انقلاب ميانمار.. جذور الأزمة من الألف للياء
قبل أن يفاجئ الجيش في ميانمار العالم بانقلاب عسكري تحت جنح الظلام، مطيحا بزعيمة ميانمار، كانت هناك مياه تشي بأن الطوفان قادم.
ففي ساعات ليل الإثنين باغت العسكر الحائزة على جائزة نوبل للسلام سو تشي وكذلك رئيس الجمهورية وين ميينت، بانقلاب أعلن من خلاله حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام.
ولم يكتف الجيش بذلك، بل عيّن جنرالات في المناصب الرئيسية، وسيطر على رانغون العاصمة الاقتصادية للبلاد، وسط تقارير إعلامية تحدثت عن انقطاع شبكة الإنترنت، وإغلاق المصارف حتى إشعار آخر.
وسبق الجيش خطوته هذه، التي قوبلت بموجة إدانات دولية، بمواقف تحدث فيها عن عمليات تزوير في الانتخابات البرلمانية التي شهدتها ميانمار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفاز بها حزب سو تشي "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية".
لكن وسط الأحداث المتزاحمة الآن في ميانمار، يسأل الكثيرون عن جذور الأزمة في البلد الواقع في جنوب شرق آسيا.
كيف بدأت؟
منذ أسابيع لم ينقطع الجيش عن توجيه الاتهامات لحزب سو تشي، بحصول مخالفات خلال الانتخابات، التي حصل فيها الأخير على 83% من مقاعد البرلمان البالغ عددها 476.
وتزايدت المخاوف عندما صرّح قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ، الذي يُعد الشخصية الأكثر نفوذا في ميانمار، بأن الدستور يمكن "إبطاله" في ظل ظروف معينة.
وبعد أن نفذ انقلابه، اليوم، أعلن الجيش حالة الطوارئ لمدة عام، وقام بتعيين جنرالات في مناصب رئيسية، في مقدمتهم ميينت سوي، رئيسا مؤقتا للبلاد لمدة عام، وهو منصب فخري إلى حد بعيد.
لكن السلطات التشريعية والإدارية والقضائية، بقيت في يد الجنرال مين أونج هلينغ، الذي أصبح عمليا يملك السلطات بشكل كامل.
هل هو الانقلاب الأول؟
لا. فقد شهدت البلاد منذ استقلالها عام 1948، انقلابين في عامي 1962 و1988، فيما حكمتها أنظمة عسكرية لقرابة خمسين عاما.
ماذا عن الشعب؟
لا تزال غالبية السكان هناك، تؤيد أونج سان سو تشي التي كانت طيلة السنوات الماضية محط انتقادات دولية بسبب إدارتها لأزمة أقلية الروهينجا المسلمة، التي فرّ منها مئات الآلاف عام 2017 هربا من فظائع الجيش ولجأوا إلى بنجلاديش المجاورة.
دستور 2008
في ذلك العام وضع المجلس العسكري الدستور الحالي للبلاد، قبل أن يسلم السلطة تدريجيا للمدنيين بعد 3 أعوام.
وبموجب الدستور نفسه، يُمنح الجيش الحق في السيطرة على 3 وزارات أساسية هي الدفاع والداخلية والحدود، الأمر الذي يضمن للمؤسسة العسكرية السيطرة الجزئية على السياسة في ميانمار.
غير أن هذا النص من الدستور بقي مثار جدل، حيث إن البعض على غرار المحلل السياسي خين زاو وين وصفه بأنه "غير شعبي إطلاقا".
ومنذ فوز حزبها عام 2015، تشغل سو تشي منصب "مستشارة الدولة"، وهو المنصب الذي استحدث خصيصا لها كي تتمكن من ترؤس الحكومة بحكم الأمر الواقع.