بيلوسي و"زيارة الغضب والنار" إلى تايوان.. هل تستحق المغامرة؟
هل كانت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان تأكيدا للعزيمة الأمريكية أم استفزازا لبكين بدون تحقيق مكاسب استراتيجية؟ سؤال تعتمد إجابته على المدى الذي سيصل إليه غضب الصين.
وزارت بيلوسي المشرعين والرئيسة التايوانية تساي إنج ون بالجزيرة ذاتية الحكم، الأربعاء، مما يعطي مضيفيها مظهر الزيارة الرسمية والتي من المؤكد أنها أغضبت الصين، بحسب تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وأثارت زيارة بيلوسي بالفعل ضجة في العلاقات الأمريكية الصينية المتوترة، حيث أرسلت بكين مقاتلات إلى حافة المجال الجوي التايواني وبدأت تدريبات عسكرية أرسلت رسالة غير خفية مفادها أن تايوان محاصرة.
ومع ذلك، لم تصل حالة الثوران تلك إلى حد أزمة شاملة في مضيق تايوان، ما قد يؤشر إلى أن العاصفة التي تخيم على مهمة زيارة مؤقتة.
وأشار التحليل إلى أن صورة رئيسة مجلس النواب التي تدعم ديمقراطية تقع تحت ظل العملاق الصيني قد تصبح إحدى اللحظات المهمة في السياسة الخارجية الأمريكية المتعلقة بآسيا والمحيط الهادئ.
ورأى التحليل أن العلاقة الجيوسياسية بين واشنطن وبكين تعتبر أهم صدام بين دولتين في العالم، حيث يتكشف كصراع أجيال بين حضارتين حريصتين على ترسيخ قيمهما وأنظمتهما الاقتصادية والهيمنة الاستراتيجية على باقي العالم.
وفي حين حذت إدارة الرئيس جو بايدن حذو البيت الأبيض في عهد دونالد ترامب في معاملة الصين كخصم وليس منافسا، لا يزال الهدف الرئيسي للسياسة الأمريكية تجنب ما قد يكون حربا كارثية في المستقبل بين البلدين.
لذا إذا فاقمت زيارة بيلوسي بشكل دائم العلاقات المتدهورة بالفعل بين الولايات المتحدة والصين وأفضت إلى ما يعتبره البعض مواجهة قوى عظمى حتمية، قد يتضح أنه سوء تقدير هائل.
ما حققته بيلوسي
من منظور رئيسة مجلس النواب، سارت الزيارة بشكل جيد واستحوذت على اهتمام العالم لأيام قبل وصولها.
وعلى غير العادة، أشاد الجمهوريون برئيسة مجلس النواب، رغم أن البعض قد يكون مدفوعا بالرغبة في تصويرها بأنها أكثر صرامة من بايدن، الذي أقر الشهر الماضي بأن الجيش الأمريكي لم يكن سعيدا باحتمال زيارتها إلى تايوان.
وقال 26 عضوا جمهوريا بمجلس الشيوخ: "ندعم زيارة بيلوسي إلى تايوان، تتسق هذه الزيارة مع سياسة الصين الواحدة للولايات المتحدة والتي نلتزم بها. ونحن ملتزمون الآن، أكثر من أي وقت مضى، بجميع عناصر قانون العلاقات مع تايوان."
وقانون العلاقات مع تايوان هو تشريع يستهدف منع الصين من السيطرة على الجزيرة، ويلزم الولايات المتحدة ببيع أسلحة دفاعية إلى الحكومة في تايبيه.
ومؤخرًا، كانت هناك مطالبات من المتشددين في الكونجرس لتعزيز القانون، ولواشنطن لإنهاء سياسة "الغموض الاستراتيجي" الذي بموجبه لا تحدد ما ستفعله حال حدوث هجوم صيني.
تداعيات غير محسوبة
واعتبر تحليل "سي إن إن" أن الإنجازات التي حققتها بيلوسي في تايوان شخصية ورمزية وقصيرة الأجل إلى حد كبير.
ولم تقل بيلوسي أو تفعل أي شيء خلال زيارتها ينتهك سياسية "الصين الواحدة"، لكن في مرحلة ما خلال مؤتمرها الصحفي، أشادت بشعب تايوان على "شجاعتهم لتغيير بلدهم لتصبح أكثر ديمقراطية".
ولا تعترف الولايات المتحدة بتايوان بصفتها دولة، وسواء كانت زلة لسان أو اختيار متعمد للكلمة، سيحلل المسؤولون في بكين تعليق بيلوسي.
ورأى التحليل أن زيارة بيلوسي قد تؤدي إلى تعزيز معتقدات بين القادة الصينيين تفيد بأن الكونجرس عازم على تقوية سياسة تايوان، وهو انطباع قد يقرب الوضع الدبلوماسي من نقطة الانهيار، وقد تؤدي المفاهيم الخاطئة إلى عمليات تصعيد عسكري في مثل هذه العلاقة المتقلبة للسياسة الخارجية.
وأشار إلى أن الزيادة الدائمة في الضغط العسكري والاقتصادي الصيني على تايوان، أو اتخاذ موقف أكثر عدائية تجاه القوات البحرية والجوية الأمريكية، قد يقرب خطر الصراع بين الخصمين.
وفي حين لا يوجد شعور بأن الصين تعتقد أن الحرب مع الولايات المتحدة تصب في مصلحتها، حدد منسق مجلس الأمن القومي، جون كيربي، خارطة طريق للخطوات التي قد تتخذها بكين.
كيربي قال للمراسلين، الثلاثاء، إن الصين على ما يبدو تستعد لاتخاذ مزيد من الخطوات خلال الأيام المقبلة، وربما على آفاق زمنية أطول.
وحذر من أن الاستفزازات قد تتضمن إطلاق صواريخ في مضيق تايوان أو حول تايوان أو خروقات واسعة النطاق لمنطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية من الطائرات الحربية.
ومع وضع ذلك في الاعتبار، بحسب التحليل، يجب التساؤل عما إذا كانت زيارة بيلوسي حققت أي شيء يستحق تدهورًا محتملًا طويل الأمد في البيئة الأمنية حول تايوان والذي قد يقرب الولايات المتحدة والصين من الصراع.
من جانبه، قال سفير الولايات المتحدة السابق لدى الصين ماكس بوكوس، إنه في سياق العلاقات المتدهورة بشكل خطير بين البلدين، كانت زيارة بيلوسي غير حكيمة.
وأضاف لـ"سي إن إن": "في رأيي، صراحة، لم يكن يجب أن تذهب. هدف السياسة الخارجية الأمريكية هو تقليص التوترات مع الصين، وليس زيادتها. تزيد زيارتها بوضوح التوترات. ولا سبب بالسياسة الخارجية يستدعي منها الذهاب. يعرف التايوانيون أننا ندعمهم".
aXA6IDE4LjIyNS43Mi4xNjEg
جزيرة ام اند امز