"نجيب محفوظ بختم النسر".. الموظف الذي فاز بنوبل الأدب
الكتاب يضم مئات الأوراق التي تحمل توقيعات وكلمات وقرارات بخط يد نجيب محفوظ ويختزن سيرته عبر 37 عاما هي الفترة التي قضاها موظفاً.
قال الصحفي المصري طارق الطاهر، الذي صدر له مؤخراً كتاب "نجيب محفوظ بختم النسر.. سيرة تُروى كاملة للمرة الأولى"، إنَّ الكتاب تجربة خاصة جداً يرصد حياة نجيب محفوظ "الموظف" من خلال أرشيفه الوظيفي الموجود حالياً في المركز القومي للسينما، وأهم الأعمال الإبداعية التي أنجزها خلال فترة شغله لوظائف متعددة قبل أن يتفرغ تماماً في عام 1971.
الكتاب، الذي صدر ضمن مطبوعات مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي الـ21 للأفلام التسجيلية والقصيرة، يضم مئات الأوراق التي تحمل توقيعات وكلمات وقرارات بخط يد نجيب محفوظ.
تختزن هذه الأوراق سيرة محفوظ، وهو أول أديب عربي يحصد جائزة نوبل عام 1988، عبر 37 عاماً هي الفترة التي قضاها موظفاً في 3 جهات: جامعة القاهرة (وزارة المعارف) "1934- 1939"، وزارة الأوقاف "1939- 1975"، وزارة الثقافة "1957- 1971" تاريخ إحالته للمعاش.
وأضاف الطاهر لـ"العين الإخبارية" أنَّه بحث طويلاً عن الملف الوظيفي للأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ بعد أن قرأ بعض تفاصيله في موضوع صحفي نشر عام 1992، إضافة إلى كتابة أوسع عنه للراحل الكبير الدكتور مدكور ثابت في موسوعة "نجيب محفوظ والسينما 1947- 2000"، الذي اختار عدداً قليلاً من الأوراق ليتحدث عنها "لكنني رغبت في أن أرى الملف كاملاً".
وأوضح رئيس تحرير مجلة "أخبار الأدب" أنَّ الكتاب لا يتوقف عند نجيب محفوظ فقط وإنّما يرصد علاقة تاريخه الوظيفي بمنجزه الإبداعي من خلال إحصائيات مهمة جاءت في 3 فصول من الكتاب، وهي "الجوائز والتكريمات" و"أزمات وظيفية" و"ببلوجرافيا".
ورصد الطاهر في "الجوائز والتكريمات" أهم الجوائز التي حصل عليها نجيب محفوظ كمبدع وقت بقائه في الوظيفة من (1934-1971)، وما يلفت النظر أن نجيب محفوظ هو الأديب الوحيد تقريباً الذي نال جائزة الدولة التقديرية مرتين، الأولى عام 1957 والأخرى في عام 1968.
وفي "أزمات وظيفية" سلّط الكاتب الضوء على الأزمات التي تعرَّض لها نجيب محفوظ أثناء وجوده في الخدمة سواء أزماته كمبدع بسبب نشر رواية "أولاد حارتنا" مسلسلة في جريدة الأهرام.
وفي فصل "ببلوجرافيا" تناول بشكل إحصائي تحليلي الأعمال التي أصدرها صاحب نوبل أثناء وظيفته، ابتداء من "عبث الأقدار" إلى "المرايا" التي كتبها في 1971، وكذلك حصر المجموعات القصصية التي ألفها في فترة الوظيفة في 6 مجموعات، أولها "همس الجنون 1938"، وآخرها "حكاية بلا بداية أو نهاية 1971"، وكذلك حصر الأفلام في السيناريو أو القصة في "33 فيلماً"، وكذلك الكتب التي صدرت عن مشروع نجيب محفوظ الإبداعي في هذه الفترة، وهي 3 كتب، وكذلك المجلات التي خصصت أعدادا عنه، وهي مجلتان "الكاتب العربي 63 - الهلال 70".
وقال الطاهر إنَّه ظل ينتظر تحقيق هذه الأمنية التي طاردته لسنوات طويلة، إلى أن استطاع التوصل إلى هذا الملف، بمساعدة الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة المصرية، والدكتور خالد عبدالجليل رئيس المركز القومي للسينما، وأثناء تفحصه للأوراق في مكتب الأخير تولدت فكرة أن يحول هذه الأوراق إلى كتاب، ومن هنا كانت البداية.
وأضاف أنه "عندما أصبح لا يوجد حائل بيني وبين هذا الملف، شعرت بأنني تعجلت في قرار الكتاب، فماذا أفعل أمام هذه الأوراق الوظيفية التي تتجاوز الـ300 ورقة، بعضها يخص خطوات تعيينه في الأماكن المختلفة، فنجيب محفوظ من الموظفين القلائل الذين لهم خدمات وظيفية في 3 أماكن مختلفة إدارياً: جامعة القاهرة، وزارة الأوقاف، وأخيراً وزارة الإرشاد القومي في أكثر من مكان داخلها: مصلحة الفنون، ثم مؤسسة السينما، وفي الأخيرة شغل العديد من المناصب فيها، منها: مدير الرقابة، مدير مؤسسة دعم السينما، رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما أكثر من مرة، وقد استغرقت هذه الرحلة الطويلة السنوات ما بين (1934- 1971)".
الكتاب يتناول رحلة قطعها نجيب محفوظ فيما يقرب من 37 عاماً، "حاولت أن أتلمّس خطواته فيها، رابطاً بينها وبين إبداعاته، محاولاً التوقف عند سماته التي شكلت شخصيته، لا سيما وظيفته، التي تعامل فيها مع مختلف طبقات الشعب، بدءاً من الوزراء حتى المواطنين العاديين بمختلف تكويناتهم وانعكاس ذلك على مجمل مسيرته، التي شكلت فيها الوظيفة جانباً رئيسياً" يقول المؤلف.
وتابع: "هذه الأوراق الروتينية حوّلها محفوظ إلى حياة، تنطق بمسيرته، فتستطيع من خلالها أن تتعرف على الأماكن المختلفة التي عاش فيها، وكذلك مسيرة حياته الاجتماعية، وسفرياته للخارج (يوغسلافيا واليمن) وبعد الوظيفة سافر في عام 1991 إلى لندن للعلاج".