"العين الإخبارية" تفتح صندوق البرلمان الألماني.. الإخوان والعنف (٢)
فتح البرلمان الألماني صندوق أسرار الإخوان الإرهابية والإسلام السياسي ككل، في محاولة لفهم أنماط وأنشطة هذه التنظيمات، تمهيدا لمواجهتها.
وقبل أسبوع، نظمت لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني جلسة استماع، استمرت على مدار ساعتين من (الثالثة عصرا حتى الخامسة مساء) بالتوقيت المحلي، في مقر البرلمان ببرلين.
الجلسة التي جرت تحت عنوان "كشف ومنع تمويل الإسلام السياسي في ألمانيا" بحضور 9 خبراء، ركزت على مشروع قرار قدمه الاتحاد المسيحي، أكبر تكتل معارض في البلاد، في منتصف مارس/آذار الماضي، ويطالب بكشف ومنع تمويل الإسلام السياسي بألمانيا، وانفردت "العين الإخبارية" قبل أشهر بهذا المشروع وأهم بنوده.
وخلال الجلسة، قدم مجموعة من الخبراء والمسؤولين تقارير عن وضعية الإسلام السياسي والإخوان في ألمانيا، تتناول جوانب مختلفة من أنشطة هذه التنظيمات.
وفي الحلقة الأولى، عرضت "العين الإخبارية"، تقرير قدمه سنان سيلين، نائب رئيس هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" بألمانيا، عن الإسلام السياسي، والإخوان في الأراضي الألمانية، وكشف رؤية الاستخبارات لهذه التنظيمات.
وفي الحلقة الثانية، تعرض "العين الإخبارية" جوانب من تقارير قدمها الخبراء والمسؤولون خلال جلسة الاستماع التي جرت في البرلمان، وتتناول أنشطة الإخوان والإسلام السياسي في الأراضي الألمانية.
الإخوان والعنف
وفي هذا الإطار، كتب غيدو شتاينبرغ، الخبير بمؤسسة العلوم والسياسة في برلين، "قد يبدو الفصل الصارم بين الإسلاميين "السياسيين" (مثل جماعة الإخوان المسلمين) والإسلاميين العنيفين (مثل حماس وأجزاء من جماعة الإخوان المسلمين السورية) عمليًا، لكنه لا يعكس الواقع الذي تمثل فيه جماعة الإخوان بأشكالها المختلفة جزءا من العنف عندما يكون استخدام ذلك العنف مناسبا".
وتابع "عادةً ما تُظهر الأجزاء غير العسكرية من جماعة الإخوان في هذه الحالات (اللجوء للعنف) تعاطفًا كبيرًا مع الكفاح المسلح".
ومضى قائلا إن مشكلة الإسلاموية في ألمانيا معروفة منذ التسعينيات وتزداد أهميتها، حيث إن العديد من اللاجئين الذين وصلوا في العقد الماضي جاءوا من مناطق (بشكل رئيسي سوريا والعراق) حيث تنتشر الإسلاموية"، مضيفا "نتيجة لذلك، ازداد معدل تجنيد التنظيمات الإسلاموية بشكل كبير".
وأوضح "حتى الآن، كان رد فعل السياسيين الألمان فقط بإجراءات منعزلة وغير فعالة في بعض الأحيان، والتي تركز بشكل أساسي على الإسلاميين المتشددين (العنيفين)".
واستطرد قائلا: "ننتظر المزيد من الإجراءات ضد الإسلاميين وتمويلهم من قبل الدول الأجنبية، منذ فترة طويلة"، دون جدوى، مضيفا "قد يكون أحد الأسباب هو الفصل الصارم في كثير من الأحيان بين السياسة الداخلية والخارجية في الحكومة الألمانية والبيروقراطية".
وتابع "غالبًا ما يكون السياسيون المحليون أكثر انتقادًا للإسلاميين ومموليهم من الدول الأجنبية، أكثر من السياسيين المتخصصين في السياسة الخارجية".
"استراتيجية جديدة"
وحول سبل مواجهة الإسلام السياسي، كتب الخبير الألماني، "يجب أن يكون الهدف الشامل لأي استراتيجية للتعامل مع الإسلاميين هو جعل عملية نشر أفكارهم أمرًا صعبًا قدر الإمكان"، مضيفا "نحن بحاجة لاستراتيجية جديدة".
وأوضح "تشمل هذه الاستراتيجية أولاً، المزيد من الإجراءات ضد الإسلاميين الشيعة في ألمانيا.. الحظر المفروض على حزب الله اللبناني خطوة أولى في الاتجاه الصحيح وطال انتظارها، لكن يجب أن تفرض العقوبات على جماعات أخرى، لا سيما المليشيات الشيعية من العراق (مثل منظمة بدر وعصائب أهل الحق)".
وتابع "يجب تكثيف مراقبة السلطات الأمنية، للمشهد الإسلاموي الشيعي وقمع نشاط ممثليه قدر الإمكان".
وأضاف "في حالة الإسلامويين السنة، ستكون الخطوة الأولى الأكثر أهمية في مسار المواجهة هي إنهاء التعاون الديني والسياسي بين المؤسسات العامة وهذه التنظيمات".
فجوة واضحة
أما الخبير هانز جاكوب شيندلر، مدير مشروع مكافحة التطرف بألمانيا، فأثار في تقريره الذي تسلمه البرلمان، واطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، قضية وجود فجوة واضحة في المعرفة المتوفرة السلطات الأمنية حول أنشطة تمويل المنظمات المتطرفة في ألمانيا.
وتابع "هذا يؤدي حتماً إلى تحديات في مكافحة مثل هذه التدفقات المالية، ليس فقط فيما يتعلق بالإسلام السياسي، ولكن التطرف بشكل عام".
وأوضح "هناك ثغرات في المعرفة والتحديات بسبب العوائق والفجوات القانونية، والقيود على نقص السلطات الأمنية ونقص متطلبات الشفافية للمنظمات والجمعيات النشطة في الأوساط الإسلاموية".
ومضى قائلا "من أجل جعل مراقبة أنشطة تمويل المنظمات المتطرفة أكثر فعالية، بما في ذلك مراقبة تلك التي تم تحديدها من قبل هيئة حماية الدستور، كأهداف للمراقبة في أوساط الإسلاموية، سيكون من الضروري فرض قواعد تجبر هذه التنظيمات على الكشف عن كل ما تتلقاه من تمويلات أو تبرعات".
وكانت "العين الإخبارية" انفردت قبل أشهر، بمناقشة لجنة الشؤون الداخلية ببرلمان ألمانيا مشروع قرار قدمه الاتحاد المسيحي، يعد أكبر ضربة يتلقاها تنظيم الإخوان من ألمانيا، لأنه يأتي من تكتل سياسي كبير حكم البلاد لـ16 عاما بزعامة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل.
وبعد جلسة الاستماع التي جرت الإثنين الماضي، من المقرر أن تستمر لجنة الشؤون الداخلية في مناقشة مشروع القرار الذي قدمه الاتحاد المسيحي منتصف مارس/آذار الماضي، وكان محور جلسة الاستماع اليوم.