"حوار وطني".. هل ينقذ العراق من الانزلاق للهاوية؟
لا جديد حتى الآن في الأزمة السياسية المحتدمة بالعراق منذ أشهر سوى المزيد من المبادرات لتخفيف حدة التصعيد واحتواء تداعيات الأحداث التي باتت تنذر بالصدام.
دفعت التطورات الأخيرة عقب تحرك رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، بحركة احتجاجية بدأها باقتحام أنصاره المنطقة الرئاسية إلى انتقال الأزمة المستعصية من طاولة القوى السياسية إلى ناصية الشارع الجماهيري في ظل تحرك مماثل من "قوى الإطار التنسيقي" حمل ذرائع الدفاع عن شرعية المؤسسات والدستور.
الأحداث دقت ناقوس الخطر بالنسبة للسلم الأهلي، وهددت بدفعه لحافة الهاوية إذا ما استمر الطرفان في التشبث بموقفهما دون تنازل.
وعقب إعلان الصدر عن تأجيل "مليونية" حاشدة باتجاه بغداد كان من المزمع انطلاقها السبت المقبل، تأتي دعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لإطلاق حوار وطني يجمع فرقاء المشهد السياسي دون الكشف عن مضامينها وطبيعتها.
الصدر عزا إرجاء المليونية إلى إشعار آخر، جراء استشعاره بوجود مخططات رامية لضرب السلم الأهلي من "فاسدي السلطة"، سبقها بساعات إطلاق تحذير إزاء قوى داخل الإطار اسماه بـ"الثالوث المشؤوم"، واصفاً إياهم "يلعبوا بالنار".
وسعت العديد من الأطراف المحلية والدولية لتقديم مشاريع حلحلة وتفكيك الأزمة العراقية، إلا أن أغلبها قابلها الصدر بالرفض، مشيرا إلى أن الجلوس مع الخصوم من "الإطار" تجربة فاشلة بحكم الأحداث الماضية.
واستطاع الصدر ما بعد الـ27 من يوليو/تموز الماضي، قلب "السحر على الساحر"، باستخدام الجماهير "الثلث المعطل"، ضد قوى الإطار التنسيقي بعدما كان استخدم ضده و اضطر على إثرها سحب نوابه الـ73 من البرلمان العراقي.
ويدفع الصدر مطالب حل البرلمان والمضي بإجراء انتخابات مبكرة وإصلاح النظام السياسي عبر التظاهرات الاحتجاجية التي عرفت بـ"الحركة الإصلاحية"، يقابلها تقاطع من الإطار الذي يسعى للمضي بتشكيل الحكومة وفقاً لنتائج أكتوبر التشريعية.
المعسكران يسعيان من وراء اعتصامهما المفتوح إلى تحقيق مطالب متناقضة ومتضادة لن تمر إلا على حساب الآخر.
طاولة الكاظمي
وبشان إمكانية أن تأتي الحلول عبر طاولة الكاظمي عقب مبادرة "الحوار الوطني"، يقول المحلل السياسي إياد العنبر، إن "أغلب المحاولات التي تبذل تقوم على إشكاليات، فإما تكون تأتي من معسكر الإطار، وهو الخصم للصدر أو من قبل الحكومة التي عرفت بمناهضتها للسلاح المنفلت، وأطروحتها في تحييد قوى اللادولة".
ويضيف خلال تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن "مشروع الحوار الوطني الذي يعتزم تقديمه أمام أطراف الصراع، مازال غير معروف، وهل يتضمن خارطة طريق لجذور الأزمة الحالية أو طرح فكرة حكومة انتقالية حتى تحقيق الانتخابات المبكرة التي يدعو لها الصدر وبالتالي لا يمكن الحكم على قدرتها، وما تمتلك من إمكانات للدخول من الثغرات الصحيحة للمشهد المرتبك".
ومن جانبه، يرى رئيس مركز "تفكير" السياسي، إحسان الشمري، أن "علينا أن نفهم الأزمة حتى نستطيع وضع التصورات عن حلولها، إذ إن الصراع بين الصدر والإطار هو خلاف جوهري بشأن مشروعين متضادين أحدهما يحمل مشروعاً وطنياً لتجنيب البلاد نسخ المحاصصة السابقة، والآخر يؤمن بشراكة الجميع بما يعرف بالتوافق".
ويوضح خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "جميع المبادرات تحاول نقل طرفا الصراع إلى منطقة وسط قد يقبل بها الإطار، ولكن الصدر يرفض أنصاف الحلول، باعتبار أن تجارب اقتسام السلطة لا تجدي، وبالتالي فإنه من غير المنطقي والمقبول العودة إلى شكل مشابه أو مستنسخ".
وبشأن تطورات الأوضاع إذا ما استمرت الأزمة من حيث انتهت، يرجح الشمري أن " الإطار التنسيقي لن يتوانى إذا ما اضطرت الأمور إلى استخدام سلاح الفصائل المرتبطة به للدفاع عن مكتسباته السياسية التي حملها معه من الحكومات السابقة"
فيما يستبعد العنبر ، فرضية "الصدام المسلح"، بين الصدر والإطار كون أن الطرفين يدركان جيداً أن الوصول إلى تلك النقطة يعني انهيار جميع المكاسب على مستوى التمثيل الجماهيري والسياسي ولن يكون فيها طرف رابح
aXA6IDMuMTUuMjI1LjE3NyA= جزيرة ام اند امز