشيد عن طلبها الدعم، ما سبق وذكره ممثلون لأحزاب الائتلاف الحاكم، حول معارضة الحكومة الحالية لمبادرات الأحزاب الأخرى، لأنها تستعد لإطلاق مبادراتها الخاصة في مكافحة الإسلام السياسي.
وقبل شهرين، قال مانويل هوفرلين، المتحدث باسم الشؤون الداخلية في المجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر (شريك في الائتلاف الحاكم)، إن "الحكومة تأخذ تهديد الإسلام السياسي على محمل الجد".
وتابع في تصريحات لـصحيفة "دي فيلت" الألمانية، حينها، قائلا: "لم توافق الحكومة على طلبات ومشاريع قرارات الاتحاد المسيحي (في البرلمان) لأنها ستبدأ قريبًا المبادرات الخاصة بها" في ملف الإسلام السياسي والإخوان.
الضغط في البرلمان
وفي الأشهر القليلة الماضية، حاولت الحكومة الألمانية مجاراة مسار قوي ضد الإسلام السياسي والإخوان في البرلمان الألماني، وأرسلت مذكرات رسمية تحوي معلومات عن تمويل وأنشطة هذه التنظيمات في ألمانيا.
في المقابل، شنت أحزاب المعارضة، وخاصة الاتحاد المسيحي والبديل لأجل ألمانيا واليسار، حملة قوية خلال الأشهر الخمسة الماضية، داخل البرلمان، ضد الإخوان والإسلام السياسي، ما دشن مسار مكافحة قويا.
وأقدمت الأحزاب الثلاثة إجمالا على أكثر من 10 خطوات داخل البرلمان، تضمنت مشاريع قرارات وطلبات إحاطة، ضد الإخوان والإسلام السياسي، انفردت "العين الإخبارية" بنشرها جميعا.
ووفق ما علمته "العين الإخبارية"، فإن الأحزاب الثلاثة ستواصل حملتها ضد تنظيمات الإسلام السياسي في البرلمان، في الفترة المقبلة، لإجبار الحكومة على تدشين إجراءات قوية ضد هذه التنظيمات.
aXA6IDMuMjMuOTIuNjQg جزيرة ام اند امز