نجيب محفوظ ذو الـ100 وجه
الملتقى الدولي الـ6 لفن الكاريكاتير ينظم معرضا عن الأديب المصري نجيب محفوظ يطرح 100 بورتريه عن صاحب نوبل من وجهات نظر ومدارس مختلفة.
لا يزال الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ يُحلق حتى بعد الرحيل، ولعل الاحتفاء الذي ناله خلال افتتاح الملتقى الدولي الـ6 للكاريكاتير، الأحد، شاهدا على ذلك.
فعلى جدران قصر الأمير طاز الأثري، الذي شهد افتتاح الملتقى، يلتقي 100 بورتريه تصور نجيب محفوظ من وجهات نظر فنية مختلفة، تعددت بها طرق نفاذ الفنانين إلى محفوظ كاريكاتوريا، فالبعض اختار تقاسيم وجهه المميزة، تجاعيده، ابتسامته، نظارته السميكة، فيما نفذ إليه آخرون عبر شخصيته ولغة جسده، وعبر فنانون إليه عبر أدبه، وجائزة نوبل التي تُوّج بها.
الفنان العراقي علي المندلاوي أحد أبرز رسامي الكاريكاتير عربيا، الذي تألق مع بدايات دراسته للفنون الجميلة في بغداد، وعُرف بشغفه برسم وجوه المشاهير وله كتاب بعنوان "وجوه" يضم بورتريهات فنية مميزة لعشرات من مشاهير العالم في مجالات السياسة والفن والأدب.
وكان من بين الوجوه التي ميّزها المندلاوي بخطوطه وجه نجيب محفوظ، الذي رسم له بورتريها شهيرا قبل نحو 30 عاما، ويعيد الملتقى الدولي للكاريكاتير الاحتفاء بهذا البورتريه من خلال المعرض.
ويحكي المندلاوي قصة هذا الكاريكاتير لـ"العين الإخبارية" ويقول : "جاء الإعلان عن فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب عام ١٩٨٨ ليعيدني بقوة إلى رسم البورتريه الكاريكاتيري بعد توقفي عن الرسم لمجلة (ألف باء) العراقية الواسعة الانتشار، والتي منها بدأت بنشر أولى رسومي، وكانت للشاعر بدر شاكر السياب ١٩٨٣".
ويضيف: "لم أكن وقتها مرتبطا بالرسم لأي مطبوعة، ولكن كان لا بد من التعبير عن فرحتي الكبيرة بفوز الكاتب المصري الشهير، وتوثيق هذا الحدث التاريخي بلوحة، وعليه بدأت ببلورة الفكرة لرسمه".
يتابع المندلاوي: "استعنت بالصور الفوتوغرافية المتوفرة لمحفوظ لدى أرشيف مكتبة (دار ثقافة الأطفال) التي كنت أعمل فيه رساما لمطبوعات الأطفال، فمؤلفات نجيب محفوظ الكثيرة، سواء روايات وما كتبه للسينما والتلفزيون كانت السلم، فترجمت أعماله إلى لغات كثيرة، وهي التي أوصلته لنيل جوائز وطنية ودولية عديدة، كان أهمها وآخرها في ذلك الوقت (نوبل)".
ويضيف: "ترجمت هذه الصورة في لوحتي كمن يعتلي منبر الجائزة، وفي واجهته شعار يمثل العالم يتوسطه قلم كرمز للأدب، وكان يجب أن أختار الصورة المناسبة التي تعبر عنه وهو يلقي عبر لاقطة مثبتة على المنبر كلمة إلى جمهور".
ويوضح: "بتقنية الرسم بالألوان المائية التي رسمت بها اللوحة استطعت أن أظهره بالشكل الذي تخيلته لإنسان كرس حياته لتصوير الواقع المصري بقلم لم يجف حبره وكان يتدفق غزيرا كالنيل".
ويتابع الفنان العراقي بقوله: "صادف أن دُعيت للمشاركة في معرض (الكاريكاتير العربي الأفريقي) الذي نظمه اتحاد الصحفيين العرب وأقيم في دار الأوبرا بالقاهرة عام 1990، وشاركت بلوحة محفوظ ولوحات أخرى، وتم اختيار لوحتي من قبل لجنة التحكيم للفوز بالجائزة الأولى".
ويؤكد أنه وزملاؤه من الرسامين العراقيين المشاركين في المعرض ومنهم الفنان الراحل مؤيد نعمة، والفنان عبدالرحيم ياسر، وضياء الحجار، ووليد نايف وجدوا اهتماما ورعاية وتكريما من رسامي الكاريكاتير المصريين الكبار كطوغان، واللباد، وحجازي، وجمعة، وبهجت عثمان.
ويشير الفنان فوزي مرسي، قومسيور الملتقى، إلى وجود مشاركات عالمية يعتبرها لافتة، على حد تعبيره، منها لوحة للفنان الروسي أنطولي بيلوف، الذي جعل محفوظ بمثابة الطبيب الذي تخرج من بين يديه الشخصيات، وتُحيطه رواياته.
ويقول مرسي لـ"العين الإخبارية": "من اللافت أن يقوم فنان روسي بالاحتفاء بنجيب محفوظ عبر آدابه وعناوين رواياته التي تُظهر حتى سنوات نشرها، كما قدم فنان إسباني كذلك، وهو إنريك بيرنال، وجها لنجيب محفوظ وهو يُطل من بردية منقوش عليها مقطع من إحدى رواياته، ومن الملاحظ أن الفنانين الاثنين استخدما الأسماء العربية لأعمال محفوظ وليست المترجمة".
ويتحدث الفنان المصري خالد المرصفي، أحد منظمي الملتقى، بقوله إن لوحة الفنان التشكيلي المصري جلال جمعة المصنوعة من الزلط لوجه محفوظ واحدة من أبرز لوحات المعرض، باعتبارها تستخدم وسيطا فنيا مُغايرا صنع بها جمعة وجها بارزا لمحفوظ.
ولفت كذلك إلى لوحتي الفنان الكوبي آريس الذي "اعتمد فيها على حركة أصابع نجيب محفوظ، وقسمات ضحكته ونظارته، وخلق منها تفاصيل كاريكاتورية مدهشة" على حد تعبيره لـ"العين الإخبارية".
ولفت كذلك الفنان المصري أحمد مصطفى المشارك في بورتريهات محفوظ إلى أعمال الفنان الكوبي آريس التي اعتبرها مدرسة شديدة الأهمية في الكاريكاتير.
وقال لـ"العين الإخبارية": "سعدت بالمشاركة جدا خلال هذا الجمع، وعندما قررت رسم محفوظ نظرت إليه عبر ابتسامته ونظارته، هما الأكثر تميزا في ملامحه من وجهة نظري، لذلك قمت بإبرازهما جدا من خلال البورتريه الخاص بي".
الفنانة مروة إبراهيم واحدة من منظمي الملتقى المشاركات في معرض نجيب محفوظ، تقول لـ"العين الإخبارية": "هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها جمعية الكاريكاتير بتنظيم معرض عن نجيب محفوظ، فقد تم تنظيم معرضين له قبل ذلك في المركز الثقافي الهندي، وكان عن محفوظ والكاتب والشاعر الهندي طاغور".
وحول عملها المشارك في المعرض تقول مروة: "ليست تلك هي المرة الأولى التي أرسم بها محفوظ، رسمته من قبل، ولكنني في هذه المرة تعمدت إضفاء مبالغة على ملامحه لإبراز موهبته وهدوئه، وحاولت أن أظهر أنه كان مكتبة متحركة وليس مجرد شخص عادي".
يأتي الاحتفاء بنجيب محفوظ تفاعلا مع العنوان الرئيسي لأعمال الملتقى هذا العام وهو "الثقافة ورموزها"، ويقوم على تنظيم الملتقى الدولي الـ6 لفن الكاريكاتير كل من الجمعية المصرية للكاريكاتير بالتعاون مع وزارة الثقافة وكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، وتستمر فعالياته حتى 21 يوليو/تموز الجاري، التي ستشمل عددا من الندوات والورش الفنية، وكذلك تكريم عدد من فناني الكاريكاتير من العالم العربي منهم رسامة الكاريكاتير الإماراتية آمنة الحمادي والكويتية سارة النومس والسعودي أيمن الغامدي واللبناني أنس اللقيس والياباني تومو تاباتا.