تأجيل "المؤتمر الوطني" بمالي.. تعقيد للأزمة أم فسحة أمل لحلها؟
شكّل قرار المجلس العسكري الحاكم في مالي بتأجيل "المؤتمر الوطني" مفاجأة غير متوقعة للمتابعين فتحت باب أزمتها أمام عدة احتمالات.
وتباينت قراءة خبيريْن جزائرييْن لخطوة المجلس العسكري والسيناريوهات المتوقعة لها، بين من اعتبرها مؤشرا على مزيد من تعقيد الأزمة بهذا البلد الأفريقي المنهك أصلا بالأزمات، وبين من عدّها "قرارا جريئا" يمهد الطريق نحو حدوث توافق داخلي طال انتظاره.
- تأجيل "المؤتمر الوطني".. انتخابات مالي إلى أجل غير مسمى
- فرنسا تعتزم دعوة أوروبا لفرض عقوبات ضد مجلس مالي العسكري
في المقابل، التقت نظرة الخبيرين عند "الطرف الثالث" في إشارة إلى "القوى الإقليمية والدولية" التي باتت طرفاً في أزمة مالي أو حلها، عندما تحدثا في تصريحين منفصلين لـ"العين الإخبارية" عن الضغوط الخارجية التي باتت تحكم قرار المجلس العسكري الحاكم.
والسبت الماضي، أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي تأجيل "المؤتمر الوطني" إلى أجل غير مسمى، والذي كان مزمعًا عقده من 21 إلى 26 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وكان مقررا أن يفضي إلى تحديد موعد الانتخابات الرئاسية.
وقالت الهيئة الرسمية المنظمة للمؤتمر، في بيان صحفي إنه "جراء المشاورات التي بدأت مع القوى الحيوية في الأمة من أجل إيجاد أوسع توافق ممكن لمشاركة أكثر شمولاً، تم تأجيل موعد المؤتمر الوطني".
وأوضح البيان أن "جدولاً زمنياً جديداً سيتم الإعلان عنه في ختام هذه المشاورات" التي استمرت لبضعة أيام.
وفي وقت سابق، احتجت أحزاب سياسية مالية على تاريخ "المؤتمر الوطني لإعادة التأسيس"، قاده ائتلاف أحزاب سياسية يدعى "إطار التبادل" الذي أبلغ الرئيس الانتقالي أسيمي غويتا الذي يتولى السلطة منذ انقلاب 18 أغسطس /آب 2020 بقرار مقاطعة المؤتمر.
ويضم هذا الائتلاف عدة أحزاب وتجمعات، بينها "التجمّع من أجل مالي" الذي أسسه الرئيس السابق إبراهيم أبوبكر كيتا، الذي أطيح به في 18 أغسطس 2020، وحركة "يليما" (التغيير بلغة البمبارا)، التي أسسها رئيس الوزراء السابق موسى مارا.
وشدد رئيس الوزراء شوغويل كوكالا مايغا المعين من قبل المجلس العسكري أنه يفضل عقد هذه المشاورات لتقرير مصير المرحلة الانتقالية على الانتخابات التي من المفترض أن تضمن العودة إلى السلطة المدنية.
أطراف وتعقيدات
المحلل السياسي الجزائري إلياس بوملطة رأى في خطوة المجلس العسكري تأجيل المؤتمر الوطني في مالي، بأنها نتاج "ضغوط أطراف إقليمية ودولية"، وتوقع سيناريو واحدا للأزمة، عنونه بـ"اتجاهها نحو مزيد من التعقيد".
وفي حديث مع "العين الإخبارية" أوضح بأن "مبرر المجلس العسكري هو توسيع المشاورات مع الأطراف السياسية، أعتقد أن هناك قوى إقليمية أو دولية غير راضية على عقد هذا المؤتمر في الوقت الحالي، والأزمة في مالي أصبح فيها عدة قوى خارجية وهو ما يعني أن لها تأثيرات على سير العملية السياسية التي يقودها المجلس العسكري".
وتابع قائلا: "ما تعيشه مالي هو استمرار تأثير القوى الخارجية النافذة في الساحة الداخلية، والقادة الماليون ليسوا أحرارا في الوقت الحالي لإيجاد مسار سياسي ودستوري للخروج من الأزمة، والحل أصبح في إعطاء الكلمة لكل الأطراف الداخلية لإيجاد هذا المسار السياسي والعودة بالبلاد إلى الشرعية".
على النقيض من ذلك، نبّه المحلل السياسي الجزائري إلى أن المشهد الحالي بمالي يؤكد بأن "الوضع يتعقد أكثر فأكثر".
وعلى ضوء ذلك، استبعد الأكاديمي إلياس بوملطة "أن يكون المجلس العسكري الحاكم بمالي قادرا على فرض حل سياسي، ويبدو بأنه يتعرض لضغوط وتأثيرات خارجية معروفة وقوى أخرى دخلت للساحة، والقول بأن المجلس العسكري حر في قراراته أعتقد أنه غير موجود، والوضع يبدو معقد وتأثيرات القوى الدولية واضحة".
وخلص تحليله للسيناريوهات المتوقعة في هذا البلد الأفريقي بالقول إن "اتفاق الجزائر الموقع عام 2015 يبقى أهم حل يجنب مالي أسوأ السيناريوهات".
الطريق الصحيح
إلا أن الأكاديمي الجزائري الدكتور عبد الرزاق صاغور خالف وجهة النظر الأولى، واعتبر تأجيل المؤتمر الوطني في مالي "خطوة جريئة تضمن فك تعقيدات أزمتها".
وفي حديث مع "العين الإخبارية" أشار المحلل السياسي إلى أن "تأجيل المجلس العسكري الذي يحكم مالي للمؤتمر الوطني، يعني استشارته لدولتين لا ثالث لهما، واحدة إقليمية والثانية دولية" دون أن يسميهما.
وأضاف "التأجيل لتوسيع المشاورات مع القوى المحلية المعارضة، والخطوات الأخيرة للمجلس العسكري تهدف لضمان الاستقرار المجتمعي وإيقاف الحرب الأهلية تمهد الطريق لموعد آمن للانتخابات الرئاسية".
ولا يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر بأن تأجيل المؤتمر الوطني سيزيد من تعقيد الأزمة بمالي، مبررا ذلك بأن الوضع "معقد أصلا، ومالي تعيش أزمات متعددة سياسية واقتصادية وأمنية، وتأجيل المؤتمر بإمكانه ضمان توافقات داخلية أكثر".
إلا أنه أكد على أن مالي "تتأثر بالعامل الخارجي أكثر خصوصاً تلك العسكرية المتواجدة بالداخل والتي تتحكم أيضا في القرار ".
aXA6IDMuMTcuNzYuMTc0IA==
جزيرة ام اند امز