طائر الفينيق انبعث من رماده.. نجوى عوان بطلة تنس مغربية بقدرات خاصة
صنعت البطلة المغربية نجوى عوان الحدث خلال السنوات الماضية، بعدما جعلت من بتر ساقها في طفولتها حافزا لها للتفوق في رياضة التنس.
"كُنت بين الحياة والموت، ليس لأن الإصابة قاتلة، لكن لأن أثرها النفسي كان أكثر فتكاً.. فـ17 ساعة داخل غُرفة العمليات وحدها كانت كافية للفتك بهمتك مهما كانت عالية، وخبر الاستغناء عن ساقك اليسرى كان أكثر فتكاً".. هكذا صورت البطلة المغربية معاناتها عقب تعرضها لحادث أليم قلب حياتها رأسا على عقب.
القصة بدأت عام 2008، عندما كانت نجوى الطفلة تلعب بجوار منزل أسرتها بمدينة الدار البيضاء المغربية، مع رفيقاتها، قبل أن يحول كلب شرس من نوع "بيتبول" مسار حياتها بشكل كامل.
خطأ طبي
على عجل، نُقلت نجوى إلى أحد مستشفيات الدار البيضاء الخاصة، وهُناك أجريت لها عملية جراحية مُستعجلة، إلا أنها بدلا من أن تعالج ما ترتب على عضة الكلب من آلام، عمقت المشكلة، وزادت من حدتها.
فبعد ستة أشهر من إجراء العملية الأولى، ساءت حالتها ليكتشف الأطباء أن خطأ طبياً شاب العملية الأولى، لتكون الطفلة الصغيرة أمام سلسلة من العمليات المُتتالية، والتي ناهزت الـ 17 عملية جراحية.
المسيرة الطويلة من العمليات الجراحية انتهت بواحدة طويلة، قرر فيها الأطباء بتر ساقها بالكامل، وإلا فحياتها كانت ستصبح الثمن، كما تقول نجوى.
فجأة، انقلبت حياة الطفلة الطموحة إلى كابوس كبير، فالأبواب والآفاق التي كانت مفتوحة في وجهها تحولت إلى سراب، والأبواب إلى جدران أسمنتية مُغلقة، لتدخل بحسب تعبيرها سجناً نفسياً، حُكم عليها فيه بـ"عدم العودة إلى الحياة الطبيعية".
في الثالثة عشرة من عمرها، دخلت نجوى في حالة اكتئاب حاد، وظلت حبيسة غرفتها، وانعزلت عن العالم، وانزعجت من النظرات السلبية التي صار الناس يُلاحقونها بها.
انبعاث من رماد
تنطبق على نجوى الأسطورة الأغريقية لذلك الطائر المُسمى بـ"الفينيق" الذي يولد من رماد احتراق جسده، فنجوى التي بُترت ساقها اتخذت من الحادث الأليم الذي وقع لها حافزاً للعودة والتألق في عالم كرة المضرب، الرياضة التي عشقتها قبل هجوم الكلب عليها.
برشاقة غير مسبوقة، تتحرك نجوى على كرسيها ذي العجلتين، بيد تُمسك مضربها، وبالأخرى تُحرك مركبتها الصغيرة مُتعقبة الكُرة الصفراء التي تنتقل بينها وبين خصمها في اللعبة.
قرار عودة نجوى إلى ميادين التنس من جديد اتخذته خلال مشاركتها في أحد المعسكرات في بلجيكا، حينما عبر المدربون العالميون عن انبهارهم بتقنياتها العالية في اللعب وبتطور مستواها في وقت وجيز.
وبعد عودتها من بلجيكا قررت الشابة احتراف اللعبة وانخرطت في تدريبات مكثفة مما مكنها من حصد لقب بطلة المغرب عام 2017 وبطولة أفريقيا، إلى جانب بلوغها الأدوار النهائية في مجموعة من البطولات القارية والعالمية.
هذه النجاحات المتتالية خولت لها تسلق ترتيب الاتحاد الدولي حيث انتقلت من المركز الـ184 عالميا إلى المركز الـ36.
طاقة إيجابية
لا تُريد نجوى احتكار وصفة خروجها من دوامة الاكتئاب والإحباط، بل تُشارك طاقتها الإيجابية مع أزيد من عشرات الآلاف من متابعيها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أنستقرام ويوتيوب.
تحولت الشابة الذات الثلاثة والعشرين ربيعاً إلى مصدر عظيم من الطاقة الإيجابية، تُحفز مُتابعيها على تقبل الواقع والتصالح مع الذات، مُحاولة إلهام أشخاص يعيشون وضعاً مُشابها لحالها، أو آخرين استبدت بهم ظروف الحياة وإكراهاتها، فغرقوا في دوامة الاكتئاب والانطواء.
سقف أحلام وطموح نجوى لا حدود له، إذ تسعى اليوم إلى بلوغ المراكز الخمسة الأولى على الصعيد العالمي في رياضة التنس، وهو ما سيسمح لها بتعزيز حظوظها وحضورها في مختلف الملتقيات والبطولات العالمية الكبرى.
aXA6IDMuMTM4LjEzNS40IA== جزيرة ام اند امز