السيدة نفيسة.. لماذا رفض زوجها دفنها في مصر؟
عمت الأفراح في مصر بإعادة افتتاح مسجد ومقام السيدة نفيسة رضي الله عنها في القاهرة، بعد إعادة تطويرهما.
وللسيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم مكانة عظيمة في وجدان المصريين.
ولدت السيدة نفيسة رضي الله عنها في 11 ربيع الأول 145هـ في مكة المكرمة، وانتقلت مع والدها إلى المدينة وهي بعمر 5 سنوات، فتعلقت بالمسجد النبوي وكانت تذهب إليه لسماع العلم من شيوخه وأئمته، وبسبب تعلمها الحديث والفقه لقبها الناس بـ"نفيسة العلم".
زواجها من ابن الأئمة
عندما بلغت السيدة نفيسة سن الزواج تقدم إليها أغلب شباب المدينة المنورة، وكان أبوها يرفض، حتى تقدم إليها إسحاق المؤتمن بن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنهما، فقبل والدها هذا الزوج لأنه خرج من بيت علم، وأبوه وأجداده من أئمة أهل البيت.
تم الزواج بين السيدة نفيسة والسيد إسحاق المؤتمن في رجب عام 161هـ، وأنجبت له القاسم وأم كلثوم، ثم قررت التوجه لمصر عام 193 هـ.
في مصر
عندما علم المصريين بتوجه السيدة نفيسة إلى مصر، خرجوا لاستقبالها في العريش، وصاحبوها من العريش إلى الفسطاط ووصلتها يوم 26 رمضان 193، فاحتفل أهل مصر بقدومها واعتبروا دخولها إليهم في ليلة القدر علامة على الفرح والنصر والسعادة.
ظل الناس يترددون على السيدة نفيسة حتى شغلوها عن عبادتها، فقالت لهم: "كنتُ قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي، وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني إلى روضة جدي المصطفى".
لما سمع المصريون قولها فزغوا له، وتمسكوا بها، فتدخل الوالي السري بن الحكم، وقال لها: "يا ابنة رسول الله، إني كفيل بإزالة ما تشكين منه"، فخصص لها دارًا واسعة، وحدد يومين في الأسبوع فقط لزيارتها، لتتفرغ للعبادة باقي الأيام، فقبلت ذلك وبقيت.
السيدة نفيسة والشافعي
في عام 198هـ وفد على مصر الإمام الشافعي رضي الله عنه، ولما علم بوجودها كان يتردد عليها كثيرًا قبل أن يتوجه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط وبعد درسه، وكان يصلي التراويح في مسجدها في رمضان.
وأوصى الشافعي قبل انتقاله أن تصلى عليه السيدة نفيسة، فتوجهت جنازته إلى دارها عندما توفى عام 204 هـ، فصلت عليه ودعت له، وقالت في حقه: "رحم الله الشافعي إنه رجل كان يحسن الوضوء"، في إشارة إلى علمه وتقواه، فمن يحسن الوضوء يحسن ما بعد الوضوء.
وفاتها وتمسك أهل مصر بها
في رجب عام 208 هـ، اشتد المرض على السيدة نفيسة، وظل يشتد حتى لقيت ربها في رمضان عام 208 هـ بعد أن حفرت قبرها بيديها استعدادًا لدفنها.
بكى المصريون السيدة نفيسة وحزنوا أشد الحزن لموتها، وكان يوم دفنها يومًا عظيمًا، تكالب فيه الناس لتشييعها.
وقتها قرر زوجها السيد إسحاق المؤتمن أن يدفنها مع السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها ونساء أهل البيت في المدينة المنورة، وهم بأن يخرج بجسدها من مصر قبل دفنها، فوجد اعتراضاً كبيراً من المصريين.
فجمع المصريون أموالاً طائلة وذهبوا بها لبيت السيدة نفيسة وتركوها لزوجها السيد إسحاق، حتى يرضى ببقائها فيهم، فظل رافضًا، فتركوه في المساء.
في صباح اليوم التالي، تفاجأ الناس بموافقته بعد رفضه الشديد، فسألوه لما غيرت رأيك، فقال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال لي: يا إسحاق رُد على الناس أموالهم، وادفن نفيسة عندهم"، وفي رواية أخرى: "يا إسحق دع نفيسة لأهل مصر ولا تنازعهم فيها، فإن الرحمة تننزل عليهم ببركتها"، فتركها، وتحققت رغبة المصريين.
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjIzMCA= جزيرة ام اند امز