مهما نكتب ونتحدث لن نوفي اللغة حقّها.. تضيق المساحات للكتابة عنها، و تجفّ الأحبار عن ما يكفيها، فهي لساننا الذي نتحدث به
يحتفل العالم العربي اليوم باللغة العربية، كرد جميل، ولو أنني أحسبه يسيراً في حقِّها، إلا أنه يعبّر ويعكس تلك المكانة العظيمة التي تَحظى بها لغتنا في نفوسنا، فاللغة هي الموروث الثقافي والمكوّن الأساس لكل أمة.
ومهما نكتب ونتحدث لن نوفي اللغة حقّها.. تضيق المساحات للكتابة عنها، و تجفّ الأحبار عن ما يكفيها، فهي لساننا الذي نتحدث به .. هي مستودع فكرنا وثقافتنا، بل هي هويتنا التي ينبغي أن نحافظ عليها، ونقيم المراسم احتفاءً وشرفاً بها، هي وسيلة التواصل بيننا والأمم من حولنا، عزتنا في عزها وذلنا في هوانها.
نحتفل بلغتنا وتعتز بها لأنها من أعظم اللغات الساميِّة التي جابهت العديد من المنحدرات والمطبات، وما زالت، لكنها صمدت وستصمد، بما تستمدّه من قوة ربانية حَظيت بها دون باقي اللغات.
نحتفي بها اليوم، ليس لأنه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في ديسمبر/كانون أول عام 1973، والذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية، نحتفل بها لأنها لغة أعظم كتاب "القرآن"، شرَّفها المولى عز وجل بأن تكون لغة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
نحتفل بلغتنا وتعتز بها لأنها من أعظم اللغات الساميِّة التي جابهت العديد من المنحدرات والمطبات، ومازالت، لكنها صمدت وستصمد، بما تستمدّه من قوة ربانية حَظيت بها دون باقي اللغات.
وبعيداً عن ما تمرّ به الأمة العربية، تظل اللغة هي الجيش الجرّار الذي لا يُهزم، والسلاح الذي لا يُضمر في وجه من أراد بنا هوانا وضعفاً.
تطورت عبر مراحل عديدة، وبتأنٍ منذ نشأتها بقسمَيْها العدنانية والقحطانية، وعبر عصورها منذ الجاهلي، وصدر الإسلام وعصر العباسيين، الأول والثاني والأموي، لتصل إلينا عزيزة مُكرّمة كما نريد لها.
فحملت على عاتقها إيصال ما نريد من معانٍ وأفكار وأحاسيس، كتابة وخطاباً، فبرعت بعلومها المختلفة في مفرداتها ونحوها وبلاغتها وبديعها، فكانت أبلغ بياناً وأجمل لفظاً، كما قال عنها أمير الشعراء شوقي:
إنَّ الذي ملأ اللغاتِ محاسنًا .... جعلَ الجمالَ وسرَّهُ في الضاد
إلا أننا نواجه تحديّاً يتمثل في صون هذه اللغة مما يحيك بها من دسائس ومخاطر تستهدف وجودها، وتحدّ من تطورها المتسارع على الأصعدة كافة، ولعل أول ما نبدأ به هو تعزيز مكانتها بتفعيل المبادرات والمؤتمرات التي تسهم في نشرها وتثبيت مكانتها، كما أن لغتنا تَحظى بتلك المرونة والذيوع الذي وجدته عبر وسائل الإعلام العربية، التي نعوّل عليها الكثير في رسوخ مكانة اللغة بين نظيراتها، فجهودنا تتعاظم في اهتمامنا بلغتنا عبر ما نكتبه وننشره، حينما نراعي قواعدها وأسلوبها، ونكثّف من الدورات اللغوية التي من شأنها الارتقاء بلغة الإعلام ورفدها بالمزيد من المصطلحات التي وفرتها لنا مجامع اللغة العربية وأجازت استعمالها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة