الإخوان و"داعش سيناء".. وجهان لعملة واحدة في استهداف القضاء
لا يوجد فرق بين جماعة الإخوان وتنظيم "داعش" أو "ولاية سيناء" الإرهابي في مصر، فكل منهما يمثل وجهاً للعنف والتطرف في البلاد.
إلا أن جماعة الإخوان تعد مهد تنظيمات التطرف، إذ يعد العنف جزءا لا يتجزأ من استراتيجية التنظيم للوصول إلى السلطة، لكنها تحاول التملص منه عبر إلصاقه في تنظيمات صغيرة، لا تعدو كونها مجرد أداة بيدها.
ويمتد الفكر المتطرف للإخوان عبر تاريخ طويل بداية من إعلان ظهورها على يد حسن البنا في مارس/آذار عام 1928، وحتى يومنا هذا.
ومع ظهور الإنترنت وتقدم وسائل الاتصال الحديثة، بزغ نجم الجماعة بشكل مختلف إثر محاولتها حشد الأتباع، عن طريق الغش والخداع واستغلال الدين لدى البسطاء في المساجد والمآذن المنتشرة في ربوع مصر.
ومنذ البداية، كان القضاة يدركون خطورة الفكر الديني المتطرف لهذه الجماعة المارقة واستخدامها سلاح المساجد والزوايا (مساجد صغيرة) للتأثير على البسطاء، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها.
وبرزت ذروة المخطط في اعتلاء الإخوان المشهد في 25 يناير/كانون الثاني 2011، إلا أن القضاة كانوا موقنين بزوال هذه الجماعة المارقة حتى في ظل تمكنها من الحكم في عام أسود في تاريخ مصر.
ومن بين هؤلاء القضاة الذين واجهوا الفكر الإرهابي، نائب رئيس مجلس الدولة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي المعروف بأحكامه ضد الجماعة، بالإضافة إلى كل من المستشار محمد ناجي شحاتة، والمستشار حسن فريد.
وكعادتها في المقابل، تكشف جماعة الإخوان الإرهابية دوما عن وجهها القبيح، ومنهجها الذي تسير عليه، والمعتمد على الدم والاغتيالات في حال إحساسها بالتعرض للخطر.
ومنذ تأسيسها، تعادي الجماعة الإرهابية القوانين والقضاة الذين يحاكمونها على جرائمها ويحبطون محاولاتها التخفي خلف عباءة الدين.
فبعد الأحكام المتتالية للقضاء المصري على قيادات من جماعة الإخوان والمنتمين لهم، سواء وقت توليها الحكم أو بعد 30 يونيو/حزيران 2013، قام ما يعرف بـ"ولاية سيناء" بتهديد 4 قضاة.
إذ قام المكتب الإعلامي لما يعرف بولاية سيناء؛ فرع تنظيم داعش الإرهابي، ببث فيديو تحت عنوان "تصفية القضاة"، ووضع 4 منهم في قائمة اغتيالات.
ورغم محاولات جماعة الإخوان التهرب من تبعية الجماعات المتطرفة في سيناء لها، إلا أن القيادي في الإخوان، محمد البلتاجي، اعترف ضمنياً بمسؤولية جماعته عن أحداث العنف التي تجري في شبه جزيرة سيناء، وقال في عام 2013 إن ما يحدث في سيناء سيتوقف في اللحظة التي سيتراجع فيها الجيش عما وصفه بـ"الانقلاب"، وعودة مرسي إلى مهامه.
حرب ضد القضاء بعد 2011
حرب الإخوان ضد القضاة قديمة، وبدأت مع تدشين الجماعة مسارها في الاغتيالات، إذ طالت نيرانها المستشار أحمد الخازندار وكيل محكمة الاستئناف الأسبق، في عام 1948.
وبعد عام 2011، واصلت الإخوان وأذرعها في سيناء تهديد القضاة عبر وضع 4 من جهاز القضاء على قائمة الاغتيالات، ما يمثل تهديدا لواحد من أضلع السلطة، والحكم المحايد في النزاعات بين الناس وبين الشعب وحكومته.
وتعرض "العين الإخبارية" أبرز أحكام القضاة الأربعة في عدد من القضايا ضد الجماعة الإرهابية، ودورهم في مواجهة الفكر الظلامي، ومنها أحكام في عام 2013 بحظر أخونة الجامعات وإلغاء قرار وزير التعليم الإخواني بالتقارير الذاتية لأعضاء هيئة التدريس.
وحتى بعد انتهاء حكم الجماعة، واصل القضاة إصدار أحكامهم استنادا إلى القوانين المعمول بها والدلائل التي ترد إليهم، لا سيما بعد النص على مشروعية إحالة الإرهابيين المعتدين على المنشآت المدنية المؤمنة بالقوات المسلحة للقضاء العسكري وهو ما أٌخذ به التعديل الدستوري عام 2019.
أول الأسماء على قائمة الاغتيال، هو المستشار حسن فريد الذي أصدر 147 حكمًا، أبرزها في قضايا بيت المقدس (الاسم السابق لولاية سيناء) والإرهابي هشام عشماوي وجماعته المتهمة بارتكاب 54 جريمة، تضمنت استهداف ضباط شرطة، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم، وتفجيرات طالت منشآت عديدة.
كما وضع التنظيم الإرهابي القاضي محمد ناجي شحاتة، رئيس محكمة جنايات الجيزة، على قائمة الاغتيالات، بعد أن أصدر وحده 263 حكمًا، في قضايا أبرزها خلية الماريوت وأحداث مسجد الاستقامة وغرفة عملية رابعة ومذبحة كرداسة.
12 قضية
فيما تصدى المستشار خفاجي للحكم في 12 قضية تمس الفكر الظلامي الإرهابي، ما كان سبباً في وضعه على قائمة "داعش" للاغتيالات.
وكان أبرز هذه القضايا هو إصدار خفاجي حكماً قضائياً في أثناء فترة حكم الإخوان لمصر، في الدعوى رقم 9701 في جلسة 26 مارس/آذار 2013، بحظر أخونة الجامعات وإلغاء قرار وزير التعليم الإخواني بالتقارير الذاتية لأعضاء هيئة التدريس.
وأصدر حكماً قضائياً آخر في الدعوى رقم 5905، في جلسة 25 يونيو/حزيران 2013، بإلزام وزير الإعلام الإخواني بأن يرد للدولة المبالغ التي صرفها دون وجه حق من مجلس الوزراء.
وحتى بعد زوال حكم الجماعة، واصل خفاجي أحكامه القضائية، وأصدر حكما بمشروعية إحالة الإرهابيين المعتدين على المنشآت المدنية المؤمنة بالقوات المسلحة، للقضاء العسكري.
كما أصدر حكماً قضائياً في 2016، بإلغاء قرار الرئيس المصري المعزول المنتمي لجماعة الإخوان محمد مرسي، بإعفاء الإرهابيين الذين اقتحموا الأقسام لسرقة الأسلحة في أثناء أحداث 25 يناير/كانون الثاني، إذا قاموا بتسليمها للدولة، كما ألغى تراخيص الأسلحة للإخوان.
ولمواجهة سيطرة الإخوان على المساجد، أصدر خفاجي حكماً قضائياً بخضوع جميع المساجد لإشراف الدولة وضمها لوزارة الأوقاف، لمواجهة الفكر الظلامي لجماعة الإخوان الإرهابية.
وواصل القاضي خفاجي خطواته في مواجهة التطرف والإرهاب، بإصدار حكم قضائي في 2015، بحظر اعتلاء المتشددين المنابر وحظر استغلالهم الدين في السياسة، وأحقية الدولة في تجديد أساليب الخطاب الديني.
وفي محاولة لبسط سيطرة الدولة على الجامعات، أصدر خفاجي حكماً قضائياً في 2015، بفصل طلاب الجماعات الإرهابية الذين كانوا يهتفون ضد الجيش والشرطة بعد ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، باعتبارهم يحرضون مباشرة على العنف، وإن كان لفظياً.
كما أصدر حكما يحمل قصاصا لرجال الشرطة، بأن قضى بالعزل من الوظيفة لمن أشعل النيران في نقطة شرطة بني محمد بأسيوط في عام 2013، بعد قضائهم عقوبة السجن والمراقبة.
aXA6IDE4LjE5MC4yNTMuNTYg جزيرة ام اند امز