هرم الإخوان المترنح.. تعويذة شبح شغور منصب "المرشد" تلبس القادة
منتصف الشهر القادم، يصبح تنظيم الإخوان دون رأس، وسط صراع غير مسبوق في هرم قيادة الجماعة، التي تحولت إلى شراذم تدين بالولاء لأكثر من شخص.
وفي الـ17 من يونيو/حزيران المقبل، تنتهي مهلة اللجنة المؤقتة القائمة بأعمال المرشد العام لتنظيم الإخوان، التي يترأسها مصطفى طلبة، والتي استمر عملها لمدة 6 أشهر لـ"إدارة شؤون الجماعة".
ووسط الصراع القائم مع جبهة إبراهيم منير المقيم في لندن، والقائم بأعمال مرشد الإخوان المطعون في شرعيته، أعلنت جبهة محمود حسين، الأمين العام السابق للجماعة، وعضو مكتب الإرشاد، حلا مؤقتا لقيادة الجماعة.
الحل الذي أعلن في الـ17 من ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، تمثّل وقتها في اختيار مصطفى طلبة ممثلاً للجنة المؤقتة، القائمة بأعمال المرشد العام محمد بديع، بديلاً لإبراهيم منير.
وقال بيان الجبهة -وقتها- إن اللجنة الإدارية المؤقتة التي تقوم بمهام أعمال المرشد العام سيستمر عملها 6 أشهر فقط، ما يعني انتهاء عملها في منتصف يونيو/حزيران المقبل، والوقوف على حافة شغور المنصب.
وجاء اختيار مصطفى طلبة مرشداً عاماً للجماعة، بقرار منفرد من مكتب إسطنبول، في خطوة جديدة لإقصاء "منير" بعد قرار الأخير بتجميد عضوية كل من محمود حسين ومدحت الحداد ومحمد عبدالوهاب وهمام علي يوسف ورجب البنا وممدوح مبروك، ما دفع المجمدين إلى إعلان عزله من منصبه بعد ذلك.
سيناريوهات تفادي الشغور
ومع انتهاء مدة عمل اللجنة المؤقتة التي تدير شؤون الجماعة برئاسة طلبة، طرح عدد من الخبراء السياسيين في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" عددا من السيناريوهات المتوقعة بعد انتهاء عمل اللجنة.
وحصر الخبراء تلك السيناريوهات في إعلان تصدر محمود حسين المشهد، باختياره قائما بأعمال المرشد عبر انتخابات يجريها مجلس شورى الجماعة في أنقرة، أو صدور قرار من معسكر إسطنبول، بتمديد عمل لجنة مصطفى طلبة المؤقتة لمدة 6 أشهر، أو عاما كاملا، أو انتخاب رئيسها مباشرة مرشدا جديدا.
هشام النجار، الخبير السياسي المصري، رأى -في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"- أن محمود حسين يخطط للعودة إلى الواجهة، مستغلا ما حدث من تراجع وتعقد لأزمة الإخوان الهاربين بتركيا، وغلق القنوات، وترحيل الإعلاميين، وبدء التضييق على تحركات التنظيم هناك.
واعتبر النجار أن تولي الأمين العام السابق للجماعة بشكل مباشر قائما بأعمال المرشد سيكون بمثابة إعادة المشهد إلى المربع الأول، بعد أن انقضت المهمة التي من أجلها تم تشكيل اللجنة الإدارية الخاصة.
وفي هذا الصدد، قال النجار إن الأمين العام السابق للجماعة سيعمل على تحميل طلبة مسؤولية الفشل الناجم عن تحركات القيادة التركية ضد الإخوان المقيمين في أنقرة، ليقول إن سبب الفشل مجموعة طلبة وليست إدارة حسين.
كما سيحاول (حسين) التعامل مع الواقع الجديد المتمثل في تزكية محمد بديع (مرشد الجماعة) لإبراهيم منير، ليكون الجهة الشرعية لقيادة الجماعة، التي تعد ضربة قوية لجناح حسين الذي يفتقر أصلا للشرعية القيادية، ولم يكن منير ينقصه لاستكمالها وتكريسها سوى تزكية قيادات السجون، وفقا لتقدير النجار.
وفي هذا الصدد، أكد الخبير السياسي المصري أن "هذا التطور يحتاج في اعتقاد معسكر إسطنبول إلى منافس قوي، ولحضور مباشر من محمود حسين في صدارة المشهد".
ونوه إلى أن غالبية أهداف حسين لم تتحقق من وراء تصعيد طلبة، وفي المقابل يخشى الأول إذا طالت فترة طلبة في المنصب أن تنكشف كل الملفات والأسرار الخفية أمامه، أو أن يطغى نفوذه على نفوذ محمود حسين نفسه.
تعميق الانشقاق
وبدوره، رأى عمرو فاروق، الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي -في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"- أن الانتخابات المزمع إجراؤها منتصف يونيو/حزيران المقبل، لاختيار لجنة إدارية جديدة، ستزيد من انشقاق ما تبقى من الجماعة، وانقسام المكاتب الإدارية، وزيادة حدة الصراع والتخبط في القرارات الداخلية.
ورأى فاروق أن محمود حسين يسعى لترتيب أوراقه من جديد، لكنه لن يتصدر المشهد، ولن يعلن عن نفسه كقائم بأعمال المرشد في الوقت الحالي؛ إلا بعد حسم جانب من المكاتب الإدارية والقواعد التنظيمية لصالحه.
وأكد الباحث المصري أن محمود حسين سيسعى أولا إلى محاولة حسم موقف بعض المكاتب الإدارية بمصر وتركيا لصالح معسكره، والحصول أيضا على تأييد واضح من إخوان السجون بمصر، لافتا إلى وجود 5 مكاتب إدارية في أنقرة في الوقت الحالي مع جبهة منير، في مقابل اثنين يدعمان جبهة حسين.
مكايد ودسائس
كما أشار إلى أن الأمين العام السابق للجماعة سيعمل على استغلال حالة الغضب في الصف الإخواني ضد منير بسبب قرارات اتخذها، بينها منع الأموال عن بعض الأسر والعائلات الإخوانية في مصر، علاوة على تصريحات جمال حشمت الأخيرة (المحسوب على جبهة منير) والتي تدعو إلى تحول التنظيم لتيار فكري، وهو ما قوبل برفض قطاع كبير من الإخوان.
وإزاء ما تنص عليه لائحة الجماعة بمنع تولي منصب المرشد أو القائم بأعماله لشخص لا يحمل الجنسية المصرية، قال فاروق إن حسين المولود بمدينة يافا الفلسطينية، لأم فلسطينية، وأب مصري، ربما يتجاهل اللائحة ويستخدم وجبهته "فقه الضرورة"، والادعاء بأن الواقع يحتّم وجوده في قمة المشهد لغلق الباب أمام منير وجبهته.
وبجانب سيناريو تصدر حسين المشهد، قال "فاروق" إنه من ضمن السيناريوهات المطروحة اعتماد مجلس الشورى لـ"طلبة" قائما بأعمال المرشد
وإذ نبه إلى أن هناك عرقلة وتحجيما لهيكل التنظيم والمشروع الإخواني، شدد فاروق على أن التنظيم لم ينته كلية، والانتماء الفكري للجماعة يعد الأزمة الحقيقية.
واشتعل الصراع بين جبهتي لندن وإسطنبول عقب إعلان الأخيرة بقيادة محمود حسين، في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، تشكيل لجنة للقيام بأعمال المرشد، واختيار القيادي مصطفى طلبة ممثلا عنها بمنصب مرشد الجماعة لمدة 6 أشهر، في تحرك عده مراقبون "الانشقاق الأكبر في تاريخ الجماعة الإرهابية".
هذا التحرك، رد فعل على قرار إبراهيم منير، تجميد عضوية قيادات الإخوان الـ6 وهم: محمود حسين ومدحت الحداد ومحمد عبدالوهاب وهمام علي يوسف ورجب البنا وممدوح مبروك، ما دفع المجمدين بعد شهرين فقط إلى إعلان عزله من منصبه بعد ذلك.
aXA6IDMuMTQ0LjEyMy4yNCA= جزيرة ام اند امز