من حسن البنا إلى "بديع".. أسرار "السراديب" الخفية لتمويل جماعة الإخوان
"المال الصالح قوام الحياة" تلك مقولة منسوبة إلى المؤسس الأول لجماعة الإخوان المسلمين، حسن البنا، لكن ما أكثر ما قاله البنا ولم ينفذه.
وما أكثر ما أبداه صقور الجماعة لكن دون تطبيق فعلي على أرض الواقع، فقصة المال داخل كيان الجماعة "المنحلة" بحكم قضائي في مصر قبل 9 سنوات كاملة.
وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2013، قررت محكمة القضاء الإداري، بمجلس الدولة في القاهرة، عدم قبول الدعوى المطالبة بإلغاء قرار وزير التضامن الاجتماعي 227 لسنة 2013، فيما تضمنه من حل جمعية الإخوان المسلمين.
وأصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة ظهر الإثنين 23 سبتمبر/كانون الأول 2013 حكما بحل جمعية الإخوان وحظر نشاطها ومصادرة ممتلكاتها، بعد دعوى مستعجلة من حزب التجمع تم تحريكها ضد الجماعة، ليكون أول قرار تصدره محكمة يقضى بحل الجماعة.
تمويل الجماعة في عهد حسن البنا
أدرك حسن البنا أهمية التمويل كمحرك وفاعل في التنظيمات، ولا يشغلنا من أين استقى هذه الخبرة فربما كانت تجربته العائلية كافية لأن يدرك ضرورة المال للحياة، وربما انتقلت إليه كنصيحة أو خبرة سابقة من أحد معلميه، ولكن بشكل واضح كان المال في ذهن حسن البنا منذ اللحظة الأولى " لهذا قبل دون تردد تمويل الإنجليزي رئيس شركة قناة السويس لجمعيته، ودشن حملة كبيرة لجمع تبرعات أهالي الإسماعيلية لإنشاء مسجد الإخوان الشهير.
بسبب حرص البنا على جمع التبرعات وظهور ملامح الثراء غير المعهودة عليه، لاحقته تهمة غموض مصادر تمويل جماعته على وجه الخصوص أثناء تأسيسه للمدارس والمعاهد الدينية، ربما الحداثة سنه وعدم خبرته في التعامل مع الأموال التي تدفقت عليه، ومع تكاثر الهمهمات حول ذمته المالية وقع خلاف بينه وبين أنصاره الأوائل، اتهموه بعدم الشفافية المالية، بل وبالاختلاس من صندوق الجمعية وإرسال الأموال بدون حساب لأخيه في القاهرة.
وفي تلك المرحلة كانت حركة البنا تحت سيطرة المانحين والممولين، هنا أدرك قيمة المال السري (التمويل) الذي يتم في شكل قانوني، دون أن يكون عليه رقيب يحدد أوجه الصرف وقانونيتها، فبالمال يستطيع أن يفعل أي شيء لذا سعى إلى تأسيس أذرعه الاقتصادية،
ثم عندما أراد وضع تعريف جامع لحركته كان من ضمنها أنها (شركة اقتصادية) لذا نجده لم يكتفي بالتوجيهات والنصائح أو التعليمات والقواعد، فقد أيقن أن مصدر قوته لن يكون عبر انتشار فكرته الإسلامية وجمع أنصار وأتباع فقط، وأن نجاح حركته وجماعته مرهون بامتلاكه عنصري القوة ( المال/ السلاح)، وبدأ بالمال لأن به يمكن شراء السلاح.
لذا قام مباشرة بعد أن توثقت علاقته بالقصر، بتدشين شركة المعاملات المالية عام 1938 التي مثلت رأس الحربة الاقتصادية لجماعة الإخوان في مصر، وفي نفس العام قام بتأسيس (النظام الخاص) أو الميليشيا الإخوانية المسلحة، فجهز لها فكرها وأعضائها وضباطها وتمويلها وحدد لها مسار عملها.
وكانت أولى خطوات البنا تكوين المشروعات الاقتصادية الصغيرة؛ أثناء الحرب العالمية الثانية، وبعد سماح حزب الوفد له بالعمل، أي بعد 1942، أسس "البنا" الكثير من الشركات الاقتصادية التي يقول الدكتور محمد شوقي ذكي في كتابه الإخوان المسلمين والمجتمع المصري " أقاموا شركات اقتصادية كثيرة ومتنوعة أدرت عليهم أرباحا كثيرة، ومكنت لهم في أوساط العمال حتّى أضحى للجماعة اقتصاد موازٍ لاقتصاد الدولة الرسمي، فقد أسَّست على الاقل سبعة عشر شركة ومشروعًا تجاريًّا تقريبًا، هم كالتالي:
1. افتتح محل بالمركز العام للجماعة بمنطقة "المنيل" لبيع البقالة والأقمشة والطرابيش
2. شركة لنقل البضائع حيث تم شراء 11 سيارة نقل وأنشأ مرفأ خاص لتلك السيارات ، كما أنشأ مدرسة لإصلاح تلك السيارات.
3. الاستثمار في قمائن للجير بمحافظة الشرقية
4. فتح مصنع لإنتاج المنتجات النحاسية الذي أنتج «وابور غاز» يستخدم في أعمال الطهي
5. الحصول على توكيل شركة «بروك واي» الأمريكية للسيارات في القاهرة
6. إنشاء الشركة العربية للمناجم والمحاجر عام 1947 برأس مال قدره 60 ألف جنيه لاستخراج الرخام
7. إنشاء شركة الإخوان للطباعة
8. إنشاء شركة الإخوان للصحافة
9. أسس شركة الإخوان للغزل والنسيج عام 1947
10. أسس شركة التوكيلات التجارية
11. أسس شركة الإعلانات العربية
12. أسس العديد من المصانع برشيد لصناعة حبال القطن والدوبارة
13. أسس شركة الحصر الوطنية
14. أسس شركة مصر للمنتجات الأهلية بالعباسية
15. شركة الإخوان للتجارة بميت غمر
16. شركة الأشغال الهندسية بالإسكندرية
17. مزرعة العركي، وتبلغ مساحتها 800 فدان
وقُدرت هذه الأملاك في ذلك الوقت بنحو 5 ملايين جنيه، وهو رقم ضخم بحسابات ذلك الوقت.
التمويل في مرحلة حسن الهضيبي 1950-1975
باختفاء حسن البنا بشخصيته الخطابية ورمزيته الدعوية، دخل الاخوان مرحلة مربكة في تاريخهم، حيث اشتد الصراع بين أجنحة الجماعة وانكفاوا داخلياً، ولا تظهر لهم أي ممارسات اقتصادية.
وقد يكون قد تم استعادتها بعد قرار المحكمة بإلغاء الحل وعودة ممتلكات الجماعة، ومع عودة الجماعة الفاعليات المجتمعية، كان المجتمع المصري على موعد مع حركة الضباط الأحرار التي أطاحت بالملك وعهده ورموز مرحلته من أحزاب وألقاب و أسلوب حياة.
ثم سرعان ما دخل الاخوان مع السلطة الجديدة الممثلة في مجلس قيادة الثورة وشخصية عبد الناصر، ودخل الإخوان السجون مدانين بأكثر من تهمة، هنا اتجهت اقتصاديات الإخوان الي ثلاث مصادر
الأول: تكوين كيانات اقتصادية خارج مصر
الثاني: الاعتماد على اشتراكات وتبرعات الاخوان بالخارج وعلى وجه الخصوص المقيمين في الخليج
الثالث: استمرار عمل المؤسسات الاقتصادية الإخوانية بعيدا عن الاخوان وتقديم التمويل لشخص سري يقوم بتوزيعه للإنفاق على انشطة الجماعة وبعد الصدام مع عبد الناصر تحولت للإنفاق على أسر الاخوان المسجونين
سمات تلك المرحلة:
1- استمرار انشاء مؤسسات اقتصادية ولكن براس مال اقل من تلك التي كانت في عهد البنا
2- استهدفت تلك المؤسسات توفير الاموال للإنفاق على اسر الاخوان قدر الامكان
3- المؤسسات التي كانت خارج مصر لم تكن قوية بالقدر الكافي لتكون ممولاً كبيراً لحركة الاخوان
4- ارتكز الجماعة بعد الصدام مع دولة عبد الناصر على تبرعات وهبات المتعاطفين من الخليجيين، وما يمكن ان يقدمه الاخوان المقيمين هناك
5- لم يتطور العمل الاقتصادي الاوروبي ليكن قوة كبرى وان كان نواة وبداية
التمويل بعد التأسيس الثاني في عهد التلمساني (1975-1986)
نظراً للتحول الكبير الذي حدث في مصر نتيجة سياسات الرئيس السادات التي رحَّبت بالجماعة، وسمحت لها بالانخراط في المجتمع من جديد.
ما ترتب على ذلك من تغيير اجتماعي وثقافي وسياسي واقتصادي، زاد من النفوذ الديني للجماعة بطبيعة الحال، كما شهدت البلاد تغيُّرًا في نمط العناوين وأسماء المواليد ولافتات المحلات والشوارع؛ وذلك لصالح الأسماء والألقاب الدينية، وسط هذه التغيرات تمكن الإخوان من إعادة التموضع في المجتمع المصري، واستغلوا مناخ السبعينات المضطرب.
و كونوا أذرع اقتصادية لتقوم بذات الأهداف التي أرادها البنا لكن بما يتماشى مع اقتصاديات السوق الحر الذي فرضه السادات على مصر أو ما عرف بسياسة الانفتاح وكانت أوعيتهم الاقتصادية كالتالي:
المصدر الأول شركات داخل مصر:
1- شركات توظيف الأموال:
الشريف للبلاستك: في مستهل السبعينيات خرج أحمد عبيد (رمز إخواني) من سجون عبد الناصر وبدأ في عهد السادات بالعمل لصالح رجل الأعمال الإسلامي المستقل عبد اللطيف الشريف الذي كان يملك مؤسسة صغيرة لتصنيع المنتجات البلاستيكية وقد استفاد الشريف من سياسة الانفتاح التي تبناها السادات وتوسعت أعماله بسرعة طوال فترة السبعينيات، وعلى رغم زيادة في الأرباح.
كان ما يزال الشريف بحاجة إلى مزيد من الأموال لتوسيع تجارته وتحويلها إلى مؤسسة ضخمة مجهزة بماكينات حديثة، واستخدم عبيد شبكة معارفه التنظيمية في إقناع أعضاء من الإخوان كانوا يعملون في دول الخليج ويبحثون عن فرص آمنة لتوظيف أموالهم في مصر، بإيداع مدخراتهم لدي الشريف.
ومن هنا بدأ الاهتمام بشركات توظيف الأموال كأوعية اقتصادية بدلا من الاستثمار في المحاجر والمصانع في عهد البنا.
قام أحمد عبيد بعد ترك شركة الشريف بالاشتراك مع محمد عليوه وهو عضو في الإخوان ومقاول كبير بتأسيس شركة الحجاز الاستثمارية، أدي ذلك إلى تحول مدخرات الإخوان من مؤسسات الشريف إلى شركة الحجاز.
وابتداء من مطلع الثمانينيات شاركت شركة الحجاز في مشاريع استثمارية محدودة لكن أحد الأعمال المهمة التي قامت بها الشركة كان تقديم القروض لشركات المقاولات الصغيرة التي رغبت في الاستثمار في العقارات
دخلت الجماعة في العديد من تلك الشركات كشريك وهمي، باسم أحد الإخوان، أو كشريك في الأرباح عبر الترويج للشركة وتوفير العملاء لها، والحصول على نصيب محترم من الارباح، كان للإنفاق على أنشطة الجماعة، اللافت للنظر أن هذه الشركات عملت تحت عين الدولة المصرية وفي بعض الحالات بالتعاون معها
اشتراكات الإخوان
فرضت الجماعة على أعضاءها اشتراك شهري تحت اسم (الجهاد المالي) التي تتراوح نسبها بين 7% و8% و10% حسب مرتبات ودخل أعضاء الجماعة حيث يقوم كل مسئول بتجميع الاشتراكات من أعضاء اسرته (الخلية الاخوانية الاولي) ويتم إرسال أموال الاشتراكات إلى المناطق ومنها إلى المحافظات، ومنها في النهاية إلى (صندوق مال الإخوان)، رغم مخالفته لنص شروط العضوية التي تترك للفرد حرية تقدير ما يمنحه للجماعة
نسبة الجماعة من حملة التبرعات:
قد يكون من غير المعلوم للجمع ان العرف السائد الداخلي في الجماعة ان حملات التبرع التي كان الإخوان يتفننون في دفع الناس اموالهم فيها، كان التنظيم يحصل على نسبة تترب من 20% من مجموع الايرادات وهذه الفترة كانت الحملات تدشن لصالح افغانستان وفلسطين، وتاريخ الاخوان في نهب اموال المتبرعين بالتحديد في قضية فلسطين يكشفها محمود عبد الحليم مؤوخ الإخوان في كتابه صفحات من التاريخ اذ يؤكد ان الاموال التي كانت تجمع لم تكن تذهب الى المجاهدين الفلسطينيين ولكن كانت تذهب الى المركز العام ولحسن البنا ، لينفق منها على الدعاية حسب ادعاء عبد الحليم
التمويل في عهد محمد حامد أبو النصر (1986-1996)
بعد وفاة عمر التلمساني تولى محمد حامد أبو النصر منصب المرشد العام، وكانت مصر في منتصف الثمانينات بدأت تنتبه لظاهرة شركات توظيف الاموال وخطورتها على الاقتصاد المصري، وبدى واضحا ان ثمة صدام قادم، ولان الاخوان تلك أكثر من ذراع اقتصادي فقررت ان تنشيئ مسار جديد لمؤسساتها الاقتصادية.
في هذا الوقت وبعد مقتل الرئيس السادات 1981، كان قد غادر عدد كبير من الإخوان القاهرة خوفا من تلقي ضربة شديدة كتلك التي تلقوها في الخمسينات والستينات، فهرب مصطفى مشهور والشاب محمد خيرت الشاطر، وغيرهم الكثير، تمكن مشهور من الالتقاء بفصائل الاخوان في العالم العربي والأوربي والأمريكي، وقرر تأسيس التنظيم العالمي أو الدولي للإخوان المسلمين، ولم يكن من الممكن تكوين هذا التنظيم دون توفير مؤسسات اقتصادية جديدة تتناسب مع تطلعات هذا التنظيم وتتناسب مع الثورة التكنولوجية الحديثة
أولاً: المصدر الأول مؤسسات اقتصادية داخل مصر:
وبدأ الإخوان عهد اقتصادي جديد، فعند عودة الشاطر من لندن أسس شركة سلسبيل للحاسبات، وكان الإخوان قد توغلوا في النقابات المهنية وسيطروا على العديد منها.
فعقد اتفاق مع أعضاء النقابة والذين هم افراد في الاخوان او قريبين من الاخوان لتنظيم المعارض للأجهزة الكهربائية والسلع المعمرة لأعضاء النقابة، وان تدقع النقابة ثمن السلع وتقوم بتقسيطها لأعضائها كخدمة مقدمة لهم، لاقت تلك المعارض انتشارا واسعا رغم المبالغة في الأسعار، إلا أن الأحوال الاقتصادية دفعت العديد للتعامل مع تلك المعارض.
وكذلك شركات حسن مالك وعبد الرحمن سعودي، وهؤلاء من الشخصيات المالية التي ظهرت في الاخوان في تلك الفترة ، وكل الدلائل القرائن تؤكد على ان تلك الأموال هي أموال الجماعة سواء الداخلية أو الخارجية ، فلم يكن خيرت الشاطر صاحب خبرة اقتصادية كبرى ولم يكن العمل التجاري ضمن مسار تفكيره، بل عندما فصل من عمله عام 1981 سافر إلى اليمن ومن هناك إلى المملكة العربية السعودية ثم استقر في انجلترا، ثم عاد عام 1987، كرجل أعمال!
تمويل الجماعة في عهد مصطفى مشهور (1996- 2002)
استمرت الجماعة على ذات النهج في تكوين مؤسسات اقتصادية تابعة لها بأسماء شخصيات أخرى، أو الشراكة في مؤسسات قائمة بذاتها، والتحصيل منها على ارباح لخدمة عمليات الاخوان وانشطتهم ، او استغلال تلك المؤسسات كستار لعمليات التمويل الخارجي وهذه فترة سكون حيث دخلت الجماعة في صدام مع الرئيس مبارك بعد محاولة اغتياله في "أديس أبابا" عام 1995 وثبوت لدى نظام مبارك تورط عناصر إخوانية في التنظيم الدولي في تلك المحاولة ، مما دفعه للتدخل والحد من توغل الجماعة بتحويلهم للقضاء العسكري فيما عرف بقضيتي ، 9، 11 عسكرية.
غير أن ثمة انفراجه سياسية حلت بالتنظيم، بعد لقاء الإخوان لسفراء بعض الدول الأوروبية والغربية مع قيادات الإخوان، فيما عرف بلقاء النادي السويسري، عام 2002، وكان عراب اللقاء جمال البنا وسعد الدين ابراهيم
ويتمثل خصائص تلك المرحلة في التالي:
- تحول اقتصاديات الجماعة من شركات التوظف التي اصبحت غير قانونية الى اقتصاديات استهلاكية مثل سلسلة سوبر ماركت مالك
- تحول اقتصاديات الجماعة إلى التعامل مع طفرة السياحة الدينية بإنشاء شركات سياحة دينية متعددة المستويات
- المشاركة في عمليات غسيل أموال على مستوى أكبر من مجرد توفير دعم لأسر الإخوان أو أنشطتهم
- التوسع في إنشاء مؤسسات اقتصادية متناهية الصغر مثل المكتبات ودور النشر
- التوسع في انشاء المدارس الخاصة باعتبارها مشروع اقتصادي يوفر العديد من الأغطية (ماليا – أمنيا- تربويا – تنظيميا)
7- تأسيس منظمات اسلامية عالمية تكون غطاءات لحركة المال تحت اسم الاغاثة او العمل الخيري الاهلي العالمي
التمويل في عهد محمد مهدي عاكف(2004- 2009)
بعد وفاة مصطفى مشهور المرشد الخامس للإخوان والرحل القوي صاحب نظرية تحويل الجماعة السائلة إلى تنظيم قوي، آلت الجماعة لفترة قليلة للمتحدث الرسمي للإخوان مأمون الهضيبي الذي ما لبث ان وافته المنية بعد اقل من عامين، وتولي بعده محمد مهدي عاكف، في ظروف تنظيمية مركبة وصعبة.
فقد ورث تنظيما شارك في انتخابات 2000 وفاز لهم عدد 17 من أعضاء الجماعة، بعد أن خاضوا الانتخابات باسم الاخوان المسلمين لأول مرة وليس باسم التيار إسلامي ولا التحالف الإسلامي، وتنظيم كان يعاني من التمدد والتوسع في كافة المستويات في العالم، وظهرت بوادر الاختلافات حول استراتيجية الجماعة وعدم الاتفاق حول رؤية المؤسس حسن البنا، باعتبارها دستور الجماعة.
بدخول العالم للقرن الواحد والعشرين أو الألفية الثالثة، كان على العالم الاستعداد لما هو قادم، وأصبحت الاشكال الاقتصادية التقليدية والنمط الاقتصادي مختلفة، وبات الاقتصاد يجني ثورة عالم ذو قطب واحد فرسم السياسات الاقتصادية أصبح عالمياً لا إقليمياً.
والإخوان كما عهدناهم يتأقلمون ويتلونون اقتصادياً وسياسياً وفكرياً حسب المناخ السائد، فعندما ظهرة الشركات العابرة للقارات ومتعددة الجنسيات استفاد منها الإخوان فوراً، وتم تأسيس شركات وفقها على النحو التالي :
شركات عالمية والاحتماء بالنظام الاقتصادي العالمي:
- شركات (الأف شور): هي جزء لا يتجزأ من قدرة تنظيم الإخوان على إخفاء ونقل الأموال حول العالم، فهي شركات يتم تأسيسها في دولة أخرى غير الدولة التي تمارس فيها جماعة الإخوان نشاطها، وتتمتع هذه الشركات بغموض كبير، يجعلها بعيدة عن الرقابة.
وهو ما جعلها تنجح حتى الآن في لفت أنظار أجهزة المخابرات والمنظمات القانونية التي تطارد هياكل تمويل الإرهاب، في كل أنحاء العالم.
ويمتلك الإخوان سلسلة من هذه الشركات، وغالبا ما يقع شركاتهم في البلاد ذات الأمان الضريبي والمعلوماتي، أي لا توجد متابعة أمنية ولا تحقيق هويات لأصحاب الشركات ولا توجد أي سجلات عن أنشطة الشركة ومعاملاتها.
ومن المعروف أن يوسف ندا رجل الإخوان ومنسق العلاقات الدولية في التنظيم الدولي قام في 28 يناير 2002، بمخالفة حظر السفر المفروض عليه من قبل الأمم المتحدة وسافر من محل إقامته في إيطاليا إلي سويسرا، ومنها الى مدينة "وفادوز" عاصمة إمارة ليختنشتاين، وهناك قام بتغيير أسماء العديد من الشركات وفي نفس الوقت تقدم بطلب لتصفية شركات جديدة، وعين نفسه مسئولا عن تصفية هذه الشركات، ويمكن تصنيف هذه الشركات كالتالي:
1- شركة ” Jordan Company Secretaries Limited “: وتأُسست في 2007، وتعمل في مجال توفير الخدمات للشركات البريطانية وخدمات المعلومات التجارية.
2- شركة “BS Altena AG” : تم تأسيسها في عام 2010 وتعمل في مجال العقارات طويلة الأجل.
3- تعمل فى بريطانيا 5 مؤسسات أخرى لكنها أغلقت في 2005 و2010، منها: “Takaful Trust” و”The Renaissance Foundation”، إلى جانب شركة “Hassan El Banna Foundation”،تتحكم الإخوان في 13 مؤسسة خيرية ومالية كبرى ببريطانيا، يستثمرون فيها أيضًا الأموال في قطاعات مختلفة، مثل تجارة التجزئة والقطاع المالي والملابس.
4- -مؤسسة ماس “MAS“: وهي المؤسسة الشرعية الممثلة لجماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، كما يوجد في أمريكا منظمة الشباب المسلم، وتعتمد «الإخوان» علي هذه المؤسسات في تمويل أنشطتها، بالإضافة إلى شراء أسهم في شركة “دايو ” ،وامتلاك شركات متعددة في مجالات مختلفة منها بتركيا واليونان.
مصادر التمويل قي عهد محمد بديع (2009 – حتى الان)
شهدت الجماعة في عهد محمد بديع ثلاثة مراحل المرحلة الأولى من 2009 حتى 2011، وهي امتداد لموقع الجماعة كجماعة غير قانونية تنفق على أنشطتها بشكل سري وتحصل على التمويل من جهات غير معلومة عبر شركات خارجية يملكها إخوان وتتلقاها شركات اخوانية داخلية، ويتم تحصيل الاشتراكات كستار لانفاق الجماعة
غير أن الجماعة عقب ثورة 25 يناير 2011 تبدل الوضع وأصبح شبه قانونية ولها تموضع سياسي واقتصادي مختلف وامتدت تلك المرحلة الى ما قبل 30 يونية 2013 وتدفقت الاموال على الجماعة عبر المنافذ الاقتصادية التي تم تأسيسها في الفترة ما بعد 2002 اي ما بعد لقاء النادي السويسري
ثم تدخل الجماعة طور الصراع مع الدولة بعد ثورة 30 يونيو 2013، والتي تم اقصاء الجماعة عن الحكم وعن صدارة المشهد السياسي والاجتماعي وتم حظر الجماعة وتصنيفها كجماعة إرهابية.
وبالفعل مارست الجماعة العديد من العمليات الارهابية وقامت بالتحريض على الدولة واجهزتها ورجال القوات المسلحة وكافة مؤسسات الدولة، واثناء الصدام مع الدولة واجهزتها سقط قتلى ومصابين وأدين عناصر من الجماعة وتم سجنهم ، هذه التغيرات والمستجدات على الجماعة ترتب عليها تحور في اشكال تلقى التمويل فلم تعد شركات الاخوان قادرة على تلقي اموال خارجية نظرا لوقوعها تحت طائلة المصادرة او الرقابة اللصيقة
aXA6IDMuMTQ5LjIzOS43OSA= جزيرة ام اند امز