اقتصاد الإخوان في ميزان الخبراء.. كيف غسلت الإرهابية الأموال والعقول؟ (1)
لم تنجح جماعة الإخوان المسلمين في غسل أدمغة المصريين بقدر ما قامت بغسل الأموال المشبوهة، لتمويل الإرهاب.
يثبت التاريخ أنه منذ ظهرت جماعة الإخوان المسلمين في المجتمع المصري عام 1928 وهي تحاول السيطرة على الشعب والتحكم فيه، لتكون بديلاً للوطن.
ومن أجل تلك الغاية ارتدوا العديد من الأقنعة الزائفة لخداع المجتمعات العربية والإسلامية، ولعل أخطر قناع خدعوا به بعض الناس، هو قناع الاقتصاد، فقد زعموا أنهم يملكون حلولاً لكل المشاكل الاقتصادية، وأنهم فور تمكنهم من الدولة سيطبقون حلولهم السحرية وسيتحول الفقراء إلى أغنياء وسيعم الخير البلاد والعباد على أيديهم.
كثف الإخوان دعايتهم للملف الاقتصادي، لما له من أهمية استثنائية لديهم، فهو أحد مرتكزات قوة الجماعة الإرهابية التي تمنحها القوة وتمنعها من السقوط، كما أنه إحدى أدوات تنفيذ مشروعات الجماعة للتمكين والسيطرة.
3 محاور رئيسية للاقتصاد الإخواني
ويحمل ملف الاقتصاد الإخواني ثلاثة محاور رئيسية الأول تأسيس مؤسسات اقتصادية، الثاني رفع شعارات أسلمة الاقتصاد، الثالث صناعة طبقة من الاقتصاديين الإخوان لإدارة أموال الجماعة.
ونجح التنظيم الإرهابي في تنفيذ المحور الأول وكونوا عبر عقود العديد من الشركات سواء في عهد المؤسس البنا، أو المرشدين التاليين، في كل مراحلهم كونوا شركات بأسماء إخوان غير معروفين، سواء في دولة المنشأ مصر أو في بعض البلاد العربية، أو حتى في أنحاء متفرقة من العالم، وتحديدا في أوروبا، غير أنهم فشلوا في المحورين التاليين، فلم يتمكنوا من تطبيق شعارات الاقتصاد الإسلامي ولم يصنعوا طبقة من الاقتصاديين الحقيقيين.
شعارات جوفاء وبيع الوهم
حول حقيقة خطورة ملف الاقتصاد الإخواني، استطلعت "العين الإخبارية" آراء خبراء اقتصاديين وسياسيين لطالما راقبوا الاتجاهات الاقتصادية لمؤسسات الإخوان التجارية.
في البداية أكد طارق البشبيشي القيادي الإخواني السابق والكاتب في الإسلام السياسي،"أن الإخوان لا يملكون أي نظرية حقيقية سواء سياسية أو اقتصادية أو تربوية أو أي شيء، هم فقط يملكون شعارات جوفاء لدغدغة العواطف الدينية لدى البسطاء، ليؤمنوا بأن الإخوان يملكون حلا لأي مشكلة أو أنهم جديرون باستلام الحكم "وهو أحد أقنعتهم الكاذبة والمخاتلة، التي يتسترون وراءها"، منبهاً "ومن واجب المجتمعات والدول أن تكشف هذا الزيف حماية لأموال الأفراد والمواطنين وصيانة لاقتصاد الدولة".
الفرق بين اقتصاديات الإخوان والاقتصاد الإسلامي
ويرى الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحري "أن هناك فارقا بين اقتصاديات الإخوان ونظريات الاقتصاد الإسلامي، فالاقتصاد الإسلامي فكرة بين مؤيد ومعارض، والإخوان لم يحاولوا تطبيق الاقتصاد الإسلامي، فمؤسساتهم التجارية خاضعة تماما لقواعد الاقتصاد العالمي سواء التابعة لهم في مصر أم أوروبا وأمريكا، مؤكداً، أن تصورهم عن الاقتصاد تصور سطحي للغاية ولا يملكون المهارات الكافية لإدارة اقتصاد شركاتهم بشكل ناجح".
في السياق ذاته يرى الدكتور "مدحت نافع" مستشار وزير التموين والتجارة، أن الإخوان بالغوا بشكل كبير في الترويج لقدرتهم على تطبيق "الاقتصاد الإسلامي" والحقيقة التي يمكن أن تكون غائبة عن الكثيرين، أن الإخوان أتيحت لهم الفرصة تلو الفرصة لفرض قواعد "الاقتصاد الإسلامي" ولم يفعلوا، بل إن أي منتج يحمل سمات الاقتصاد الإسلامي أو متوافق مع الشريعة الإسلامية لم يكن مقدما منهم ولم يؤيدوه على الإطلاق".
ويدلل "نافع" على ذلك بقوله: "في عام 2005 عندما حصل الإخوان على كتلة كبيرة في البرلمان" مجلس الشعب وقتها" وكانوا قرابة 80 عضواً، وعلى مدار المدة البرلمانية الكاملة التي قضوها لم يتقدموا بأي مشروع لقانون أو مقترحات تخص تطبيق "الاقتصاد الإسلامي"، وليس لهم سابقة بمحاولة إصدار أي منتج ، وأهدروا الدورات البرلمانية في قضايا شكلية وشعبوية، وكانت استجواباتهم وأسئلتهم السياسية تستهدف إدارة معارك مع الدولة والنظام".
اقتصاديات الإخوان "بانر" لأعمال غير قانونية
وحول حرص الإخوان على تأسيس العديد من المؤسسات الاقتصادية عبر تاريخهم، يؤكد البشبيشي "أن هذه المؤسسات كانت غطاءً وستارًا للتمويل الخارجي، فالبنا بعد حصوله على تمويل مباشر لجماعته من الإنجليز بالإسماعيلية، مما أثار غضب الناس منه ومن جماعته وكاد يقضي على الجماعة الوليدة، أصبح أكثر حرصاً على ألا يكشف مصادر تمويله، لهذا توسع في تأسيس الشركات وورث هذا الأسلوب قادة الجماعة من بعده خصوصًا مع انتشار التنظيم العالمي للإخوان واتصاله بأجهزة مخابرات دول أخرى، مما سمح للجماعة الإرهابية بالاستفادة من الثغرات الموجودة في بعض الملاذات الآمنة لتعزيز قدراتها الاقتصادية".
بينما يرى الإدريسي "أن تعدد مؤسسات الإخوان ليس دليل نجاح، فلا هم أمهر الاقتصاديين في العالم ليتوسعوا ويتنوعوا اقتصادياً بهذه الطريقة، ولا يمكن تقييم مؤسساتهم وفق قواعد الاقتصاد المعروف، وظاهر حركتهم التجارية التركيز على السلع ذات الربحية السريعة، إلا أنه من الصعب جداً أن تكون هذه المؤسسات قادرة على تحقيق كل هذه الأرباح في دورتها المالية، فمؤسساتهم لم تكن سوى "بانر" لعمليات اقتصادية غير قانونية تحت مظلة أنها منشأت تجارية، ثم بعد الفحص الدقيقة لمصادر تلك المنشآت اكتشفت الجهات المعنية أنها تقوم بغسل أموال، وتقوم بغطاء لتمويل الجماعة بغرض الإرهاب، فليس من المنطقي أن محل ملابس بسيط، قبل أقل من دورة مالية مكتملة يتمكن من افتتاح أفرع له في أنحاء الجمهورية، وشراء أراض بالملايين" وتحرص الجماعة على أن يكون مظهر تلك المؤسسات تجاريا، ليتمكن من خلالها من ضخ الأموال القذرة للجماعة للقيام بأعمال عدائية".
بينما يرفض "نافع" مصطلح الاقتصاد الإخواني، فهم -على حد قوله- مجموعة من النفعيين "البراجماتيين" في توجههم الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، وهم يبحثون عن التربح السريع، ولا يملكون رؤية اقتصادية أيديولوجية، فهم يفهمون الاقتصاد على أنه "التجارة" والتجارة جزء من الاقتصاد ولكنها ليست كله، ولا نعرف عنهم توجه نحو التصنيع أو الزراعة، على الرغم من تحقيق شركاتهم لفوائض مالية كبيرة، كما يلاحظ أن بعض شركاتهم توجهت في الفترة السابقة لتوليهم الحكم، للتسويق للمنتجات التركية، ربما أن ثمة ارتباطا بين تركيا في عهد أردوغان والإخوان، دفعهم لتسخير أموالهم ومؤسساتهم لتكون منفذا للبضاعة التركية، ولا أعلم أنهم حاولوا إنتاج منتج مصري تستقبله الأسواق التركية أو غيرها".
"أراجوزات" الاقتصاد الإخواني
وحول تمكن الإخوان من صناعة طبعة من رجال الأعمال ومدى نجاحهم في ذلك، يرى البشبيشي أن الجماعة لم تتمكن في أي مرحلة من مراحلها من صناعة اقتصاد حقيقي، وأن طبقة ما يسمى رجال الأعمال الإخوان، هم رجال أعمال شكلاً وعناصر للجماعة مضموناً، ولا يملكون رؤية اقتصادية مستقلة أو رافعة للاقتصاد المصري، لهذا استثمروا في الأنشطة الاستهلاكية سريعة الربح وابتعدوا عن الاستثمار في السلع الرأسمالية التي من شأنها بناء اقتصاد وطني قوي، وكل إمكانياتهم أنهم موثوق فيهم من قبل التنظيم ولم يكونوا سوى دمى متحركة في يد التنظيم الإرهابي، وكل ما قدموه أنهم جعلوا مؤسساتهم محافظ مالية للإخوان، للإنفاق على التنظيم وعملياته وأنشطته الإرهابية".
يذكر أن جماعة الإخوان المصنفة إرهابية؛ تزعم في المناسبات كافة أنهم يملكون اقتصاداً كبيرا ناجحًا، ويملكون نظريات جديدة في الاقتصاد ستحمي العالم من الانهيارات المالية، وأن مؤسساتهم الاقتصادية دليل على ذلك.
وأثبت القضاء كذب هذا الادعاء، وأكد أن هذه المؤسسات ارتكبت جرائم اقتصادية سواء بتمويل الإرهاب أو بغسل الأموال ورغم مصادرة الدولة لتلك المؤسسات لا تكف الجماعة الإرهابية عن تأسيس مؤسسات مالية جديدة. تقوم بالمهام الإجرامية ذاتها.