مترجمون في معرض القاهرة للكتاب: الروس لا يعرفون نجيب محفوظ
عدة مترجمين من مختلف أنحاء الوطن العربي أكدوا أن أزمات الترجمة اليوم ترتبط في بعض منها بالحوادث والمتغيرات السياسية
أكد عدة مترجمين من مختلف أنحاء الوطن العربي أن أزمات الترجمة اليوم ترتبط في بعض منها بالحوادث والمتغيرات السياسية.
جاء ذلك خلال الندوة التي أقيمت تحت عنوان "الأدب والترجمة" التي ضمت نخبة من المترجمين العرب عن لغات مختلفة مثل الإنجيليزية والروسية والإسبانية والفرنسية والصينية والصربية؛ حيث أدار الندوة التي تناولت أهم قضايا الترجمة وتحدياتها، الشاعر والمترجم ياسر عبداللطيف.
قال الدكتور أشرف الصباغ، الروائي والمترجم عن الروسية، "إن الوضع في روسيا ودول الاتحاد السوفيتي مختلف بعض الشيء، فقد كانت مسألة الترجمة سياسية وأيديولوجية وكانت محاولة للاستقطاب وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم يعودوا يهتمون بالثقافة العربية، ولكن في مطلع الألفية ظهر الاهتمام بالثقافة الإسلامية، وبالنسبة للاهتمام بالأدب والثقافة فيكاد يكون معدوماً، فلا أحد يعرف نجيب محفوظ في روسيا إلا عدد قليل من المستعربين".
واستكمل الصباغ: "وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي بدأ الاهتمام بالغرب وترجم الروس أعمال كُتاب غربيين من جيلي الستينيات والسبعينيات الذين كانت تتم ترجمتهم سرياً قبل انهيار الاتحاد، وتم الاحتفاء بهم بعد ذلك لأنهم كانوا كتاباً جيدين جداً، معتبراً أن السوريين والعراقيين هم الأكثر نشاطاً في الترجمة من الروسية بشكل مباشر، وليس عن طريق لغة وسيطة".
وعن اللغة الصينية، قال المترجم الدكتور محسن الفرجاني، أستاذ اللغة الصينية: "كان إمبراطور الصين يحاول التعرف على المنطقة العربية لكي يجد حليفاً، فالصين تنظر للمنطقة باعتبارها مهمة جداً خاصة مع وجود جيل يدين بالإسلام ومن ثم تهتم بالثقافة الإسلامية، واستمرت هذه المحاولات حتى دخلت الصين في العزلة التي فرضها عليها الغرب".
وتابع الفرجاني: "فى القرن العشرين يرجع التواصل من جديد، وتحاول الصين مواجهة قرن الإذلال بعدما فرضت عليها العزلة، وبدأت تستطلع الأحوال بنفس نمطها القديم، وفى فترة من الفترات نقلت الصين الأدب العربي عبر لغة وسيطة هي اليابانية، ولكن صار للصين مترجمون واعدون يسافرون للعالم العربي ويترجمون الأدب، والكفة تميل نحو الصين في الترجمة من العربية، فالصين هي التي تدعم أقسام اللغة الصينية في المنطقة العربية التي تدرس نمطاً من اللغات الصينية الحديثة وليست الكلاسيكية".
أما المترجم والشاعر ثائر ديب فأشار قائلاً: "كان لمعرفة اللغات الأخرى أثر بالغ في كتابة الرواية الأولى في العالم العربي "زينب"، ولدت الرواية العربية بصدع أجنبي وقد لا يكون صدعاً سلبياً بالضرورة، الروس أيضاً واللاتين استوردوا الرواية الأوروبية".
واستطرد "وفى هذه المرحلة نحن أمام لغتين تتبادلان الترجمة والتأثير، لكن اللغتين الأساسيتين الإنجليزية والفرنسية لا تتأثران فهناك ثقافة قوية تمارس إكراهاً على ثقافة ضعيفة".
وعن اللغة الإسبانية، رأى الشاعر والمترجم العراقى عبدالهادي سعدون أن أحد الأسباب التي جعلته يدخل مجال الترجمة والنشر من العربية إلى الإسبانية هو قلة الاهتمام بالأدب العربي، مضيفاً: مدرسة الاستعراب المعاصرة في إسبانيا مدرسة نشيطة جداً عكس مدرسة الاستعراب القديمة.
وقال إن أغلب الترجمات المنقولة من الأدب العربي للإسبانية هي مبادرات فردية، وأغلب المستعربين يبادرون بشكل شخصي وتعرض على دور نشر بعضها يقبلها والأخرى، مضيفاً: "دور النشر الإسبانية تجارية وتنظر للربح المادي، وأغلب دور النشر التي تعاملت معها تنظر لهذه المسألة، وقضية التسيس طبيعية جداً، حاولت أن أنشر أنطولوجيا للشعر العراقي في إسبانيا بالتسعينيات وكنت أواجه بالسؤال من يعرف الشعر العراقي؟
فيما لفت المترجم علي جعفر العلاق إلى قيام الترجمة في جميع دول العالم كأساس لنهضة حضارية، ولكنها لم تؤدِ لنتيجة مماثلة كما حدث للدول العربية، هناك مؤسسات ثقافية تقوم بجهد فردي.
بينما انتقد المغربي عبدالسلام عبدالعالي الرؤية عامة للترجمة وقال: "البعض يعتبر الترجمة المباشرة تنتج نسخة أكثر رداءة من الأصل، ومن ثم الترجمة عن لغة وسيطة هي رداءة مزدوجة".
وتابع أن "هيدجر في مقدمة لأول مترجمة لبعض نصوصه الصغرى للفرنسية، هذه نصوص سترى النور في لغة جديدة وستحيا فيها حياة جديدة التطوير الفرنسي لهيدجر أحيا الأفكار في لغة أخرى". مضيفاً: "الترجمة عن لغة وسيطة ننظر لها عادة إنها نسخ للأصل ونعتبر الفروع أرقى من فروعها وهو أمر شديد الغرابة".