دائماً ما يُطرح التساؤل مع كل هجمة دموية لحركة الشباب الصومالية: هل هي إعلان عودة أم صرخة احتضار؟
ها هي حركة الشباب الصومالية تهاجم كينيا من جديد، وتستهدف فندقاً ومجمع مكاتب ومطاعم فخمة في العاصمة الكينية نيروبي.. الهجوم الذي خلّف حتى لحظة كتابة هذا المقال خمسة من القتلى كما أعلنت الشرطة الكينية، ولربما سيكون العدد في تصاعد، ولم تتوانَ حركة الشباب عن إعلان مسؤوليتها عن هذا الهجوم.
تتميز الهجمات التي تنفذها حركة الشباب الصومالية ببصمة تكتيكية تختلف عن باقي التنظيمات النشطة في تلك المنطقة، حيث تعتمد على خلايا صغيرة تستخدم في بادئ الأمر مواد متفجرة، وبعد عملية التفجير يظهر مقاتلو الحركة حاملين أسلحة رشاشة مستغلين حالة الفوضى والتشتت الناتجة عن التفجير.
الحرب التي أعلنتها حركة الشباب الصومالية على تنظيم داعش في الصومال منتصف ديسمبر الماضي، واغتيال يحيى حاجي فيلي القائد العسكري لداعش في الصومال والمُكنى بـ"أبي زكريا" دليل على أن هجوم نيروبي ليس سوى إعلان عودة قوية للاعب سيئ السمعة في القرن الأفريقي
وتعتبر حركة الشباب الصومالية من المنظمات الجهادية القليلة الفاعلة والمنضوية تحت تنظيم القاعدة الذي يرأسه أيمن الظواهري في ظل ظهور تنظيم داعش وتوابعه مثل بوكو حرام، ولا يُعلم على وجه الدقة مدى تأثير تنظيم القاعدة الإداري واللوجيستي على حركة الشباب، إلا أن مؤشرات كالقرب الجغرافي من اليمن آخر معاقل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتطابق الفكر مع التنظير الجهادي لتنظيم القاعدة الأم، وميدانياً تشكل حركة الشباب الصومالية بيئة طاردة لمُقاتلي تنظيم القاعدة من غير الصوماليين، وقد شهد تاريخ هذه الحركة حوادث تصفية مُريبة للغرباء على التنظيم كمقتل قياديي القاعدة فضل عبدالله محمد عام ٢٠١١، وبلال البرجاوي المنسق بين القاعدة والشباب عام ٢٠١٢.
ومع معارك الكر والفر بين حركة الشباب من جهة والحكومات المتعاقبة في الصومال وما حولها من دول القرن الأفريقي، لم تتمكن فقط من الصمود بل نفذت عمليات دموية شرسة مستغلة الثغرات الأمنية وعدم كفاءة التسليح والتدريب لقوات بعثة الاتحاد الأفريقي، وحتى في مرحلة خسارتها للسيطرة على الأراضي في حاضنتها الشعبية غيرت من تكتيكاتها العسكرية لتتبنى أسلوب حرب العصابات واستخدام الانتحاريين ورمي القنابل والاغتيالات السياسية لخصومها، بهدف زعزعة الأمن بدلاً عن إقامة دولة.
دائماً ما يُطرح التساؤل مع كل هجمة دموية لحركة الشباب الصومالية: هل هي إعلان عودة أم صرخة احتضار؟
شكلت الاتفاقية الإماراتية لدعم الجيش الصومالي منذ عام 2014 وحتى أبريل 2018 علامة فارقة في دحر ومقاومة حركة الشباب ونموذج عالمي مشهود لجهود الإمارات في مكافحة الإرهاب، على عكس حكومة فرماجو التي تدفع ثمن رعونتها من أمنها وأمن منطقتها لحساب العبث القطري، وتنفس "الشباب" الصُعداء منذ إنهاء الاتفاقية إذ تم حل قطاعات عسكرية من الجيش الصومالي لعدم دفع رواتبهم، فضلاً عن التحاق كثير من المُجندين لحركة الشباب التي تسد الاحتياج المالي للعساكر في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الكارثية، والفساد الحكومي المتواصل.
كما أن الحرب التي أعلنتها حركة الشباب الصومالية على تنظيم داعش في الصومال منتصف ديسمبر الماضي، واغتيال يحيى حاجي فيلي القائد العسكري لداعش في الصومال والمُكنى بـ"أبي زكريا" لدليل على أن هجوم نيروبي ليس سوى إعلان عودة قوية للاعب سيئ السمعة في القرن الأفريقي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة