ذكرى رابعة.. شهادات مخيفة من داخل الاعتصام عن السلاح والتمويل
على مر التاريخ، انتهج الإخوان سياسة الترهيب عند التمكين، وسياسة الابتزاز عند الهزيمة؛ يهددون الخصوم ويحملون السلاح وقت التمكين.
وعندما تدور الأيام ويحل موعد الهزيمة، تنتهج الجماعة الإرهابية نهجا قديما، وتلجأ إلى ابتزاز مشاعر البسطاء، ترويجا لمظلومية ابتدعوها وحاكوا تفاصيلها.
وهذا ما حصل في اعتصام ميدان رابعة الذي أقامه أنصار الإخوان، عام 2013، احتجاجا على ثورة يونيو/حزيران والإطاحة بحكم الرئيس المعزول محمد مرسي،
اعتصامٌ يحمل العديد من الأسرار والخفايا، التي يرفض الإخوان الاعتراف بها، كالسلاح والتخابر بهدف ضرب الدولة المصرية وتفكيكها من الداخل.
وشهد شاهد من أهلها
وفي هذا اليوم، تفتح "العين الإخبارية"، ملفات رابعة الشائكة لتعيد إبراز الحقيقة وتفند ضباب دعاية الإخوان الكاذبة، إذ تعرض شهادة اثنين من قادة الإخوان السابقين يرويان حقيقة ما كان يجري في تلك البؤرة (الاعتصام).
الشهادة الأولى يرويها أحمد المسيري القيادي السابق في تنظيم الإخوان وحزب الحرية والعدالة المنحل، حيث قال في حديث لـ"العين الإخبارية": "لقد حضرت اعتصام رابعة ولم أحضر اعتصام النهضة، وكل ما سأقوله أنا شاهد عليه أمام الله ولا يقدر أي شخص من الإخوان على تكذيبي".
دليل العمالة
أولا- والكلام للمسيري- "يجب أن يعرف القارئ أن هناك مقدمات لاعتصام رابعة، منها أن الإخوان ثبت فشلها في إدارة الدولة، وأنها لا تملك القدرة على مواجهة الشارع ولا الجيش، وعقب إعلان عزل محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013، لم تكن الجماعة واعية للمأزق الذي وضعت نفسها فيه".
وأضاف "كان رأي عموم الإخوان الكمون، فمن المنطقي أن تلجأ الإخوان للحلول السياسية، نظرًا لأنها أزمة سياسية، لكنها فضّلت الاعتصام وتهديد السلم المجتمعي.. هذا الاختيار تبين لي أنه فرض عليها من مخابرات دول كبرى".
وتابع "سمعت بأذني من قادة الجماعة أن نائبا أمريكيا طالبهم بالاستمرار في الاعتصام للضغط على السلطة الجديدة، وأكد لهم أن قادة الجيش المصري لن يقدموا على فض الاعتصام، ربما كان هذا سر استخفاف صفوت حجازي القيادي الإخواني بوزير الداخلية وقتها".
بؤرة مسلحة
ويستكمل المسيري شهادته قائلاً "ثانيًا، يجب أن يتأكد للجميع أن الاعتصام كان مسلحًا، وأنه كان خطرًا على أمن وأمان الشعب المصري.. صحيح لم يكن كل الناس مسلحين، فالنساء والعوام وكبار السن لم يكونوا مسلحين".
وأردف "المسلحون كانوا فرق إخوانية متخفية ومتمركزة في أماكن استراتيجية في رابعة، مثل عمارة المنايفة أو عند طيبة مول، أو على أسطح البنايات، أذكر أنه في ليلة من ليالي الاعتصام قبيل العيد، انطلقت رصاصات كثيفة من أماكن مختلفة من داخل الاعتصام موجهة إلى آخر حدود رابعة".
ومضى بقوله "عندما سألنا، قالوا إنها رصاصات فرقة 95 التي تؤمن الاعتصام كانت ترد هجوما محتملا.. وهذا أول دليل على وجود سلاح ومسلحين في الاعتصام".
الدليل الثاني كما يقول المسيري، أن "قادة الإخوان قدموا شباب الجماعة إلى قادة الجماعات المتطرفة والإرهابية ليستقوا منهم خبراتها".
وأوضح "شاهدت بعيني خيم القاعدة بأعلامها، وبداخلها قادة التنظيم، يحاضرون في شباب الإخوان عن حتمية القتال، واستراتيجية حروب المدن ووسائل صناعة المتفجرات، كما شاهدت خيم الجماعة الإسلامية بأعلامها وقادتها يقومون بتوجيه شباب الإخوان لما بعد الاعتصام؛ فعن أي سلمية يتحدثون؟"
تمويل مثير
وانتقل المسيري في روايته، إلى الإنفاق ببذخ في الاعتصام كدليل على عمالة الجماعة، مشيرا إلى أن "إنفاق الإخوان على المعتصمين في رابعة يفوق قدرات الجماعة أو المتبرعين ماليًا"، وأنه "كان من الواضح أن هناك ميزانية مفتوحة من دولة ما وضعت تحت أمر الإخوان لاستمرار الاعتصام وأعمال العنف لإسقاط الدولة المصرية".
وبيّن أن "الوجبة التي كان يتناولها البسطاء في رابعة لا تقل تكلفتها عن 100 جنيه مصري وقتها قبل 10 سنوات، أي أن الجماعة كانت تنفق يوميًا 100 مليون جنيه، وهو رقم كبير للغاية لا يقوى عليه إلا دولة ذات اقتصاد قوي".
إما الفض أو التفتيت
المسيري يرى أن "قرار الفض كان صائبًا 100%، فلو تأخر أكثر من ذلك لتعرضت القاهرة للتفتيت"، موضحًا "لقد كنت في اجتماع مع أحد القادة الميدانيين، ووجدته يطالب أكثر من مجموعة بالإفطار في أبعد نقطة من حدود رابعة".
"عندما سألته عن سبب ذلك قال مطلوب مننا التمدد خارج الاعتصام والوصول إلى امتداد كوبري أكتوبر الذي بجوار المنصة، لعزل شرق القاهرة عن غربها، والسيطرة على مفاصل العاصمة، ونشر الفوضى دون أن تتمكن قوات الأمن من مواجهة هذا التمدد، على أمل أن يكون هذا الوضع الغريب دافعًا لتدخل أمريكا وفرض مرسي مرة أخرى على الشعب". يُكمل المسيري شهادته.
وفي صباح 14 أغسطس/آب 2013، فضّت قوات الأمن اعتصامين في رابعة والنهضة، استمرا أكثر من خمسين يوما، بتعليمات من قادة التنظيم الإرهابي بالاحتشاد والضغط على السلطات في محاولة يائسة منهم لإعادة مرسي.
وقتها، دارت مواجهات بين قوات الأمن وعناصر الإخوان المسلحين، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.
دولة مقابل دولة
أما الشاهد الثاني، فهو عماد عبدالحافظ القيادي السابق بالجماعة، الذي يفرق بين رابعة قبل 30 يونيو/حزيران 2013 ورابعة بعدها.
ويرى أن اعتصام رابعة في البداية كان بمثابة حشد مقابل حشد، أما بعد 30 يونيو/حزيران، فكان دولة مقابل دولة.
ففي شهادته التي اختص بها "العين الإخبارية"، يقول "لقد عاصرت الحشد في رابعة قبيل 30 يونيو/حزيران، وكان الهدف منه أن يظهر للجيش أنه، إذا كانت المعارضة قادرة على الحشد، فالإخوان أيضا يستطيعون، وأن عليه أن ينحاز للجماعة حقنًا للدماء".
واستكمل "بعد بيان عزل مرسي في 3 يوليو/تموز، والذي سبّب صدمة كبيرة لجموع الإخوان، خاطب الإخوان دولا إقليمية وغربية، وقدموا رسالة واضحة بأن رابعة مرسي تقف ضد مصر السيسي"، أي دولة مقابل دولة.
وتابع "لهذا توجه الإخوان في اعتصام رابعة، للرأي العام العالمي، وطالبوا أمريكا بالتدخل لفرض مرسي مرة ثانية".
لا للمفاوضات
يستكمل القيادي السابق في الجماعة شهادته، ويقول "عندما قرر الإخوان الاعتصام في رابعة كدولة مقابل دولة، جمعوا سلاحا كبيرا ونظموا مجموعات لاستخدامه".
وأردف "وفي لحظة، قرروا محاكاة اعتصام 18 يوما في ميدان التحرير من باب أنه كان طريقا لإسقاط نظام (الرئس الراحل) حسني مبارك، لهذا دعوا الكثير من قادة الغرب لزيارة رابعة، وأعتقد أن هذا هو السبب الحقيقي لإخراج السلاح من رابعة".
مستدركا "لكن الإخوان لا يملكون أفقًا واسعًا، وأيقنوا أنهم وصلوا لطريق مسدود، ورغم هذا رفضوا أية مفاوضات أو أي حلول وسط، كأنهم كانوا يسعون للصدام".
وأوضح أن "الإخوان لجأوا لنشر الوهم المريح لعقول أتباع الجماعة، مثل جبريل الذي كان بين المعتصمين أو رؤية مرسي يصلي إمامًا بالنبي محمد، أو الوعود الكاذبة بأن مرسي سيرجع القصر يوم الإثنين، ثم يوم الأربعاء... إلى آخره.".
وحول سبب حرص الإخوان على الصدام، يقول "لقد وجدت الإخوان ضالتها في الصدام، بما يخلفه من قتلى ومصابين، فيحقق لها هدف صناعة مظلومية، تساعدها على الهروب من المحاكمة التاريخية، أو انهيار قدسية القيادة، وتسمح لها بنسج الحكايات الوهمية عن رابعة".
واعتبر القيادي السابق أن "هذه المظلومية المنشودة، كانت سبب منع الإخوان أتباعها من الخروج من الممرات الآمنة التي خصصتها قوات الفض، فقد كان المطلوب سقوط أكبر عدد ممكن من القتلى".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قضت محكمة مصرية بالسجن المشدد لمدة 15 عاما، بحث 59 متهما من عناصر الإخوان، بتهمة المشاركة في تدبير تجمهر واعتصام رابعة.
كما أدين 59 متهما بالسجن المشدد 15 عاما، وآخرون بأحكام متفاوتة، إلى جانب براءة آخرين.
وخلال جلسات المحاكمة وقتها، أكد اللواء محمد توفيق، مساعد وزير الداخلية ورئيس مباحث قطاع شرق القاهرة، في ذلك الوقت، أنه بناء على قرار النائب العام بضبط الجرائم التي ترتكب في اعتصام رابعة، تم تجهيز قوة أمنية والتوجه إلى جميع المحاور الخاصة بساحة الاعتصام.
وقال إنه تنفيذا للإذن بفض الاعتصام، تم إنذار المعتصمين عبر مكبرات الصوت مع التنويه لهم بتحديد طريق للعبور الآمن والخروج من المكان.